قالت وكالة "أنباءموسكو" اليوم أنه من الأكيد أن الملايين الذين خرجوا في 25 يناير 2011 وفي 30 يونيو 2013 هي جموع الشعب المصري، وأن المطالب التي رفعت كانت تعبيرا صادقا عن الحاجة للتغيير والانتقال إلى وضع أفضل اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، ولم يكن خروجا من الجيش . واضافت الوكالة ,في مقال لمدير مكتبها في القاهرة أشرف كمال, ان الجيش لم يكن طرفا في بداية الصراع بين الملايين المطالبة بالتغيير وبين مبارك ونظم جماعة الإخوان المسلمين، بل وجد الجيش نفسه داخل المعادلة وكان عليه حسم الموقف ووضع حد للفوضى والعنف والتوتر ومنع سقوط مزيد من الضحايا بين أنصار النظام ومعارضيه. وأضاف المقال يقول : عند تنحي مبارك، تسلم المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد، ولم يكن الأمر آنذاك انقلابا عسكريا على الشرعية، بل كان انتصارا لإرادة الشعب المعتصم في الميادين، وكانت جماعة الإخوان المسلمين أول من بارك الانتقال المؤقت للسلطة وحكم المجلس العسكري للمرحلة الانتقالية.
وفي 30/6 وبعد عام من فشل الإخوان في إدارة الدولة وتفاقم الأزمات الداخلية في ظل عزلة عربية وتراجع الدور المصري، إقليميا ودوليا، وتسخير مؤسسات الدولة لتحقيق مصالح الجماعة وأعضائها لا الدولة ومواطنيها خرجت الملايين من الشعب المصري تطالب برحيل مرسي وإسقاط النظام.
لم يتغير موقف الجيش فكان قراره استمرار الانحياز لإرادة الشعب وتنفيذ مطالبه، ولكن الجماعة لم تكن لتتنازل عن العرش وتتراجع عن مشروعها، وأعلنت استعدادها لقتال كل من يقوض سياستها في هذا الاتجاه.
تدرك القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في بلد الأهرامات حجم ما تمثله سياسة جماعة الإخوان المسلمين، من تهديد لمستقبل الدولة المصرية، وهويتها الحقيقية، فكان الانحياز للملايين التي خرجت إلى الميادين تطالب النظام بالرحيل.
خرجت أعداد فاقت بكل المقاييس تلك التي خرجت على مبارك، فسعت الجماعات الإسلامية الداعمة لنظام الإخوان للترويج على أن ما يجري في مصر انقلاب عسكري وليس استجابة لإرادة الشعب المتظاهر في الميادين.
هناك من يروج لأن معارضة الإخوان المسلمين يأتي في إطار ما يعرف ب "الإسلاموفوبيا"، متجاهلين حضارة وتاريخ مصر فيما يتعلق بحرية العقيدة قبل وبعد دخول الإسم الى أراضيها.
تجاهل هؤلاء أن "الإسلام" أعظم من أن تكون جماعة الإخوان المسلمين هي من تمثل صحيح العقيدة، وأن محاولاتها استغلال الدين في تحقيق مكاسب سياسية ظهرت بوضوح عندما تنازلوا عن كثير من مبادئ الجماعة في سبيل السلطة والنفوذ.
تجاهل هؤلاء أن الجماعة أضعف حتى من الشارع الذي ثار عليها بعد عام واحد من الحكم، وعجزها في الانتصار لحقوق المواطن الباحث عن حرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، حث عليه الإسلام الذي يدعون أنهم يرفعون رايته.
تجاهل هؤلاء ما يقوم به أنصار الجماعات التي نسبت نفسها للإسلام، من أعمال عنف وإرهاب وقتل في كافة المناطق باسم الدفع عن الشريعة والشرعية.
تجاهل هؤلاء حرمة سفك الدماء وجعلها الله أشد حرمة من بيته الحرام، فأين هم من هذه التعاليم السمحة، عندما قالوا إن السلطة والنفوذ دونها الرقاب، أخذوا في قتل وترهيب المواطنين من أجل الحكم الذي فشلوا في إدارته من أجل الوطن والمواطن.
إرادة الشعب تتصدر المشهد في بلد الأهرامات، وأن جميع مؤسسات الدولة مطالبة بتنفيذ إرادة الشعب، لكن الرئيس المعزول وجماعته وأنصاره من الجهاديين لا يسعون إلا لتنفيذ مشروعهم الخاص، وإن كان خصما من حق المصريين الثائرين على سياستهم.
إن ما يجري في مصر ليس صراعا في مواجهة الإسلام، كما يروج البعض، بل وانتفاضة شعبية لتطهير البلاد من تجار الدين، ولا انقلابا عسكريا بقدر ما كان انتصارا لإرادة أمة وشعب له من التاريخ والحضارة تفتخر به أجياله القادمة بعيدا عن الجهل والعنف والإرهاب