اعتبر المحلل الفرنسى جون ماركو أستاذ في معهد الدراسات السياسية في جرونوبل بفرنسا والمتخصص في الشئون التركية أن رد فعل رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان إزاء الاحتجاجات التى تشهدها البلاد، سيسهم فى "تشويه صورته". وقال ماركو فى حديث لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية اليوم الأربعاء ،أن ما تشهده البلاد حاليا "ليس ربيعا تركيا" وإنما "حركات لمواطنين غاضبين وتأتى فى إطار سلسلة من الصراعات الاجتماعية، مثل إضراب العمال في الشركة المملوكة للدولة "تيكال" في عام 2009 أو حركة الاحتجاجات التى شهدتها في الجامعات في عامى 2010 و 2012 . وأضاف "لكن الجديد فى الأمر أن الاحتجاجات الحالية تجرى فى عدد من المدن التركية ،واننا لم نعد فى إطار المطالب الفئوية"..مشيرا إلى أن الاحتجاجات الحالية تعكس القلق الشعبى من تطور "حزب العدالة والتنمية" الحاكم. وتابع "بعد ثلاثة دورات متعاقبة للمجالس التشريعية ، فإن حزب العدالة والتنمية أصبح أكثر قوة" إذ يعتمد على شرعية صناديق الاقتراع لفرض رؤيته على المجتمع بما فى ذلك إصلاح التعليم لصالح المؤسسات الدينية ، ومحاولة للحد من قانون الإجهاض، وتقييد المبيعات على الكحول. وأضاف ماركو ان الأمر الأخطر يتعلق بصياغة الدستور الجديد فى البلاد حيث يحاول حزب العدالة والتنمية العمل على تمرير النص الذى أعده من خلال استفتاء..موضحا أن الدستور الجديد (لتركيا)، الذي يهدف فى المقام الأول إلى تعزيز سيادة القانون، ولكنه يطمح إلى ترسيخ نظام رئاسي فى البلاد وهو ما من شأنه أن يسمح لأردوغان بالبقاء في السلطة حتى عام 2023، خاصة مع وجود المعارضة، الضعيفة والمنقسمة، وبالتالى لا يظهر بديل موثوق به. وأكد المحلل الفرنسى ان الصراع السوري الجارى والخوف من ان يؤدى إلى زعزعة الأوضاع بتركيا دفع الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) إلى الخيارات الدبلوماسية المعلنة في السنوات الأخيرة ، بما في ذلك سياسة المصالحة مع نظام بشار الأسد. وعما إذا كانت الاحتجاجات الحالية تهدد بالفعل حكومة أردوغان وتنذر بتدخل من جانب الجيش التركى.. قال ماركو "لا أعتقد في هذا الوقت أن الوضع خطير بما يكفي لتبرير التدخل من جانب الجيش.. وفيما يتعلق بأردوغان، فإن رد فعله مقلق للغاية حيث انه لم يتخذ تدابيرعلى مستوى الأحداث.. مما أستدعى تدخل الرئيس عبد الله جول الذى قرر سحب الشرطة التي طوقت ساحة تقسيم (إسطنبول).. ثم أن هناك تلك التصريحات الاستفزازية بعض الشيء من جانب رئيس الوزراء التركى..وأخيرا غادر البلاد لجولة في شمال أفريقيا التي يمكن أن ينظر إليها على أنها شكل من أشكال إستهانة بالمحتجين". وردا على سؤال حول ما إذا كانت الاحتجاجات الحالية ستؤثر على صورة "النموذج التركى"..أكد المحلل الفرنسى أن هناك خصوصية لتركيا، التي عاشت حوالي قرن من الزمان في ظل القانون العلماني "ففي تركيا، لم يكن هناك مناقشة حول تطبيق الشريعة كما هو الحال في تونس ومصر وليبيا".