توقع مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولى، عدم تعافي بلدان الربيع العربى "تونس ومصر وليبيا واليمن" اقتصادياً خلال عام 2013 والذى يكفى لتوليد فرص العمل اللازمة التى تكفل معالجة مشكلة البطالة بفاعلية وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين. وأرجع مسعود ذلك الى استمرار الصراعات السياسية وعدم وجود رؤية اقتصادية مستقبلية ذات فاعلية، بالإضافة إلى أن الصراعات الدموية فى سوريا ستؤدى إلى أزمة إنسانية تلقى بظلالها على البلدان المجاورة خاصة الأردن ولبنان. وأكد فى مقاله بمجلة التنمية التى تصدر عن صندوق النقد الدولي أنه يجب على واضعى السياسات أن يتخذوا خطوات استباقية لتغيير النظم الاقتصادية الموجودة لتحقيق نتائج سريعة ترضى الشعوب كفرص عمل جديدة وارتفاع مستويات الدخل وتحسن الأوضاع الاجتماعية، مشيراً إلى أن دول التحول العربى تفتقر إلى نموذج كنموذج الاتحاد الأوروبى لتحقيق التكامل الاقتصادى. وأشار إلى أن هناك حاجة لتحويل النظام الاقتصادى من نموذج "الكسب الريعى" الذى لا يمثل قيمة مضافة للاقتصاد إلى نظام يرسى القيم الاقتصادية ويوفر فرص العمل ويحسن الأوضاع المعيشية للمواطنين. واستطرد مدير إدارة الشرق الأوسط "فى وسع المجتمع الدولى أن يمد يد العون لتلك الدول بتوفير التمويل وتقديم المشورة على مستوى السياسات وزيادة انفتاح الأسواق أمام صادرات المنطقة فتعهدت المؤسسات المالية الدولية بتوفير 18.5 مليار دولار منذ بدء مرحلة التحول، بالإضافة إلى تعهد صندوق النقد الدولى بتوفير 8 مليار دولار لدعم البرامج الاقتصادية الوطنية فى الأردن والمغرب واليمن كما يجرى مناقشات حول تقديم الدعم المالى لكل من مصر وتونس" وقال مسعود أحمد أن زيادة التكامل التجارى بين تلك البلدان وعلى مستوى العالم أمر ضرورى لإطلاق الإصلاحات الاقتصادية، وكذلك إصلاح تنظيم الأعمال والحوكمة لضمان الشفافية والمساواة فى التعامل مع الشركات، مشيراً إلى ضرورة إزالة المعوقات لتحقيق التكامل الاقتصادى ومنها ارتفاع التعريفات الجمركية وزيادة تحرير الحواجز الجمركية وتنويع تجارتها بالتوجه نحو الأسواق الصاعدة سريعة النمو، والذي من شأنه أن يساعد دول التحول العربى على الإندماج فى سلسلة العرض العالمية. وأوضح أن تيسير تنظيم الأعمال ضرورى فعلى سبيل المثال مصر لديها 36 ألف لائحة لتنظيم الأعمال تتداخل في كثير من الأحيان وتؤثر على القطاع الخاص مما يؤدى إلى تعقيد إنشاء الأعمال الجديدة وإدارتها، كما تأتى معظم بلدان المنطقة فى مراتب متأخرة فيما يتعلق بمستوى الحوكمة على الصعيد العالمى. وطالب مدير صندوق النقد الدولى بالشرق الأوسط أن تعمل تلك الدول على تحسين القواعد المنظمة للأعمال ورفع مستوى الحوكمة والتخلص من الحواجز المعرقلة وضمان استنادها إلى قواعد واضحة وشفافة للمساهمة فى الحد من البطالة التى تتراوح بين 18% و30% فى مصر والأردن والمغرب وتونس، ذلك بالإضافة إلى إعادة النظر فى ممارسات التعيين وسياسات المكافات فى القطاع العام للحد من هيمنة القطاع العام على سوق العمل والتحيز نحوه. وفى نفس السياق أشار الي أن 10% فقط من شركات الشرق الاوسط تحصل على تمويل عن طريق البنوك، ويرى 36% منهم أن الحصول على تمويل يمثل قيداً رئيسياً وعليه يجب أن يدخل فرص الحصول على تمويل ضمن أولويات صناع السياسات الساعين إلى رفع معدلات النمو وزيادة فرص العمل فزيادة نسبة التمويل بمنطقة الشرق الأوسط ليقترب من المتوسط العالمى يمكن أن يزيد حصة الفرد من نمو إجمالى الناتج المحلى بمقدار 0.3% ليصل إلى 0.9% . هذا بالإضافة الي أن زيادة الإنفاق الحكومى فى بلدان التحول العربى مدفوع بارتفاع فاتورة الأجر والدعم بسبب الضغوط الاجتماعية وذلك على حساب النفقات الرأسمالية بما ينبئ بأفاق سلبية نحو نمو تلك البلدان حيث تؤدى تلك السياسات إلى ارتفاع عجز الموازنة والدين وبالتالى زيادة المخاطر، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولى إلى أن الدعم غير الموجه للمستحقين يكلف موازنات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى الوقت الحاضر حوالى 8% من إجمالى الناتج المحلى. ولذلك يمكن لبلدان مصر والأردن واليمن زيادة إيراداتها من خلال الضرائب المباشرة كتلك التى تفرض على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية وهى الآن أقل من مستوى المتوسط فى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية للمساهمة فى خدمة المالية العامة وتقليل النفقات الحكومية