من أسرة واحدة.. إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة ملاكي بالإسماعيلية    التمثيل العمالي بجدة يبحث مطالب 250 عاملًا مصريًا بشركة مقاولات    إعلام غزة الحكومى: 44% من الشهداء فى مناطق يدعى الاحتلال أنها "إنسانية آمنة"    الهولندي أرت لانجيلير مديرًا فنيًّا لقطاع الناشئين في الأهلي    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    بعد سرقتها وصهرها وبيعها للصاغة.. 5 معلومات عن إسورة الملك أمنمؤوبي    ما حكم تبديل سلعة بسلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    مصر والسودان تبحثان تنفيذ المرحلة الثانية من خط الربط الكهربائي    مذكرة تفاهم مصرية يابانية لتصنيع محطات إنتاج المياه من الهواء    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    إقامة 21 معرض «أهلا مدارس» في المنوفية.. وحملات رقابية لضبط المخالفات (تفاصيل)    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    نائب محافظ الجيزة يلتقى مستثمرى المنطقة الصناعية لبحث المشاكل والتحديات    توزيع 100 شنطة مدرسية لذوي الهمم بالأقصر    النائب محمد أبو النصر: زيارة ملك إسبانيا تمثل دفعة قوية للاستثمار والسياحة في مصر    رغم الحرب والحصار.. فلسطين تطلق رؤيتها نحو المستقبل 2050    دخول 103 شاحنات مساعدات عبر معبر رفح البري لإغاثة أهالي قطاع غزة    موعد بدء الدراسة بجامعة عين شمس الأهلية    الخطيب يحدد ملامح قائمته حال الترشح في انتخابات الأهلي    الإسبانى أوسكار مديرًا فنيًا لسلة للاتحاد السكندرى    مشاهدة مباراة برشلونة ونيوكاسل يونايتد اليوم في دوري أبطال أوروبا عبر القنوات الناقلة    ليس صلاح.. كيليان مبابي يتوقع الفائز بجائزة الكرة الذهبية    المقاولون العرب يكشف عن هوية المدرب المؤقت بعد رحيل محمد مكي    إدارة الصف التعليمية: أنهينا كافة أعمال الصيانة ومستعدون لاستقبال العام الدراسي الجديد    ضبط 280 كيلو لحوم فاسدة بأختام مزوّرة في حملة للطب البيطري بسوهاج    تجديد حبس البلوجر أم سجدة 45 يوما في اتهامها بغسل أموال متحصلة من محتوى خادش    أمطار ورياح.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس غدا: «اتخذوا كافة التدابير»    تأجيل نظر تجديد حبس "علياء قمرون" بتهمة خدش الحياء العام ل 20 سبتمبر    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    قبل انتخابات النواب.. الهيئة الوطنية تتيح خدمة مجانية للاستعلام عن الناخبين    الكشف عن ميناء أثري مغمور بالمياه في الإسكندرية    ماستر كلاس للناقد السينمائي رامي عبد الرازق ضمن فعاليات مهرجان ميدفست مصر    هدى المفتي تخطف الأنظار بإطلالة مختلفة من كواليس إعلانها الجديد    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    جامعة أسيوط تجدد تعاونها مع الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية في المجالات الأكاديمية والبحثية    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    هل تواجد امرأة في بلكونة المسجد وقت العذر الشرعي يُعتبر جلوسا داخله؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ البحيرة: افتتاح 5 مشروعات طبية جديدة بتكلفة 84 مليون جنيه تزامنا مع العيد القومي للمحافظة    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    سرقتها أخصائية ترميم.. الداخلية تتمكن من ضبط مرتكبى واقعة سرقة أسورة ذهبية من المتحف المصرى    هل اقترب موعد زفافها؟.. إيناس الدغيدي وعريسها المنتظر يشعلان مواقع التواصل    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    ملك إسبانيا في الأقصر.. ننشر جدول الزيارة الكامل    سرداب دشنا.. صور جديدة من مكان التنقيب عن الآثار داخل مكتب صحة بقنا    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    «أنتي بليوشن» تعتزم إنشاء مشروع لمعالجة المخلفات البحرية بإستثمارات 150 مليون دولار    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    مفوضية اللاجئين ترحب بخارطة طريق لحل أزمة السويداء وتؤكد دعم النازحين    الاحتلال الاسرائيلى يقتحم عدة مناطق فى محافظة بيت لحم    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة طب الأسرة ومركز تنمية الأسرة بقرية بخانس بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دموع ودموع
نشر في أموال الغد يوم 06 - 03 - 2013

جرت أمامى مقارنة بين دموع ذرفها عمدة لندن وهو يودع اوليمبياد 2012 وبين دموع انهمرت من عينى أحد كبار مستشارى رئيس جمهورية مصر بعد «إعفائه» من وظيفته فى قصر الرئاسة.
هذه دموع وتلك دموع وشتان الفرق، ولكنها تجتمع فى أن كليهما أثر فينا وإن اختلف نوع التأثير واختلف الأثر الذى تخلف فى نفوس مشاهدى الحدثين.
يقولون إن الدموع إحدى نقاط ضعفى، كما هى نقطة ضعف كثيرين غيرى. عشت سنوات أعتقد أن دمعة فى عين طفل شهادة صدق على أوجاع أو جوع أو حرمان من حنان، وأن دمعة فى عين امرأة ترفض أن تنزل إلى خدها تعبير صامت وناعم عن شعور بالندم أو الحب أو الظلم، وأن دمعة فى عين رجل سمح بأن يراها آخرون وصمة انسحاق أو علامة يأس أو دليل «فلتان» مشاعر.
تغيرت الأزمان ومع تغيرها تغيرت النظرة إلى الدموع. يقال الآن إن عينى الانسان المعاصر أقل إدرارا للدموع من عينى إنسان القرون الماضية، فإنسان هذه الأيام صار أقل استعدادا للاستسلام لعواطفه. الناس لم تعد تحزن كما كانت تحزن. ولم تعد تفرح كما كانت تفرح. ولم تعد تحب كما كانت تحب. قيل أيضا إن التغيرات البيئية جففت المآقى أو جعلتها تذرف دموعا ليست كالدموع. نرى عيونا دامعة وخدودا مبتلة لم تفلح فى جلب تعاطف أو تشاطر.
لم أعش ثورات كبيرة قبل ثورة ربيع مصر. عشت انتفاضات فى شيلى والأرجنتين، وعشت وسط موجات جوع فتاك وفقر مدقع وقسوة رهيبة فى الصين، وعشت حربا أهلية فى لبنان. رأيت فيها جميعا دموعا غزيرة، ومع ذلك كانت الدموع التى ذرفها مصريون فى ثورتهم الراهنة أكثر كثيرا.
تعددت دوافع البكاء فى ثورتنا مع تكاثر الجنازات ومحاولات التحرش وعمليات السحل وتجارب التعرية وحكايات الخطف. كلها ما زالت أسبابا مشروعة للبكاء. لم يكن ينقصنا بكاء سعادة المستشار فلا سبب مشروع لبكائه ولا قضية نحزن بسببها ولا خسارة نأسف عليها. تركوه يبكى ولم يأبه به أحد رغم مكانته التى أهلته للانضمام إلى شرائح الصفوة السياسية الجديدة فى مصر. لم يتقدم أحد ليجفف له دموعه أو يذرف دمعة واحدة تعاطفا معه أو مجاملة. استمر يبكى ناسيا أو غير مصدق أنه القدوة التى يجب أن يتمثلها الجيل الصاعد.
لم يستحسن بعض الانجليز مشهد عمدة العاصمة وهو يذرف الدموع مودعا الحفل الأوليمبى والرياضيين وبخاصة الرياضيون من ذوى الحاجات الخاصة. مازال أفراد فى الشعب البريطانى يتمسكون بأخلاقيات أواخر القرن التاسع عشر حين كان من غير الجائز أن يذرف الإنسان رجلا كان أم امرأة دموعا أمام الناس. اعتقدوا فى ذلك الحين أن الانسان المتحضر لا يذرف الدموع إلا فى حالتين: الشعور بالعار أو الشعور بالقرف. كانوا يربون النشء على قاعدة أن أى شخص فوق الثامنة من عمره يجب أن يتعلم كيف يتجنب البكاء أمام الناس. ظنى كظن آخرين هو أنهم كانوا يعتبرون الدموع إفرازا كإفرازات الجسم الأخرى التى لا يصح أن تخرج من الجسم امام الملأ. أظن أيضا أن لفرويد وجماعته تأثيرا كبيرا على ربط الدموع بأمور كان أهل ذلك العصر ينأون بأنفسهم عن الحديث فيها، ومن هذه الأمور أن الدموع خلاصة عواطف مكبوتة منذ وقت طويل.
أغرب ما قرأت عن الدموع رأى يرفض الزعم بأن الناس تدمع عيناها فى حالة فرح غامر وسعادة كبيرة. يعتقد صاحب هذا الرأى ويتفق معه تيار عريض أن الدمع قرين الحزن. وإذا دمعت العينان فى لحظة فرح فهما لحزن ولّى أو لحزن قادم. هذا الرأى نفسه ينطبق على دموع الحب، بمعنى أن الإنسان إنما تدمع عيناه لحظة أن يشعر أنه على وشك أن يفقد أنانيته ووحدانيته وحبه لنفسه ويستسلم لصحبة أو عشق شخص آخر.
تستحق الدموع معاملة أفضل. هناك بالتأكيد من يسىء لها ولوظائفها ويشوه سمعتها، ولدينا النموذج فى شخص السيد مستشار رئاسة الجمهورية. ولكن هناك أيضا من يعتبرها اللغة الوحيدة التى يمكن أن يتعامل بها كل البشر. وهناك من لا يعرف أنها بلسم يشفى جروحا عاطفية، ويغسل بقايا الندم والشعور بالذنب أو الإثم فيجدد طاقة الفرد على العطاء والتضحية والحب. وهناك أيضا أطباء ينصحون بذرف الدموع كعلاج لانتكاسات نفسية وعصبية ولاستعادة صفاء الذهن واتزان السلوك.
دموع عمدة لندن تكريم لذات تستحق التكريم وتعبير عن إعزاز للمدينة التى تحملت عبء وتكلفة الأوليمبياد. أما دموع سعادة المستشار المصرى فإهانة لذات استدعت الاهانة، وتعبير عن استخفاف بالجهة التى اختارته عضوا فيها وقائدا، وتقزيم للجهة التى جندته ليخدم فيها، وإساءة للعقيدة السامية التى يحمل مسئولية الدعوة فيها وإليها.
المصدر الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.