تبدأ اليوم زيارة كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي للقاهرة، حيث تراس جولة جديدة من المشاورات مع الحكومة حول اتفاق مع الصندوق تحصل بموجبه مصر علي قرض بقيمة 3.2 مليار دولار بسعر فائدة 1.1 %، ويتم إتاحة قيمة القرض علي 3 دفعات، بحيث يتم تحويل الدفعة الأولي فور مصادقة مجلس المديرين التنفيذيين للصندوق علي الاتفاق. أكد ممتاز السعيد وزير المالية في تصريحات خاصة ل "الأهرام"، ان زيارة لاجارد سياسية بالدرجة الاولي حيث ستعقد جلسة مباحثات غدا مع الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء ومع المجموعة الوزارية الاقتصادية، وذلك لمناقشة واستعراض البرنامج الإصلاحي الاقتصادي والاجتماعي والذي أعدته الحكومة، مشيرا إلي ان بعثة من الخبراء الفنيين للصندوق ستزور القاهرة نهاية الشهر الحالي بدعوة من الحكومة المصرية وذلك لاستكمال المشاورات حول البرنامج. وأوضح الوزير أن البرنامج الاصلاحي مصري مائة في المائة وهو لم يشهد أي تغير منذ اعداده وحتي الان، مؤكدا ان بعض بنوده يتم تطبيقها بالفعل مثل زيادة عدد الاسر المستفيدة من شبكة الضمان الاجتماعي بنحو نصف مليون اسرة مع رفع قيمة معاش الضمان لنحو 300 جنيه. وكشف الوزير عن اعداد الحكومة عددا من الآليات والاجراءات والاساليب الجديدة لتوصيل الدعم، مشددا علي ان تلك الاجراءات لن تمس محدودي الدخل حيث انها تستهدف ضمان وصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين. وبالنسبة لتأثير القرض علي معدلات الدين العام اكد الوزير ان نسبة الدين الخارجي للناتج المحلي الاجمالي تصل حاليا الي 12% فقط، وهي نسبة جيدة للغاية وحتي لو تم رفعها الي 30% ستبقي في حدود الامان، مشيرا الي ان الحكومة تستهدف من الاتجاه للاقتراض الخارجي تخفيف الضغط علي السيولة المحلية في ظل زيادة الاقتراض المحلي حيث سجل صافي الدين المحلي نحو 924.9 مليار جنيه تمثل نسبة 59.8% من الناتج المحلي الاجمالي طبقا لارقام مارس الماضي بارتفاع3 نقاط عن مارس 2011. وقال الوزيران من الاسباب ايضا تهدئة اسعار الفائدة علي اذون وسندات الخزانة والتي شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال الشهور العشرين الماضية لترتفع من 11.5% نهاية 2011/2010 إلي 16.21% طبقا لأرقام الخميس الماضي. لاشك أن مصر في حاجة ملحة لتوقيع الاتفاق مع الصندوق ليس لمجرد الحصول علي قيمة القرض والتي سيتقدم رسميا وزير المالية بطلب لرفعها الي4.6 مليار دولار وانما لان الاقتصاد المصري عاني طوال الفترة الماضية من الكثير من الصعوبات والضغوط التي قد تلحق به مشكلة في هيكله اذا استمرت الامور كما هي فباستثناء تحويلات المصريين العاملين بالخارج، فان كل مصادر العملة الصعبة لمصر شهدت تراجعا فمثلا لا توجد استثمارات جديدة، كما ان عوائد السياحة لم تصل لمستوياتها قبل الثورة حتي الآن، بجانب تسجيل الصادرات الصناعية تراجعا في قيمتها لاول مرة منذ عام. وطبقا لآخر ارقام متاحة عن وضع المالية العامة فان قيمة عجز الموازنة العامة للعام المالي2012/2011 والذي انتهي من سبعة اسابيع، ارتفع من 98 مليارا في عام 2011/2010 الي نحو 134.5 مليارا تمثل 9.8% من الناتج المحلي الاجمالي لمصر، كما ان عجز الموازنة الاولي قبل خصم فوائد القروض العامة ارتفع ايضا بنسبة1.5 نقطة مسجلا 3.6%. وياتي هذا العجز المتزايد نتيجة لتراجع الايرادات غير الضريبية والتي تأتي اساسا من عوائد ملكية الدولة والمنح حيث تراجعت بنسبة 25%، مسجلة 76.3 مليار جنيه مقابل 189 مليار جنيه ايرادات ضريبية بزيادة 12.7% وهو ما خفف من التراجع في اجمالي الايرادات العامة والتي سجلت265.3 مليار جنيه بنسبة تراجع1.1% فقط. هذه الارقام توضح أن مصر تدخل مفاوضات الصندوق وهي اكثر استقرارا سياسيا واقتصاديا عن الفترة السابقة والتي شهدت ثلاث جولات سابقة ايام حكومات عصام شرف الاولي والثانية ود.كمال الجنزوري، وذلك نظرا للتطورات السياسية الاخيرة، فلاول مرة منذ يناير2011 توجد في مصر حكومة مستقرة ورئيس مدني منتخب، ورغم غياب مجلس الشعب والذي كان يتيح فرصة معرفة موقف القوي السياسية الحقيقي من خلال التصويت علي الاتفاق، الا ان وجود مجلس الشوري قد يعوض هذا الغياب، ولذا نامل ان تكون الجولة الرابعة من المفاوضات مع حكومة د.هشام قنديل هي الحاسمة لانهاء هذا الملف، حتي نبدأ بالفعل مرحلة بناء الاقتصاد المصري وانطلاقه كواحد من اقتصادات الموجة الثانية للاقتصاديات الناشئة. المصدر: الأهرام المصرية