في خطوة نادرة هددت إدارة للرقابة المصرفية في ولاية نيويورك بإلغاء رخصة العمل المصرفي لبنك «ستاندرد تشارترد» البريطاني قائلة انه «مؤسسة مارقة» أخفت معاملات تتصل بايران تزيد قيمتها على 250 مليار دولار منتهكة القوانين الأميركية. وقال المشرف على ادارة الخدمات المالية في الولاية بنجامين لاوسكي إن أفعال البنك «تركت النظام المالي الأميركي عرضة للارهابيين وتجار السلاح والمخدرات والانظمة الفاسدة وحجبت عن محققي وكالات انفاذ القانون معلومات حيوية تستخدم لتتبع كل أشكال النشاط الاجرامي». ولم يصدر عن الخزانة الفيديرالية الاميركية اي رد فعل حتى الان. واوضحت دائرة الخدمات المالية بولاية نيويورك انها تستند في اتهاماتها الى «اكثر من ثلاثين الف صفحة من الوثائق بما فيها رسائل الكترونية داخلية في البنك تصف مخالفات متعمدة للقانون تستوجب الادانة». وطلب من ادارة المصرف ان توضح بحلول 15 أغسطس «هذه المخالفات الظاهرة لتبرر وجوب عدم ابطال اجازة استثمارها في ولاية نيويورك». واوضحت الهيئة المالية انه «بين يناير 2001 وحتى 2007، تآمر (ستاندرد تشارترد) مع حكومة لتمرير نحو ستين الف عملية دفع مختلفة بالدولار خلسة عبر فرعه النيويوركي بعدما حذف المعلومات من خطابات التحويل التي تسمح بمعرفة البلدان والكيانات والافراد المشمولين بالعقوبات وتتعلق بنحو 250 مليار دولار». وشملت المعاملات بشكل اساسي عمليات تحويل بالدولار تعود الى مصارف تملكها الدولة الايرانية بما فيها مصرفها المركزي وتخضع لمراقبة حكومة اميركية صارمة لمنع التمويل عن برنامج ايران النووي المثير للجدل. وافادت الهيئة الاميركية ان ستاندارد تشارترد زور تقارير معاملات ومنع الاشراف عليها «في محاولته الجلية لجني مئات الملايين من الدولارات باي ثمن كان». واذا تقرر الغاء رخصة عمل ستاندرد تشارترد في الولاية فسوف يكون ذلك ضربة مدمرة لبنك أجنبي اذ انه سيحول دون وصوله المباشر الى السوق المصرفية الأميركية. وقالت ادارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك ان «ستاندرد تشارترد» يقوم بمباشرة تعاملات بقيمة 190 مليار دولار يوميا لحساب عملاء في العالم. وقال «ستاندرد تشارترد» في بيان انه «يرفض بقوة» طريقة تصوير الهيئة الاميركية افعاله مشددا على تعاونه وانفتاحه مع هيئات التنظيم الاميركية المحلية والفيديرالية واكدت المجموعة البريطانية ان «ستاندارد تشارترد اوقف جميع اعماله الجديدة مع زبائن ايرانيين باي عملة كانت قبل خمس سنوات»، مشيرة الى انها «قدمت عروضا مختلفة لهيئة الضبط ووكالات اميركية اخرى تؤكد متانة احترامها لبرنامج العقوبات الدولية في الفترة المعنية وحتى اليوم». وتابعت «لذلك فوجئنا بتلقي هذا الامر من هيئة الضبط المالي الأميركية لان المحادثات مع الوكالات متواصلة. وننوي مناقشة هذه المسائل معها والطعن في موقفها». وقال متحدث باسم ستاندرد تشارترد ان البنك «يجري مراجعة لالتزامه التاريخي بالعقوبات الأميركية ويناقش هذه المراجعة مع وكالات انفاذ القانون والجهات الرقابية الأميركية. ولا يمكن للمجموعة أن تتنبأ متى ستكتمل هذه المراجعة وهذه المناقشات أو بما ستسفر عنه». وقال البنك انه اطلع الهيئات الأميركية المختصة على تحليل أظهر انه «حرص على الاذعان وأذعن الى حد كبير» للقوانين الأميركية. وذهب «ستاندرد تشارترد» الى تقدير ان المعاملات التي لم تلتزم بتلك القوانين تقل قيمتها عن 14 مليون دولار. وذكرت الهيئة خصوصا رسالة الكترونية لاحد كوادر ادارة المصرف جاء فيها «...من تظنون انفسكم انتم الاميركيين لتقولوا لنا ولبقية العالم بوجوب عدم التعامل مع ايرانيين؟». واعرب جوشوا ريموند المحلل لدى سيتي اندكس عن اسفه لما اعتبره «كارثة اخرى في العلاقات العامة بالنسبة الى مجموعة المصارف العالمية». واضاف ريموند ان «هذا الامر يشكل تهديدا وشيكا لستاندرد تشارترد الذي تمتع على الدوام بسمعة هي من الافضل، ولقدرته على ان يكون في صلب النشاط المالي الاميركي في نيويورك». وبدأ البنك بمواجهة التداعيات سريعاً، ففتحت أسهم ستاندرد تشارترد منخفضة أكثر من 12 في المئة أمس. وفي هونغ كونغ هبط السهم أمس 7 في المئة الى 175 دولار هونغ كونغ واصبح مهيأ لتسجيل أكبر هبوط له في يوم واحد منذ نوفمبر عام 2009. وخفضت مؤسسة نوميورا هولدنجز تصنيفها لسهم البنك الى «محايد» من «التوصية بالشراء» قائلة انه يوجد «خطر مادي كبير» من جراء مزاعم ادارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك. وارتفعت تكلفة التأمين على ديون البنك من خطر التخلف عن السداد لمدة خمس سنوات 20 نقطة أساس لتسجل أعلى مستوياتها في ستة أشهر ونصف الشهر. وأظهرت بيانات من مؤسسة ماركت أن تكلفة التأمين على ديون البنك بلغت 165 نقطة أساس وهو أعلى مستوى لها منذ منتصف يناير 2012. المصدر: الرأي الكويتية