تحت عنوان "دعوة للتوافق الوطني" أطلق الازهر الشريف مبادرة جديدة للتوافق الوطني حول مقترحات استرشادية تتضمن معايير ملائمة لتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، توضع بين يدي الهيئة البرلمانية المنتخبة لمجلسي الشعب والشورى للاسترشاد بها، انطلاقًا من مبدأ الجمع بين تمثيل مختلف فئات الشعب من ناحية، وتحقيق أقصى درجة من الإفادة من الكفاءات الوطنية، واحترام النصوص الدستورية في الوقت نفسه. وجاءت مبادرة الأزهر بعد لقاءات عديدة مع رموز من الأحزاب والقوي السياسية والتيارات الفكرية خلال الأسبوع الماضي والتي اختتمت أمس بلقاء بين الطيب وقيادات الدعوة السلفية. أعلن الأزهر في بيان صدر اليوم إن اللحظة الراهنة فارقة في مسار العمل الوطني، وتتطلب أعلى درجة من التوافق لمواجهة التحديات المطروحة، مما يقتضى تنازل جميع الفرقاء عن جانب كبير من تحيزاتهم ومصالحهم ورؤاهم، حتى يلتقوا في منتصف الطريق، وينجحوا جميعًا في تحقيق أهداف الثورة النبيلة، في العيش المشترك والعدل الاجتماعي والحرية والكرامة، ويتمكنوا من صناعة مستقبلهم على أساس متين دون إحباط أو إخفاق. وأكد شيخ الأزهر أن التوافق المنشود يتطلب الاحتكام لما استقر في الأعراف الدستورية في التجربة الحضارية المصرية والبناء عليه دون نكوص أو تراجع لاجتياز هذه المرحلة بسلام، والنجاح في إقامة مؤسسات الدولة كلها واستكمال بنائها، وتحقيق أهداف الثورة مطالبا كافة القوى والتيارات والأحزاب بالتجاوب مع هذه المبادرة. وأوضح البيان أن تلك المبادرة تأتي استجابة لتطلعات المصريين في هذه المرحلة الدقيقة، ومناشدتهم الأزهر الشريف لمواصلة سعيه الحثيث نحو التوافق الوطني، والوصول إلى كلمة سواء في الشأن العام، تلتقي حولها القلوب، وتطمئن إليها العقول. وكشف البيان أن تلك المبادرة جاءت تتويجا لاجتماعات ولقاءات متواصلة بمشيخة الأزهر بين نخبة من كبار علماء الأزهر وبعض المثقفين المشاركين لهم، تم خلالها تدارس الموقف الراهن من كل جوانبه، وما تمليه الضرورة من احتكام جميع الفرقاء للعقل، وتغليب الصالح العام، واستلهام منطق الوسطية والتسامح والمحبة في تراثهم الديني وثقافتهم الحضارية، وتقاليد العيش المشترك الودود فيما بينهم، وإعمالاً لما أنجزه الأزهر والمثقفون من وثائق استرشادية، ارتضاها الجميع ووجدوا فيها بغيتهم، وظفرت باحترام وتقدير القاصي والداني، استجابة لذلك كله اتفق المجتمعون على مناشدة المسؤولين وعقلاء الأمة بضرورة التأكيد العملي على سيادة الحق والقانون، وخضوع المواطنين كافة لأحكامه، والامتثال لأوامره ونواهيه، باعتبارها مناط الاستقرار، ودعامة الحل للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعدم التهاون في تطبيقه على الجميع، حفاظًا على هيبة الدولة، وإقرار العدل، وتعزيز التكافؤ وحق المواطنة وضمانًا لتقدم المجتمع نحو التحقيق الأمثل للتحول للديمقراطية المنضبطة بسيادة القانون . كما طالب البيان بالاحتكام في هذا المسار القانوني للقضاء المصري الرصين ذي التاريخ المشرف العريق، في كل القضايا والتقلبات، مع الحرص الكامل على مراعاة استقلال القضاء ونزاهته، والحفاظ على هيبته، وتجنب ما يؤدى إلى زعزعة الثقة به، أو النيل من مكانته، تأكيدًا لدوره التاريخي في بناء الدولة المصرية الحديثة، وصيانة مؤسساتها، وتطبيق منظومات القوانين العادلة فيها على الحكام والمحكومين معا؛ الأمر الذي يوجب على جميع السلطات توفير مناخ الأمن والطمأنينة للقضاء، لكي يباشر مهامه دون ضغط من مسئول أو ترويع من الجماهير، لكي تتم ممارسة جميع درجات التقاضي الضامنة للعدل بسلاسة وسرعة، وتصبح عنوانا للحقيقية كما هو الشأن فيها دائما.