باتت العلاقة بين القاهرة وتل أبيب على صفيح ساخن بعد جملة المتغيرات التي أحدثتها الثورة في مصر، وبعد سقوط نظام مبارك الذي كان يعد داعمًا للسلام في المنطقة، واستمر على سياسة سابقه الرئيس الأسبق محمدأنور السادات، في التطبيع مع اسرائيل، وفقًأ لاتفاقية كامب ديفيد للسلام بين البلدين.. إلا أن الثورة في مصر جاءت كي تؤكد ضمنًا على أن إسرائيل هي العدو التاريخي لمصر والعرب، ولا يجب أن يكون هناك نوعًا من التطبيع معها، عبر تصدير الغاز وما إلى ذلك.. وعلى الرغم من كون قضية التطبيع اختلف حولها الكثيرون إلا أن الساحة السياسية في كل من البلدين تتخم بالمناقشات الحادة حول مستقبل العلاقة بين كل من مصر وإسرائيل. يرى الجانب الإسرائيلي أن مصر ارتكبت أربعة أخطاء تهدد استمرار عملية السلام بين البلدين، أولهما إشكالية تصدير الغاز، وما أثير حول هذا الملف من لغط كبير على الصعيد الدولي، فبعد أن قامت مصر برفع أسعار تصدير الغاز للأردن بات الترف نفسه يتجه لاسرائيل، التي لوحت بكارت اللجوي إلى "التحكيم الدولي"، نظرًا لما أسمته ب "مخالفات مصر" في العقود والاتفاقيات المبرمة بين البلدين، أما الخطأ الثاني الذي يظنه الاسرائيليون هو بدء مصر ب "حرب الجواسيس"، بعد قضية الجاسوس الاسرائيلي "إيلان" والذي أصبح كالقشة التي قسمت ظهر البعير في العلاقة بين البلدين، أما التصرف الثالث الذي أزعج العدو الاسرائيلي هو تبني مصر المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، وأخيرًا قيام مصر بفتح معبر رفح، الأمر الذي رآه الجانب الاسرائيلي على أنه تحد واضح، وتغيرًا جوهريًا في السياسة التي كانت تتبعها مصر في التعامل معها. كلا ذلك فضلا عن أحداث الحدود التي بدأتها اسرائيل ورفض وزير دفاعها الإعتذار لمصر. ومن منطلق ذلك، تبنت إسرائيل جملة من التصريحات ال "مستفزة" التي تهدف للمناوشات مع الجانب المصري، بدأتها بتصريح النائب العمالي الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر للصحف الاسرائيلية الذي قال فيه أن اعتقال المواطن الإسرائيلي "إيلان جرابيل" في القاهرة بحجة قيامه بالتجسس لصالح إسرائيل هو "عمل يليق بالهواة"، هدفه الإثبات للشعب في مصر بأن السلطات المصرية لا تزال تعمل على ضمان أمن الدولة. ومن ناحيته طالب المتشدد اليميني حاييم بن بتساح الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو بضرورة إلغاء اتفاقية كامب ديفيد ووقف أي مظهر من مظاهر السلام مع مصر. وكان موقع "نيوز وان" الاخباري الاسرائيلي، قد ذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن إسرائيل لن تستطيع ضبط نفسها إلى ما لا نهاية، وأنها قد تلجأ إلى حلول وصفها ب "الدراماتيكية" منها إعادة احتلال سيناء إذا اقتضت الضرورة ذلك. وأكدت أن نتنياهو اتصل هاتفيا بالرئيس الأميركي باراك أوباما بداية الأسبوع الحالي، وأبلغه رفض إسرائيل المطلق أن تكون مصر "في مهب الريح"، مهددا بإعادة احتلال سيناء ضمن حلول أعدتها إسرائيل للتعامل مع الموقف إذا لم تتوصل الحكومة الأميركية إلى حل يعيد الأمور إلى نصابها. وقال نتنياهو أن السلام مع مصر ليس كنزا إستراتيجيا، ولكنه شوكة في حلق إسرائيل، فمصر بعد الثورة تقود اتفاق المصالحة بين الفلسطينيين وتفتح معبر رفح أمامهم ومازالت الأنفاق تنقل السلاح إلى حركة حماس في غزة. وكانت القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي نقلت تصريحات لمسؤول رفيع بالحكومة الإسرائيلية الشهر الماضي، قال فيها بلهجة تهديد للقاهرة "إن أمن إسرائيل القومي والإستراتيجي خط أحمر، ولن تسمح تل أبيب لأي أحد أن يمسه"، مضيفا أن فتح معبر رفح سيزيد من الخطر الكبير على أمن تل أبيب الإستراتيجي، وأن سياسة مصر الخارجية الجديدة من الممكن أن تؤدى إلى تأزم العلاقات المصرية الإسرائيلية، والوصول بها إلى حالة «سيئة» للغاية، لافتا إلى أن تلك التغيرات جعلت الولاياتالمتحدة الأميركية تشعر بالقلق أيضا. وعلى الصعيد المصري فإن التغيرات التي تشهدها الخريطة السياسية سوف تلقي حتمًا بظلالها على طبيعة العلاقة بين الجانبين المصري و الاسرائيلي. أكد الدكتور ايمن نور رئيس حزب الغد، والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة القادمة، على التزامه بالمعاهدات الدولية التي أبرمتها مصر خلال السنوات القادمة خاصة معاهدة السلام مع إسرائيل في حالة فوزه بانتخابات الرئاسة القادمة . وأشار نور فى تصريحات خاصة ل"أموال الغد " ، إلي أن الاتفاقية تحتاج فقط إلي تعديلا ببعض بنودها حتى تتناسب مع المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد خاصة فيما تعلق في مجال التسليح العسكري حتى تتناسب وتتوازن القوة العسكرية المصرية أمام نظيرتها الإسرائيلية. أما الدكتور محمدالبرادعي، رئيس وكالة الطارقة الذرية، والمرشح المحتتمل لانتخابات الرئاسة في مصر، ففي الوقت الذي طمأن فيه – وقت الثورة- الولاياتالمتحدة وإسرائيل أنه اذا تغير نظام الحكم في مصر ورحيل الرئيس مبارك، فلن تقوم دولة معادية لهما، إلا أنه أكد وكان البرادعي قد صرح في برنامج واحد من الناس للإعلامي عمرو الليثي بأنه سوف يتخذ قراراً بفتح المعابر مع قطاع غزة وإنه في حال حدوث أي هجوم مستقبلي على غزة في حال فوزه بالرئاسة سوف يبحث طرق تنفيذ اتفاقية الدفاع العربي المشترك، كي تقف الدول العربية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل تستولي على الأراضي الفلسطينية، ولم تتخذ خطوات جادة نحو عملية السلام بسبب عدم وجود توازن قوى في المنطقة، وأن ما يحدث حالياً هو حالة من السلام المنفرد. وأكد في تصريجات صحفية أن أن أسوأ مادة فى إتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل هى تأخير إتفاقية الدفاع المشترك بين الدول العربية حيث أننا خرجنا من منظومة الدفاع العربى، فلا يجوز أن يكون هناك سلام منفرد بين مصر وإسرائيل فى غياب العرب حيث أننا أصبحنا فى حالة اللاسلم واللاحرب. ومن ناحيته أشار السفير محمد بسيونى، سفير مصر، السابق باسرائيل، على أن مصلحة مصر الحفاظ على معاهدة السلام طالما ان اسرائيل ملتزمة بها، مؤكدًا أن مصر تحافظ على المعاهدات والاتفاقيات وصفا معاهدة كامب ديفيد بانها اطار عام للسلام فى الشرق الاوسط وليس معاهدة سلام منفردة بين مصر واسرائيل. ونوه على عدم صلته باتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل التي وقعت عليها مصر في مايو 2005 ، مشيراً الى أن السعر الذي يتم البيع به يعد مناسباً جداً بل إنه يفوق اسعار التصدير للاردن وسوريا. وأشار إلى أن قرار التصدير قد تم اتخاذه من جانب الرئيس السابق حسني مبارك فقط ، مشدداً على أن تعديل الاسعار يتطلب موافقه صريحه ورسميه من الدولتين وفقاً لنصوص العقد المبرم بينهم منوهاً على أن السعر سبق تعديله منذ خمس سنوات. وأعلن بسيوني عن ترحيبه الشديد بالنهج الجديد الذي تتخذه مصر ممثلة في وزارة الخارجية بعد ثورة 25 يناير واتجاهها نحو استعادة العلاقات المميزة والرائدة بالمحيط العربي والافريقي خاصة بعد إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس وحصول مرشح مصري علي منصب الامانة العامى للجامعة العربية . وشدد علي ضرورة أن يتم مناقشة دور الدبلوماسية الرسمية والشعبية خلال المرحلة القادمة وتحديد موقفها من الثورات العربية الناشئة . وكان السفير إبراهيم يسري صاحب دعوي وقف تصديرالغاز لإسرائيل، قد أكد في تصرات صحفية له على قرب صدور قرار من المجلس الأعلي للقوات المسلحة ورئاسة الوزراء بمنع تصدير الغاز المصري للخارج بما فيهم الأردن وإسرائيل، يدعمه حكم قضائي نهائي بوقف تصديرالغازلإسرائيل الذي يسبب خسائر لمصر يوميا تقدر ب13مليون دولار تتجاوز 3 أضعاف المعونة الأمريكية التي تستخدمها الولاياتالمتحدة للضغط علينا، خاصة فيما يتعلق بسياسة مصر تجاه إسرائيل. كذلك يمكن من خلال هذا المبلغ المفقود يوميآ أن نطور10 أحياء عشوائية أو نقوم بتوصيل مياه الشرب النقية ل100قرية أو توفير200فرصة يوميآ لشباب مصر العاطلين. أحداث الحدود تشعل الأزمة وصف اللواء حسن الزيات، الخبير العسكري، في تصريحات خاصة ل "أموال الغد" رد فعل الحكومة المصرية إيزاء ما حدث على الحدود، وتصريحات الجانب الاسرائيلي المتعصبة، بأنه جاء متوازنًا. أضاف أن إمكانية التصعيد واردة، خاصة بعد تصريحات المسئولين الاسرائيليين خلال الفترة الأخيرة، التي جاءت معظمها "استفزازية"، مؤكدًا أن هذا التصعيد سيكون دبلوماسيًا وليس عسكريًا. من ناحيته، أكد اللواء طلعت أبومسلم، الخبير الاستراتيجي أن رد فعل الحكومة إيجابيًا تزامنًا مع الظروف الحالية التي تشهدها مصر عقب ثورة 25 يناير. أوضح أن مصر ليست مستعدة الآن لأي خيار ، لأنها مشغولة بالمشاكل المحلية الداخلية، التي تفجرت بقوة عقب الثورة، مؤكدًا أن هناك ملفات كثيرة كلها تصب في "التنمية المحلية" داخل مصر تأتي على رأس أولويات الدولة الآن، وأن الملف الخارجي قد تكون مصر غير مستعده له الآن. أضاف أبو مسلم أن قيام مصر بسحب سفيرها ليس بالأمر السهل مطلقًا، فلابد أولا أن تقوم باستعدائه للتشاور حول الأزمة الحالية. نوه أن هناك احتمال "التصعيد" من قبل الجانبين المصري والاسرائيلي "وارد" خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو التي أكد خلالها أن مصر لم تعد قادرة على إحكام سيطرتها بسيناء.