بدأت الحكومة مطلع يوليو الماضي في تطبيق رؤية مصر 2030 التي تستهدف وضع مصر ضمن أكبر 30 اقتصاد في العالم مقارنة بترتيبها الحالي (41) ، وكذا تحسين مؤشرات الأداء المالي والاستثماري والاجتماعي، كما تمضي الحكومة في تنفيذ سياسات الضبط المالي التي بدأتها منذ يوليو 2014 للسيطرة علي العجز المتفاقم في الموازنة العامة الذي يقود لضغوط كبيرة علي الدين العام الإجمالي الذي تخطت نسبته 93% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه المنظومة الفكرية التي تتبعها الدولة تستهدف خليطًا من السياسات الاقتصادية والاجتماعية حتي تحقق أهدافها الاقتصادية وتسيطر نسبيًا علي الغضب الاجتماعي المتوقع أن يتزايد مع استمرار الحكومة في برامج الإصلاح المالي الذي يتسبب في تخفيض هامش الدعم علي الطاقة بما يدفع الأسعار للارتفاع علي محدودي الدخل. كما يدخل الاقتصاد العام المالي الجديد وهو يعاني من ارتفاع في معدلات البطالة تصل إلي 12.9% ومعدلات فقر تزيد علي 25% وكذا تراجع في مستويات الخدمات الصحية والتعليمية وهى تحديات تضاعف من صعوبة المهمة علي الحكومة الحالية فضلا عن ارتفاع سقف طموحات المواطن من الحكومة الحالية التي وعدت بالتنمية منذ اليوم الأولي لتوليها المهمة في يونيو 2014. "أموال الغد" خصصت هذا الملف لتحليل الخطة الاقتصادية والمالية للعام المالي الجديد 2015 – 2016 وتداعياتها علي الاستثمار، التشغيل، الإنتاج ومستوي معيشة الأفراد بالاستعانة بالأرقام الرسمية الصادرة عن الدولة وكذا عدد من الخبراء وأصحاب التخصص في هذا الشأن. 4 محاور رئيسية في خطة الحكومة للعام الجديد 5% معدل النمو الاقتصادي تستهدف الحكومة ارتفاع معدلات نمو الناتج المحلي في عام 2015-2016 إلى نحو 5% وذلك مقابل 4.2% متوقعة خلال العام المالي المنتهي في 30 يونيو الماضي. كما تستهدف زيادة بمعدل النمو خلال العام المالي 2016 – 2017 ليسجل 5.8% يرتفع بعدها إلي 6.5% خلال العام المالي 2017 – 2018 ، ليصل بعدها إلي 7% بنهاية العام المالي 2018 – 2019 الذي يمثل نهاية الخطة الخمسية التي تعمل بها الحكومة حاليا. 417 مليار جنيه مستهدفات استثمارية من القطاعين العام والخاص تستهدف الحكومة خلال العام المالي الجديد استثمارات بنحو 417 مليار جنيه تتوزع ما بين 180 مليار جنيه استثمارات عامة وحكومية ونحو 237 مليار جنيه استثمارات خاصة أي ينفذها القطاع الخاص. كما تعقد الحكومة آمالًا واسعة في تحقيق هذا الرقم الاستثماري في القطاع الخاص علي تنفيذ عدد من الاتفاقيات الاستثمارية والتعاقدات النهائية التي تمت خلال مؤتمر القمة الاقتصادية الماضي الذي عقد في مارس 2015 بمدينة شرم الشيخ ونتج عنه إجمالي تعاقدات تتخطي حاجز ال 160 مليار دولار. 91.3% من الناتج .. الدين الحكومي المستهدف تستهدف خطة الحكومة الهبوط بمعدل الدين العام إلي 91.3% خلال العام المالي 2015 / 2016 ليهبط بعدها إلي 88.5% خلال العام المالي 2016 / 2017 ثم يهبط مرة أخري ليسجل 86.1% خلال العام المالي 2017 / 2018 ثم يهبط إلي ما دون 85% في العام المالي الذي يليه . وكان الدين العام قد سجل أكبر معدلات الزيادة فيه خلال العام المالي 2012 – 2013 الذي حكم فيه الدكتور محمد مرسي البلاد حيث قفز الدين من 83% في نهاية العام المالي 2011 – 2012 إلي 93.8% تقريبا خلال هذا العام. 1% انخفاض في معدل البطالة خلال عام كما تستهدف الحكومة تخفيض معدل البطالة من قيمته الحالية البالغة 12.9% إلي 11.9% خلال العام المالي الجديد 2015 – 2016 ، وتخطط لينخفض هذا المعدل ليصل إلي 11.3% بنهاية العام المالي 2016 – 2017 وينخفض بعد ذلك ليسجل نحو 10.2% خلال العام المالي 2017 – 2018 ، ونحو 8.9% بنهاية الخطة الخمسية للحكومة في أخر يونيو من العام 2019. وكان معدل البطالة قد بلغ أعلي معدل له في العام المالي 2013 – 2014 إذ سجل 13.4% بينما كانت أقل قيمه في عام 2009 / 2010 إذ بلغ معدل البطالة حينها 9% فقط . أهم 17 رقم في موازنة العام المالي الجديد تطور مؤشرات الموازنة العامة للدولة منذ العام المالى 2008/2009 القيمة بالمليار جنيه السنة المالية الإيرادات المصروفات العجز الدين العام المحلى 2008/2009 282.505 351.500 71.826 745.034 2009/2010 268.114 365.987 98.038 808.384 2010/2011 265.286 401.866 134.460 967.290 2011/2012 303.622 470.992 166.705 1155 2012/2013 350.322 588.188 239.719 1444 2013/2014 456.788 701.514 255.439 1699 2014/2015 548.632 789.431 239.972 بنهاية مارس "1998" 599 مليار جنيه إيرادات مستهدفة تقدر إجمالي الإيرادات العامة في مشروع الموازنة الجديدة بنحو 599 مليار جنيه مقابل 548.6 مليار جنيه في العام المالي الماضي بزيادة 23.2%. 872.6 مليار جنيه إجمالي المصروفات العامة تقدر المصروفات العامة بنحو 872.6 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، مقابل 789.4 مليار جنيه بزيادة نحو 83 مليار جنيه، رغم الإجراءات الهادفة لخفض نفقات الدعم بشتى صوره، والعمل علي تقليص عجز الموازنة . 281 مليار جنيه عجز الموازنة يبلغ العجز المقدر في مشروع الموازنة الجديدة نحو 281 مليار جنيه أو ما يعادل 9.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 240 مليار جنيه ما يعادل 10.8% عجز متوقع للعام المالي 2014-2015. 2.2 مليار جنيه المنح الأجنبية تقدر المنح في مشروع الموازنة بنحو 2.2 مليار جنيه فقط، مقابل 25.7 مليار جنيه فى العام المالى الماضي، ومقارنة بنحو 95.9 مليار جنيه في عام 2013/2014، وهو ما يعكس زيادة الاعتماد على الموارد المحلية في تمويل الموازنة العامة للدولة. 364 مليار جنيه الإيرادات الضريبية تبلغ الإيرادات الضريبية المقدرة في موازنة العام الجديد نحو 407 مليارات جنيه، مقابل 364.2 مليار جنيه خلال العام السابق، ومن المتوقع أن تكون الزيادة في معدلات النشاط الاقتصادي سبب رئيسي في ارتفاع الحصيلة، إلي جانب التطوير الشامل للمنظومة الضريبية التي تشمل رفع كفاءة أداء المصالح الإيرادية وبما يضمن تحسين التعامل مع الممولين وفى نفس الوقت الحفاظ على حقوق الدولة والمجتمع. 27 مليار جنيه إيرادات الجمارك تبلغ إيرادات الضرائب على التجارة الدولية نحو 26.9 مليار جنيه أي بزيادة نحو 24.8% عن المتوقع خلال العام المالي الجديد، وذلك في ضوء الإجراءات الإصلاحية التي تمت لتطوير المنظومة الجمركية بهدف تأمين المنافذ وحماية الصناعة الوطنية، حيث ساهمت هذه الإجراءات في تحسن أداء الحصيلة الجمركية. 431 مليار جنيه الإنفاق علي برامج الحماية الاجتماعية : يبلغ إجمالي الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية المباشرة نحو 431 مليار جنيه وهو يمثل 49% تقريباً من جملة الإنفاق العام وبزيادة 12% عن العام المالي السابق، وتضمن مشروع الموازنة تمويل برامج اجتماعية جديدة تحقق استهدافاً أفضل للفئات الأولى بالرعاية مثل التوسع في برامج الدعم النقدي المباشر. 11.2 مليار جنيه لبرامج المعاشات الضمانية: تم تخصيص مبلغ 11.2 مليار جنيه لبرامج المعاشات الضمانية بزيادة نحو 69% عن العام المالي السابق، وذلك بعد انتهاء وزارة التضامن الاجتماعي من برامج الاستهداف التي تقوم بها لوصول الدعم لمستحقيه من الفئات الأولى بالرعاية. 4.2 مليار جنيه لدعم التأمين الصحي تم تخصيص مبلغ 4.2 مليار جنيه لدعم التأمين الصحي والأدوية تشمل تدعيم برامج جديدة للتأمين الصحي لغير القادرين بمبلغ يزيد على 3 مليارات جنيها . 38.3 مليار جنيه لدعم الخبز والسلع التموينية اشتملت الموازنة على تخصيص مبلغ 38.4 مليار جنيه لتمويل منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية والتي تم تطويرها هذا العام والتطبيق الكامل على مستوى الجمهورية خلال العام المالي المقبل، وذلك مع توقع زيادة عدد المستفيدين من منظومة دعم الخبز بنحو 3 ملايين مواطن خلال العام القادم ليصل إجمالي عدد المستفيدين من هذه المنظومة إلى نحو 70 مليون مواطن. 13.7 مليار جنيه مخصصات إسكان محدودي الدخل بلغت مخصصات برنامج توفير وتأهيل إسكان محدودي الدخل فى الموازنة الجديدة نحو 13.7 مليار جنيه بنسبة نمو قدرها 19%، حيث تضمن تنفيذ برنامج الإسكان الاجتماعي والذي تبلغ قيمته نحو 11 مليار جنيه، وبرنامج تطوير المناطق العشوائية بنحو 1.3 مليار جنيه، وتنمية القرى الأكثر فقراً بنحو 0.9 مليار جنيه. 64 مليار جنيه للصحة: يبلغ إجمالي الإنفاق على ملف الصحة نحو 64 مليار جنيه بزيادة 11.3 مليار جنيه أو نحو 21.5 % عن العام السابق، بهدف إحداث تطوير ملموس في الخدمات الصحية يشعر بها المواطنون خاصة الفئات الأولى بالرعاية. 120 مليار جنيه الإنفاق التعليمي : زادت مخصصات التعليم الأساسي والجامعي بنحو 9.2 مليار جنيه بنسبة 8.3% لتسجل 120 مليار جنيه، هذا بخلاف الإنفاق على برامج التدريب المختلفة، وذلك في إطار الاهتمام بالعنصر البشرى كأساس للتنمية وزيادة قدرة الأفراد على الحصول على فرص عمل والمشاركة في ثمار التنمية. 228 مليار جنيه إجمالي الأجور : تبلغ مخصصات الأجور للعاملين في الدولة في مشروع موازنة العام المالي الجديد نحو 228 مليار جنيه بزيادة 27.3 مليار جنيه بنسبة نمو 14% عن الإنفاق على الأجور خلال العام المالي السابق. وتمثل مصروفات الأجور نحو 26% من إجمالي الإنفاق العام في مشروع الموازنة. 43.5 مليار جنيه حجم المساهمة في صناديق المعاشات : بلغت مساهمة الخزانة العامة في صناديق المعاشات 43.5 مليار جنيه بزيادة 10.3 مليار جنيه بنسبة نمو 31%. 54% من إجمالي الإنفاق تصرف علي "الأجور" و"فؤائد الدين" الإنفاق على بنود الأجور وفوائد الدين العام مجتمعة نحو 54% من إجمالي الإنفاق العام، وترتفع هذه النسبة إلى 80% من إجمالي الإنفاق العام عند إضافة مصروفات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية. 75 مليار جنيه حجم الاستثمارات العامة بلغ الإنفاق علي الاستثمارات العامة في مشروع الموازنة نحو 75 مليار جنيه أو ما يعادل 2.7% من الناتج المحلى الإجمالي، منها نحو 55 مليار جنيه ممولة من موارد الخزانة العامة والباقي في صورة منح وقروض وتمويل ذاتي. 3 دلالات اقتصادية من خطط الحكومة المعلنة : 1 استمرار الخلل في الهيكل المالي للدولة : حيث ما يزال الهيكل المالي للدولة يعاني خللًا كبيرًا يتمثل في تخطي معدل الدين العام نحو 91% بما يتجاوز معدلات الأمان المتعارف عليها في الهياكل المالية العالمية والتي تدور حول 60%، كما يرتفع العجز في الموازنة فوق ال 9% بما يدلل علي خلل أيضًا في هذا الجانب ويؤكد استمرار الضغوط علي الدين العام من خلال لجوء الحكومة للاقتراض الداخلي أو الخارجي لسد هذا العجز. 2 استمرار الحكومة في سياسات الضبط المالي: بالإشارة الى خطة الحكومة فإنها تكشف التزامها باستكمال برامج الإصلاح المالي التي كانت قد بدأتها في مطلع يوليو 2014 برفع مستويات أسعار الطاقة علي المواطنين واتخاذ قرارات بتطبيق شرائح جديدة من الضريبة كالضريبة العقارية والتوسع في الشرائح المفروضة كزيادة ضرائب المبيعات علي السجائر التي وفرت 4 مليارات للدولة، ويظهر استمرار الدولة في هذه السياسات من خلال حرصها علي نمو الإيرادات العامة بمعدلات تفوق معدلات نمو النفقات العامة وهو ما يصب في النهاية في التخفيض النسبي للعجز حيث من المتوقع أن ترتفع إيرادات العام المالي الجاري بنحو 23% فيما يتوقع أن ترتفع النفقات بنحو 10% فقط، وهو ما يصب نهايةً في تخفيض معدل العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 10.5% إلي 9.8%. التزام نسبي من الحكومة بتنفيذ الالتزامات الدستورية : حيث يظهر من خطة الحكومة وموازنة العام المالي الجديد أن هناك التزام نسبي من الحكومة بتنفيذ الالتزامات الدستورية التي أقرها دستور 2013 بشأن الانفاق علي الصحة والتعليم ورفع من معدله الحالي إلي 10% من الناتج المحلي الإجمالي. حيث يبلغ الانفاق علي الصحة والتعليم 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي ، وأكدت خطة الحكومة أن هذه الزيادة سيتم تنفيذها علي مدار العامين الماليين المقبلين عن طريق رفع هذا المعدل إلي 7.8% فقط خلال العام المالي 2015 – 2016 عن طريق رفع الانفاق علي الصحة من 2.2% من الناتج خلال العام الحالي إلي 2.6% خلال العام الجديد، ورفع الإنفاق علي التعليم من 3.6% من الناتج في العام الحالي إلي 3.8% خلال العام الجديد ، بينما يتم رفع المعدل الإجمالي من 7.8% في العام المالي 2015 – 2016 إلي 10% في العام المالي 2016 – 2017. موازنة المشروعات: المهندس عاطر حنورة، رئيس وحدة المشاركة بين القطاعين العام والخاص التابعة لوزارة المالية، أكد أن الحكومة أولت اهتمامًا كبيرًا بالاستثمار في الموازنة الجديدة، وتقود الدولة الاستثمارات الكلية بضخ نحو 75 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري، ليأتي كأعلي تمويل للاستثمارات الحكومية في تاريخ الموازنة، وتمول الخزانة العامة تلك الاستثمارات بنحو 55 مليار جنيه في حين يتم توفير 20 مليار جنيه فى صورة منح وقروض وتمويل ذاتي. وأكد حنورة على حرص الحكومة استمرار المعدل المرتفع لتنفيذ الاستثمارات القومية الكبري والتي بدأتها خلال العاميين الماضيين، منوهًا إلي السعي نحو تطوير البنية التحتية وإنشاء مشروعات جديدة مع العمل علي استكمال تنفيذ المشروعات السابق البدء بها، بما في ذلك تطوير شبكة الطرق نحو 3200 كليو متر طرق، ومشروع استصلاح مليون فدان خلال 5 سنوات. وأوضح أن المناخ العام للاستثمار بدأ يتخذ منحي إيجابيًا في كافة النواحي التشريعية المنظمة له والدولة تقدم جميع التسهيلات للمستثمرين التي تمكنهم من ضخ استثمارات جديدة من، فضلًا عن عن تفعيل آليات شراكة أخري كنظم حق الانتفاع BoT"" و نظام بنظام البناء والامتلاك والتشغيل "BOO" خاصة في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بجانب تعظيم دور مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص خلال العام المقبل. وأوضح أن مشروعات PPP القابلة للطرح 12 مشروع، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة رواجًا كبيرًا لتلك المشروعات، مع استكمال الاستحقاقات الدستورية وانتخاب البرلمان، مشيرًا إلي تخطيط الحكومة طرح مشروعات بنظام الشراكة بقيمة 19 مليار جنيه خلال العام المالي المقبل. ويري حنورة أن التنوع في أنظمة تنفيذ المشروعات يساعد علي إيجاد حالة من التناغم في علاقة الدولة بالقطاع الخاص ويوفر بيئة جيدة له للقيام بالدور المطلوب في دعم معدلات النمو وتوفير فرص العمل. ارتفاع غير مبرر للعجز : ومن ناحيته قال سمير رضوان، وزير المالية السابق، إن الإدارة المالية للدولة تعاني من ارتفاع المصروفات مقابل النفقات العامة، وارتفاع عجز الموازنة بشكل غير مبرر خلال الموازنة الجديدة رغم الإجراءات الترشيدية التي اعتمدت عليها الحكومة خلال العام الماضي. وأكد أن الاقتصاد يشهد بشكل عام تحسنًا تدريجيًا وهو ما عكسه ارتفاع معدلات النمو التي وصلت إلي 5.6% خلال النصف الأول من 2014-2015، إلي جانب التحسن الملحوظ في تقييمات المؤسسات الدولية نتيجة إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي شهدتها الموازنة خلال العام الماضي خصوصًا علي بند دعم الطاقة، مشيدًا بانتهاج الحكومة لسياسيات أكثر حزمًا علي جانب الضبط المالي والتي تساعد علي تحقيق تنمية حقيقة خلال الخطة الخمسية التي أعلنتها الحكومة بنهاية 2018-2019.. ويري أن السوق المصرية يشهد جاذبية كبيرة بعد الإصلاحات التشريعية التي شهدها تهيئة مناخ الاستثمار، وهو ما يساعد علي إيجاد تدفقات نقدية حقيقة تدخل السوق للمساعدة في تمويل مشروعات القطاع الخاص فضلًا عن الجاذبية الكبيرة للمشروعات القومية التي طرحتها الحكومة خلال مؤتمر القمة الاقتصادية. وأوضح وزير المالية السابق أن السياسة المالية المتبعة حاليًا في مصر تعطي فرصة كبيرة للنظام الحاكم لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة، موضحًا أنه تم تخصيص 431 مليار جنيه لتمويل برامج الحماية الاجتماعية. سنوات لإصلاح العجز: ومن ناحيته قال محمد الإتربى، رئيس بنك مصر، إن التحديات التى تواجه موازنة الدولة خلال الفترة الحالية والمتمثلة فى عجز الموازنة المرتفع وارتفاع الدين العام، وتحديات أخرى تواجه الحكومة مثل البطالة لا يمكن حلها بين يوم وليلة، مشيرًا إلى أن تلك المشكلات تحتاج للعمل سنوات وزيادة الإنتاج لمعالجتها . وأشار إلى وجود العديد من المؤشرات الإيجابية التى تحث على استمرار العمل فى الاتجاه الصحيح مثل تحسن التصنيف الائتمانى من قبل المؤسسات العالمية خلال الفترة الأخيرة، وتحسن معدلات النمو خلال النصف الأول من العام وهو ما يدعم معدلات النمو المحققة بنهاية العام . وأوضح أن المؤشرات الإيجابية والنظرة المتفائلة بشأن الوضع الاقتصادى تساهم بشكل كبير فى دعم الاستثمارات فى مصر خصوصًا بعد عقد القمة الاقتصادية، ووجود عشرات المشروعات التى تنتظر خطوات فعلية للتنفيذ، منوهًا إلى أن الفترة الماضية شهدت نشاطًا كبيرًا فى البنوك لتمويل المشروعات الجديدة . وشدد على إمتلاك البنوك السيولة المالية الكافية لتوفير التمويل لأي مشروع تنموى، مشيرا إلى الدور الذى قامت به خلال الأربعة سنوات الماضية ووقوفها بجانب الدولة للتغلب على الأزمات الاقتصادية وتمويل عجز الموازنة فى ظل الأزمات . وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة فى التمويلات المقدمة من البنوك للمشروعات المختلفة، خصوصًا مع اقتراب إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الموحد والذى سيساهم بشكل كبير فى دفع عجلة الاستثمار فى الدولة وتغيير نظرة المستثمرين للوضع فى الداخل . أبدى تفاؤله بالعام المالى المقبل خصوصًا فى ظل الاستعداد لافتتاح توسعات قناة السويس والتى ستساهم بشكل كبير فى زيادة الحصيلة الدولارية للدولة وتوفير قيمة مضافة للمجرى الملاحى على المستوى العالمى، رغم التحديات الاقتصادية التى مازالت قائمة . بيروقراطية الحكومة : قال طارق حلمى، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، قال إن تأخر إقرار الموازنة العامة للدولة يعود إلي رغبة الحكومة فى الاستقرار على المؤشرات النهائية للموازنة حتى لا يرفضها الرئيس كما حدث العام الماضى، مشيرًا إلى أن الموازنة الحالية تسير فى نفس اتجاه الموازنات السابقة حيث توجه نسبة أكثر من 50% من المصروفات إلى الأجور والدعم . أشار إلى أن الدولة مازالت تعانى من مشكلة ارتفاع عجز الموازنة نتيجة انخفاض الإيرادات مقارنة بالمصروفات، موضحًا أنه رغم ارتفاع نسبة العجز المستهدفة للعام المالى المقبل 9.9% إلا أنها تعتبر نسبة مقبولة مقارنة بالعجز المتوقع للعام المالى الجارى والمقدر ب10.8% . أوضح أن تخفيض نسبة 1% من عجز الموازنة فى عام فى ظل استمرار ارتفاع حجم المرتبات فى الدولة وعدم قدرة الحكومة على المساس بالدعم الأساسى للمواطنين يعتبر أمرًا جيدًا، متوقعًا أن تتحسن مؤشرات الموازنة خلال السنوات المقبلة مع دخول المشروعات التى تم الاتفاق عليها فى قمة شرم الشيخ إلى عقود نهائية تساهم فى دخول استثمارات جديدة وتزيد الناتج المحلى الإجمالى . وأضاف أن لمشكلة العجز أوجه كثيرة ومعقدة فى ظل استمرار ظاهرة البطالة المقنعة بالجهاز الإدارى للدولة ووجود ملايين الموظفين الذين لا يؤدون عملًا لكنهم يتقاضون أجورًا بالمليارات، وهو ما تعمل الحكومة على التغلب عليه حاليًا من خلال القانون الجديد للخدمة المدنية . وحول مذكرات التفاهم التي وقعت فى قمة شرم الشيخ وعدم دخول الكثير منها حيز التنفيذ حتى الآن انتقد حلمى البيروقراطية المترسخة فى كثير من الهيئات ووزارات الحكومة والتى تساهم فى تعطيل المشروع واضطرار الرئيس للتدخل فى بعض المشكلات، موضحًا أن رئيس الوزراء منح الوزارات مهلة شهرًا لترجمة مذكرات التفاهم الموقعة فى شرم الشيخ إلى عقود . أرجع ذلك إلى استمرار البيروقراطية خصوصًا فى ظل عدم صدور اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار حتى الآن، مشددًا على ضرورة قيام هيئة الاستثمار والجهات المعنية بدورها لتذليل العقبات التى تقف أمام المشروعات دون انتظار تدخل رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية . توقع أن يشهد العام المالى المقبل توقيع عدد من المشروعات التى تم الاتفاق عليها خلال قمة شرم الشيخ وهو ما سيساهم فى زيادة الاستثمارات الجديدة ويوفر مزيدًا من فرص العمل والناتج المحلى بالدولة ويعود بالفائدة على المؤشرات النهائية للموازنة العامة للدولة . فلسفة أداء المجموعة الاقتصادية : ومن ناحيتها قالت الدكتورة سلوى العنترى، الخبيرة الاقتصادية، إن آداء المجموعة الوزارية الاقتصادية خلال العام الماضى يعكس توجهًا للدولة يقوم على دعم القطاع الخاص بصفة عامة وتوفير المزايا الضريبية، وتفضيل المستثمر الأجنبى على المستثمر المحلى الذى لا يكف عن المطالبة بمزايا وتسهيلات دون القيام بمشروعات حقيقة، والذي ياتي على حساب القاعدة العريضة من المجتمع التى تعانى من الأزمات الاقتصادية . أشارت إلى أن توجه الحكومة خلال الفترة الماضية أظهر اعتمادها بشكل كبير على جذب المستثمر الأجنبى ولكن دون وجود رؤية واضحة لخريطة الاستثمارات التى ترغب فى اجتذابها للسوق، موضحة أن الفترة الماضية شهدت تقديم تسهيلات للمستثمرين وإلغاء لضريبة ال5% المؤقتة على الدخول الأعلى من مليون جنيه وإلغاء لضريبة البورصة وتخفيض الحد الأقصى للضريبة، فى الوقت الذى لا تتوانى فيه الدولة عن اتخاذ الإجراءات التقشفية وتحرير أسعار الطاقة وهو ما يضر بالطبقة العظمى من الشعب . شددت على أنه لا توجد دولة فى العالم تقوم ببناء نفسها معتمدة على المستثمر الأجنبى، ضاربة المثل بدولة الصين التى يمثل الاستثمار الأجنبى فيها نسبة 3% من إجمالى الاستثمار الكلى وهو ما يؤكد أن دور المستثمر المحلى أهم بكثير من المستثمر الأجنبى الذى يبحث عن مصلحته أولا وليس مصلحة الدولة . تابعت "الحكومة تتحدث عن مشروعات المؤتمر الاقتصادى ودورها فى حل مشكلات الدولة، ولكن أغلب المشروعات التى تم الاتفاق عليها ضمن القطاع العقارى الذى وإن وفر فرصة عمل ستكون فرصة عمل مؤقتة حتى انتهاء المشروع، لكن لا يوفر فرصة عمل دائمة ولا يساهم فى ارتفاع دخول المواطنين" . دعت إلى وجود رؤية واضحة للخريطة الاستثمارية وفقًا لاحتياجات المجتمع والعمل على تدشين المصانع التى توفر فرص عمل دائمة وتساهم فى زيادة الإنتاج المحلى وتحسين دخول المواطنين وتقليل اعتماد الدولة على الاستيراد من الخارج، بدلًا من اتباع سياسة دعم المستثمر أيًا كان توجهه أو مشروعه وهو ما يستلزم دور أكبر للمستثمر المحلى . الأثر علي الأسعار في السوق : وأكد د. محمد سعد الدين رئيس لجنة الطاقة المتجددة باتحاد الصناعات علي أن خفض الدعم علي الطاقة في الموازنة الجديدة والاتجاه لرفع أسعارها لن يؤدي إلي زيادة أسعار المنتجات خلال الفترة المقبلة. وأوضح أن زيادة أسعار الطاقة لن تزيد عن 20% بما يعني عدم تأثيرها علي الأسعار إلا بنحو 2% فقط في ظل تمثيلها ما يتراوح بين 10 و15% من تكلفة الانتاج . وأشار سعد الدين الى أن زيادة 2% في الأسعار لن تؤدي إلي ركود الأسواق خاصة أن السوق المصرية يعد سوقًا ضخمًا يتعامل بمئات المليارات سنويًا، مطالبًا المصانع بالعمل علي زيادة الانتاج من أجل استيعاب تلك الزيادة خلال الفترة المقبلة . وأضاف أن الفترة المقبلة سوف تشهد ضخ المزيد من الاستثمارات لاستكمال المشروعات الحالية أوالبدء في تنفيذ المشروعات القومية بما يعني زيادة الطلب في السوق المحلية خلال الفترة المقبلة وبالتالي القضاء علي الركود . ولفت سعد الدين إلي ضرورة إلغاء دعم الطاقة والدعم الموجه للسلع وأن يتم تعديله بحيث يتم دعم الأفراد وليس السلع خاصة وأن الدعم الموجه للسلع يعد إهدارًا للمال العام في ظل أن 20% من الأفراد يحصلون علي 80% من الدعم وهم غير مستحقين له . ونوه إلي أن 80% فقط من الشعب يحصلون علي 20% فقط من الدعم، مؤكدًا علي أن منظومة الدعم الحالية تعطى لغير مستحقيه ولابد من تعديلها . وأشار سعد الدين إلي أن رفع الاسعار لن يتم تطبيقه علي مستحقي الدعم بل علي غير المستحقين الذين يحصلون علي كميات كبيرة من الطاقة تزيد عن احتياجاتهم، موضحًا أن الحكومة ستقوم بتفعيل نظام الكارت الذكي علي محطات التموين من أجل حصر المستخدمين والكميات المستهلكة للسيطرة علي المواد البترولية . تأخر لائحة الاستثمار : ومن ناحيته قال د. محي حافظ، نائب رئيس نقابة المستثمريين الصناعيين، أن تأخر إصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار حتي الآن لن تؤثر علي تنفيذ الخطط الاقتصادية والتنموية خلال الفترة المقبلة خاصة وأنها لن تأتي بجديد عن قانون الاستثمار لكونها مجرد تفسير لبنود القانون. وأوضح أن إنخفاض العجز في الموازنة العامة للدولة للعام الجاري لنحو 9% فقط يعطي مؤشرًا علي تعافي الاقتصاد المصري، كما أن زيادة الحصيلة من العملة الصعبة يؤكد علي أن السياسة النقدية تسير في الإتجاه الصحيح . وأشار حافظ إلي أن تخصيص نحو 75 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة للاستثمارات العامة يعد مقبولا نسبيًا والدولة قادرة علي تمويل الجزء المخصص منها عن طريق الموازنة والشراكة مع القطاع الخاص . ولفت إلي أن هناك العديد من المشكلات التي تواجه الاستثمار في مصر يأتي علي رأسها سياسة البنوك في ظل الصعوبات التي يواجهها المستثمر في الحصول علي تمويل لمشروعه رغم المبادرة الأخيرة للبنك المركزي الخاصة بالتيسير علي بعض المشروعات المتعثرة في الحصول علي التمويل من البنوك ولكن لن يكتب لها النجاح. وأضاف حافظ أنه لا توجد أية مؤشرات علي تغيير السياسة النقدية خلال المرحلة المقبلة خاصة فيما يتعلق بالتمويل للمصانع سواء الجديدة أو المتعثرة، مشيرًا إلي أن البنك المركزي لديه 500 مليار جنيه أموال معطلة لابد أن يتم استثمارها ولكن نتيجة القيود التي يفرضها البنك لا يتم استخدامها . تأخر إقرار الموازنة: ونفى أحمد مشهور، رئيس الجمعية المصرية لشباب الأعمال، وجود أية تحفظ للمستثمرين علي تأخر إقرار موازنة الدولة الجديدة، مشيرًا إلي أن الموازنة لا تعد من الأشياء المؤثرة علي قرار الاستثمار من عدمه في أي بلد . وأشار إلي أن المستثمر ينظر فى الدولة التي يريد الاستثمار فيها إلي وضوح رؤية البلاد فيما يتعلق بالخريطة الاستثمارية وتسهيل موافقات الشركات والتراخيص ودراسات الجدوي وتوافر العملة والبنوك وطريقة تشجيعها للمشروعات والتمويل. وأوضح مشهور أن رؤية مصر 2030 تعد حلم لنكون ضمن أقوي 30 اقتصاد علي مستوي العالم، وتطلب بذل مجهود من الجميع من أجل تحقيقه، موضحًا أن الرؤية لا يمكن أن يتم الحكم عليها إلا عند اكتمالها ولكن مشاركة العديد من الجمعيات في إعدادها يعطي مؤشرًا علي التناغم ورغبة الحكومة في التعاون مع الجميع . الدعم التصديري : وطالب محمد قاسم، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، بضرورة رفع حجم المساندة التصديرية إلي 6 مليار جنيه خاصة وأنها تمثل رد الأعباء علي الصادرات وليست دعمًا تصديريًا . وأوضح أن قرار المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء لزيادة حجم الدعم التصديري "رد الأعباء التصديرية" إلي 5 مليار جنيه تعتبر غير كافية لمواجهة العقبات التي تواجه الصادرات المصرية. وأضاف قاسم أن مضاعفة حجم الميزانية يعد أفضل من الوضع السابق الذي بلغت 2.6 مليار جنيه مما تسبب في انهيار الصادرات المصرية خلال ال5 أشهر الأولي من العام الجاري. وأشار إلي أن الصادرات واجهت عدد من المشكلات خلال الفترة الماضية متمثلة في ارتفاع تكلفة الإنتاج مع زيادة "الأجور والكهرباء والمياه والغاز " مما أدي الي خفض القدرة التنافسية للمنتجات المصرية ، بالاضافة إلي عدم استقرار السياسات النقدية وسعر الصرف مما أدي إلى تخفيض حجم الصادرات . ولفت إلي أن الصادرات واجهت أيضًا عدم استقرار العملة في عدد من الأسواق العالمية خاصة مع انخفاض أسعار اليورو والروبل، بالإضافة إلي ما تعانيه الأسواق التقليدية لمصر من أزمات سياسية وحروب أهلية مما أدي إلي تراجع الصادرات إليها، فضلًا عن تأخر صرف المسحقات لشهور كثيرة لعدم وجود المخصصات للمساندة التصديرية. وتراجعت الصادرات المصرية خلال الفترة من "يناير- مايو 2015" بنسبة 20.1% لتبلغ نحو 8 مليارات دولار مقابل 10 مليارات دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.