أعطت تنزانيا هذا الشهر أول رخصة في تاريخها لاستخراج اليورانيوم من أراضيها، وقال خبراء إن حصول مؤسسة مانترا تنزانيا ليمتد للتعدين على رخصة استخراج اليورانيوم وتطوير احتياطياته في تنزانيا سيضع تلك الدولة الأفريقية والتي تعد إحدى دول حوض النيل في مصاف بلدان العالم الخمسة الكبرى المنتجة لليورانيوم. وتعد مؤسسة مانترا تنزانيا ليمتد فرعا تابعا لمؤسسة مانترا ريسورز كبرى شركات تعدين اليورانيوم على مستوى العالم والتي كانت قد أجرت دراسات تعدينية مطولة في تنزانيا بدأت في العام 2010، وخلصت دراسات مؤسسة مانترا ريسورز ؟ وهي مؤسسة روسية عملاقة إلى اعتبار الأراضي التنزانية أحد أكبر مناطق اختزان اليورانيوم في العالم وهو ما سيحقق لها كدولة نقلة كبرى على صعيد الثقل العالمي. وقررت المؤسسة الروسية الاستعانة بمؤسسة كبرى لتطوير المناجم وأعمال الاستخراج وهي مؤسسة اتوم رد ميتزولوتو ؟ مؤسسة روسية ؟ بهدف حفر مناجم لتعدين اليورانيوم واستخراجه في منطقة نهر موكوجز التنزاني الذي يعد أحد روافد النيل بشرق أفريقيا وهي منطقة تقع في جنوب شرق تنزانيا. وبدأت بالفعل أنشطة تهيئة موقع حقل اليورانيوم المشار إليه للإنتاج والتطوير وتعمل به الآن حفارات عملاقة وآليات ذات تكنولوجيا متطورة لمدة عامين ينتهيان في 2015 لاستخلاص أولى شحنات اليورانيوم من باطن الأراضي التنزانية. وأوضحت دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروع أن منطقة حقول اليورانيوم التنزانية في جنوب شرق البلاد تحوى 360 ألف طن من اليورانيوم الخام لكن المؤسسة التي حصلت على امتياز التطوير والاستخراج تقدر أن الإنتاج في مراحله الأولى لن يتعدى 14 ألف طن من اليورانيوم الخام سنويا وهو في حد ذاته كفيل بجعل تنزانيا؟ تلك الدولة الأفريقية النامية أعلى إنتاجا من اليورانيوم مقارنة بكندا التي تعد ثاني أكبر منتج لليورانيوم في العالم من تلك الاحتياطيات. وتعد جمهورية كازخستان السوفيتية السابقة حاليا هي أكبر منتج لليورانيوم في العالم حيث انتجت كازخستان في العام 2011 وحده 19 ألفا و451 طنا من اليورانيوم تعادل نسبة 36% من الإنتاج العالمي، واستنادا للبيانات المذكورة في تقارير الاتحاد النووي الدولي تأتي كندا في الترتيب الثاني بعد كازخستان كأكبر منتج لليورانيوم في العالم حيث انتجت كندا منه 9 آلاف و145 طنا في العام 2011 تعادل 16% من الإنتاج العالمي لليورانيوم. ويقول الخبراء أنه بسبب ضعف الإمكانات الاقتصادية النسبية لتنزانيا فإن إنتاجها من اليورانيوم الخام سيوجه بطبيعة الحال إلى التصدير في السوق العالمي نظرا لعدم امتلاك تنزانيا مشروعات نووية تحتاج لخام اليورانيوم كمصدر للطاقة. ويرى محمد غريب بلال نائب رئيس تنزانيا أن لتعدين اليورانيوم في بلاده فوائد عديدة، بغض النظر عن الثقل الدولي الذي ستتبوأه تنزانيا بفضل ما لديها من يورانيوم يحتاجه العالم ستجلب مشروعات تعدين اليورانيوم في جنوب شرق البلاد استثمارات أجنبية مباشرة لن تقل عن 728 مليار شلن تنزاني أي ما يعادل 448 مليون دولار أمريكي، وستخلق تلك المشروعات خلال فترة إقامتها نحو 16 ألف فرصة عمل لأبناء تنزانيا وإيرادت سنوية لن تقل عن 405 مليار شلن /249 مليون دولار أمريكي/ من عائدات التصدير. لكن مشكلات كبيرة لا تزال تواجه التوسع في مشروعات اليورانيوم في جنوب شرق تنزانيا من بينها متاخمة مناطق الحفر لمنطقة سيلوس جيم وهي محمية طبيعية أسبغت لجنة التراث الإنساني في الأممالمتحدة حماية دولية عليها بقرار صادر قبل عدة أعوام من منظمة التربية والعلوم والثقافة يونيسكو. ويرى خبراء في مجال البيئة ونشطاء تنزانيون وغربيون أن أمام حكومة دار السلام مسيرة نضال طويلة مع منظمات الخضر في العالم والأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة في الحفاظ على التراث الإنساني لتأمين إطلاق يد شركات التعدين الدولية للعمل في أنشطة تطوير حقول اليورانيوم في جنوب شرق تنزانيا وكذلك ممارسة أنشطة الاستكشاف فيها في بلد متعطش للعملة الصعبة لرفع مستوى معيشة مواطنيه. ويحذر نشطاء حقوقيون في تنزانيا ومنظمات أخرى معادلة لأنشطة الشركات المتعددة الجنسية على الأراضي التنزانية مما أسموه استئسادا من جانب المؤسسات الاقتصادية العملاقة " مثل مؤسسة مانترا ريسورز " الروسية للتعدين على اليورانيوم قد يضير حقوق التنزانيين وحكومتهم من عائدات مشروعات استخراج اليورانيوم وتطوير مناجمه. ويستند المنادون بهذا الرأي إلى مراوغة مؤسسة مانترا ريسورز في سداد 303 مليارات شلن تنزاني 187 مليون دولار أمريكي للخزانة التنزانية هي عبارة عن ضريبة أرباح رأسمالية كان متعينا على المؤسسة سدادها للدولة التنزانية قبل الحصول على رخصة عمل المشروع. وإزاء ما يعتبره النشطاء المناهضون للمشروع "بداية غير مبشرة" يدافع خبراء قانونيون في الحكومة التنزانية عن موقفهم إزاء منح الترخيص للشركة المذكورة دون سداد تلك الضريبة، بأن قوانين الاستثمار التنزانية تمنح إعفاء ضريبيا مدته خمسة أعوام لتحفير المشروعات الاستثمارية العملاقة على أراضيها ومن بينها هذا المشروع. وترى الحكومة التنزانية أن سداد ضريبة الأرباح الرأسمالية لا ينطبق عليه هذا الشرط سوى في حالة قيام المستثمر ببيع استثماره في تنزانيا لطرف ثالث حتى و لو كان استثمارا مشتركا مع شركاء محليين من تنزانيا ذاتها، الأمر الذي خلق جدلا قانونيا حول التفسيرات الخاصة بصفقة منح الترخيص للشركة الروسية دفع محاموها إلى التظلم أمام القضاء التنزاني من مطالبتهم بسداد تلك الضريبة. من جانبه.. أوضح وزير الطاقة التنزاني سوسبيتر موهونجو - في مؤتمر صحفي عقده هذا الأسبوع - أن خزانة بلاده لن تضيع عليها أية أموال أو تتهاون في ضياع أية إيرادات مستحقة للدولة بحكم القانون، مؤكدا أن هذا لا يعني وضع العوائق أمام المستثمرين أو تبني تنزانيا لسيناريو المماحكات القضائية معهم لأن في ذلك ابتزازا على حد تعبيره. وأكد أهمية واستراتيجية مشروعات تعدين اليورانيوم لتنزانيا، وعلى أن أية استحقاقات للدولة سيتم تحصيلها إذا قرر القضاء ذلك حتى ولو كان تحصيلا مؤجلا لكن الهدف الآن هو بدء التحرك العملي لإقامة هذا المشروع العملاق الذي سيغير وجه حياة التنزانيين