القاهرة «القدس العربي» ووكالات ومنار عبد الفتاح : احتجزت السلطات المصرية نقيب الصحافيين، يحيى قلاش، واثنين من قادة النقابة بانتظار قرار من النيابة، اثر رفضهم دفع كفالة لإخلاء سبيلهم على ذمة اتهامات بايواء صحافيين معارضين مطلوبين في مقر النقابة، حسبما أفاد محامي أحدهم. أمس الاثنين. وتتهم النيابة المصرية المحتجزين وهم نقيب الصحافيين، والأمين العام للنقابة جمال عبد الرحيم, ووكيلها ورئيس لجنة الحريات»، خالد البلشي، بإيواء «متهمين هاربين من العدالة (عمرو بدر ومحمود السقا) في مقر النقابة وبنشر اخبار كاذبة حول واقعة مداهمة النقابة»، حسب المحامي كريم عبد الراضي الذي يمثل البلشي. وكانت الشرطة المصرية قد داهمت في مطلع ايار / مايو الجاري مقر نقابة الصحافيين وألقت القبض على الصحافيين المعارضين عمرو بدر ومحمود السقا وهو ما فجر ازمة كبيرة بين النقابة ووزارة الداخلية، أصرت فيها النقابة على اعتذار الوزارة وإقالة وزيرها، اللواء مجدي عبد الغفار، واعتذار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي نفسه، وهو ما لم يحدث. وبعد اكثر من 12 ساعة من التحقيقات، التي انتهت فجر أمس الاثنين، قررت النيابة إخلاء سبيل قادة النقابة الثلاثة لقاء كفالة 10 آلاف جنيه (قرابة 1126 دولار) لكل منهم، بحسب المصدر نفسه. وعلى الاثر، احتجزت الشرطة قلاش وزميليه في مركز شرطة قصر النيل في وسط القاهرة لحين صدور قرار جديد من النيابة. وقال جمال عبد الرحيم اثناء وجوده في مركز الشرطة: «الاتهامات غريبة ولا اساس لها من الصحة وتعتمد على شهود زور». واضاف «قررنا عدم دفع الكفالة لأننا لم نرتكب اي خطأ من الاساس». ويقول المحامي عبد الراضي ان قادة النقابة بانتظار سيناريوهين: «اما ان تلغي النيابة قرار الكفالة، او تأمر بحبسهم أربعة ايام على ذمة التحقيقات». والصحافيان بدر والسقا محبوسين منذ اعتقالهما على ذمة اتهام النيابة لهما ب«التحريض على التظاهر والدعوة للتجمهر والدعوة لقلب نظام الحكم والتحريض على مؤسسات الدولة». وأثار التحقيق مع نقيب الصحافيين المصريين ردودا دولية غاضبة. وتتهم منظمات حقوقية دولية نظام الرئيس السيسي بمحاولة إسكات كافة أطياف المعارضة والقضاء على حرية الرأي والتعبير. واعتبرت «منظمة العفو الدولية» الامر بمثابة «قمع غير مسبوق لحرية الإعلام» في مصر. وقالت المنظمة في بيان لها، أمس الاثنين، ان «اعتقال الشخصيات الرئيسية في نقابة الصحافيين يشير إلى تصعيد خطير من حملة السلطات المصرية القمعية على حرية التعبير، ويدل على استعداد السلطات لاتخاذ تدابير متطرفة من أجل إحكام القبضة الحديدية على السلطة». وتأتي هذه التطورات استمرارا لأزمة مداهمة الشرطة للنقابة التي دفعت نقابة الصحافيين لعقد جمعية عمومية طارئة إثر ما أسمته «هجمة بربرية واعتداء صارخا على كرامة الصحافة والصحافيين». ووافق مئات الصحافيين حينها على قرار من مجلس النقابة نص على «الاصرار على مطلب إقالة وزير الداخلية باعتباره المسؤول الاول عن الازمة وتقديم رئاسة الجمهورية اعتذارا واضحا لجموع الصحافيين»، قبل ان يتم التراجع عن هذا الطلب الأخير وهو تقديم الرئاسة اعتذارا. وحلت مصر في المرتبة الثانية بعد الصين على قائمة الدول التي يوجد فيها اكبر عدد من الصحافيين المسجونين، بحسب تقرير للجنة حماية الصحافيين الدولية التي احصت 23 صحافيا مسجونا في البلاد بنهاية كانون الاول / ديسمبر 2015. اتهامان أساسيان وأسندت النيابة العامة إلى قلاش وعضوي مجلس النقابة اتهامين أساسيين، هما إيواء عناصر صادر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار في جنايات وجنح معاقب عليها قانونا، وبث أخبار وبيانات كاذبة تشير إلى اقتحام مأموري الضبط القضائي القائمين بتنفيذ أوامر الضبط والإحضار لمقر نقابة الصحافيين. ودفع سيد أبو زيد، المستشار القانوني لنقابة الصحافيين، خلال التحقيقات بمشروعية وجود عمرو بدر ومحمود السقا في المبنى، وأن دور النقابة هو الدفاع عن أعضائها، مؤكدا في ذات الوقت أن مقر النقابة لم يكن مكانا لإيواء أية عناصر خارجة عن القانون، وأن من حق الصحافي اللجوء إلى نقابته حينما يتعرض لأي مشكلة أو أزمة. وقال في تصريح له إن النقيب وعضوي المجلس رهن الاحتجاز بقسم قصر النيل، لحين عرضهم مرة أخرى على النيابة، وتسجيل موقف رفض دفع الكفالة بشكل رسمي. وأضاف أنهم رفضوا الدفع اعتراضا على الاتهامات الموجهة لهم غير أن قضايا النشر ليس بها كفالات مالية». وأعربت لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، عن شديد أسفها للطريقة التي تتعامل بها بعض أجهزة الدولة مع الجماعة الصحافية ممثلة في نقيب الصحافيين وهيئة مكتب مجلس النقابة. وقال بشير العدل، مقرر اللجنة، «إن ما تتعرض له النقابة وما يتعرض له مجلسها نقيبا وأعضاء، هو «حلقة من مسلسل هابط تمارسه أجهزة الدولة، بحق الجماعة الصحافية، وأنه يأتي في إطار التستر على جريمة تم ارتكابها بحق نقابة الصحافيين وقانونها، حينما تم اقتحام مقر النقابة بالمخالفة للقانون المنظم لها». وأكد في بيان له، أن «ما تم مع نقيب الصحافيين يمثل واقعة غير مسبوقة في التاريخ المصري، خاصة أن سماع أقواله وأعضاء من المجلس في اتهامات ليس لها أي أساس من الصحة، نظرا لتعلقها بقضية غير عادلة من البداية، وأنها تأتي أيضا في إطار حملة ممنهجة تضع النقابة في موضع المتهم لإضعاف قضيتها العادلة». وشدد على «أن الجريمة التي تم ارتكابها بحق الجماعة الصحافية لن تغفرها الجماعة الصحافية، ولن يغفرها التاريخ لكل من ارتكبوها بحق الصحافيين وكانوا سببا فيها، لأنها لم تكن لتحدث في عهود الاستبداد والفساد التي أظهرت الممارسات الحالية أنها كانت أكثر عدلا وإنصافا للصحافيين». وأشار العدل إلى «أن الصحافيين لم يكونوا يوما، ولن يكونوا فوق القانون، وإنما يسعون لإعلاء القانون وسيادته وهى قضيتهم الأساسية». ورفض الاتهامات التي يتم توجيهها للصحافيين بأنهم «فوق القانون»، مؤكدا أنها تأتي في إطار حملة لتبرير التجاوزات بحقهم. وجدد العدل مطالبته الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل بحكم مسؤولياته القانونية والدستورية، وبحكم أنه رئيس لكل المصريين، وحكم بين السلطات واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لإعادة حقوق الصحافيين التي تم امتهانها بعد أن تم الضرب بالقانون عرض الحائط. وقفة تضامن وأمس توافد عدد كبير من الصحافيين لوقفة أمام قسم شرطة قصر النيل، تضامنا مع المعتقلين الثلاثة، يحيى قلاش وخالد البلشي وجمال عبد الرحيم، المحتجزين منذ مساء الأحد. وكان على رأس الحضور جلال عارف، رئيس المجلس الأعلى للصحافة، وأعضاء المجلس: أبو السعود محمد وحنان فكري ومحمود كامل وكارم محمود، وأيضا الكاتب الصحافي عادل صبري، رئيس تحرير موقع «مصر العربية»، والكاتب الصحافي جمال فهمي، والكاتب الصحافي عبد الله السناوي، والعشرات من الصحافيين الشباب. ورفع عدد كبير من الصحافيين شعار «الصحافة ليست جريمة» في تدوينات لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر»، مساء الأحد الماضي خلال التحقيق مع أعضاء مجلس النقابة في بلاغ قدمته النقابة مطلع الشهر الجاري للتحقيق في واقعة اقتحامها من قبل قوات الأمن. بيان الرد أمس الاثنين، قرر مجلس نقابة الصحافيين عقد اجتماع طارئ، لمناقشة الاتهامات التي وجهت لنقيب الصحافيين وأعضاء المجلس خلال التحقيقات التي امتدت حتى فجر أمس. وأعلنت النقابة في بيان لها أمس، «إن نقيب الصحافيين قدم مذكرة قانونية للرد على ما وصفه بزعم إيواء مطلوبين داخل النقابة». وبحسب البيان، فقد جاء في المذكرة أن «المادة رقم 144 من قانون العقوبات تنص على معاقبة كل من أخفى بنفسه أو بواسطة غيره شخصا صادرا في حقه أمر بالقبض عليه، فيما تنص المادة 145 على معاقبة كل من علم بوقوع جناية أو جنحة، أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بوقوعها، وأعان الجاني بنفسه أو بأي طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء، إما بإيواء الجاني المذكور وإما بإخفاء الأدلة. ومن ثم فإن في هذه الجريمة يتعين أن يصدر عن المتهم فعل إيجابي بالإخفاء». وجاء في المذكرة أيضا أن «الصحافيين دخلا باعتبارهما صحافيين – أو يعملان بالصحافة – إلى النقابة، وهو مكان ليس خاصا بالنقيب؛ فهو ليس بيته الخاص بل هو بيت لكل الصحافيين، ولا يملك النقيب منع أي منهما أو غيرهما من العاملين بالصحافة أو الإعلام من الدخول إلى النقابة أو طردهما منها». وأضافت «أن النقيب ليس مكلفا بالقبض على الأشخاص الذين تطلبهم النيابة العامة أو الشرطة وليس مأمورا بالضبط القضائي»، مضيفة أن المكان الذي كان يتواجد فيه المطلوبان مكان لكل زملائهما الصحافيين والعاملين بالصحافة والإعلام دون تمييز، ومن ثم فمكان بهذا الوصف يمكن للجميع رؤية المطلوبين فيه، «بما يتنافى مع القول بالإخفاء والإعانة على الفرار».