أن الحكومة بدأت تستوعب قرار تحريك الأسعار، خاصة بعد زيادة سعر الدولار، واستمرار خسائر الشركات، وظاهرة نواقص الأدوية. بعد الارتفاع الملحوظ لسعر الدولار، وتأثير هذا الارتفاع على الاقتصاد المصري، قامت وزارة الصحة بإخطار النقابة العامة للصيادلة، أمس، برفع أسعار 54 مستحضرًا دوائيًا زادت أسعارها من 1 يناير ل28 فبراير الماضيين، أبرزها ألبان الأطفال، وأمبولات المياه، ومستحضرات التجميل، مما يعبر عن أولى الزلازل التي تهاجم السوق المصري بعد ارتفاع سعر الدولار إلى 9.47، الفعل الدولة لديها ناقوس خطر يهدد شركات قطاع الأعمال "النيل – مصر – سيد- الشركة العربية- شركة الإسكندرية للأدوية" وهذه شركات مدينة، لكنها تنتج أصناف دوائية رخيصة الثمن أقل من جنيهين، وطبيعي أي صنف دوائي تكلفته تقل عن الخمسة جنيهات يمثل خسارة للشركة في ظل زيادة التكاليف، وناقوس خطر الثاني يمثل الشركات الجديدة وهى الأهم لأنها مصممة على أحدث النظم التكنولوجية وحتى الآن لم تتمكن من جمع ما أنفقته كشركات استثمارية في ظل رفع تكاليف الإنتاج. وهناك خطر كبير يهدد مصنع "المصل واللقاح" الكائن بمنطقة الدقي، فإذا سقطت "المصل واللقاح" فلن نجد التطعيمات لأنه المصنع الوحيد بالشرق الأوسط، وهو أيضا يعانى من ارتفاع قيمة الديون المتراكمة. إن الوزارة واجهت ضغوط شديدة من شهور من قبل صناع الدواء لتحريك أسعار الأدوية في الوقت الذي امتنعت فيه تلك الشركات بالامتناع عن إنتاج هذه الأصناف محاولة منها إلى "لي دراع الحكومة" لرفع الأسعار بينما هددت الشركات الاجنبيه بضرورة أعاده تسعير الادويه الحديثة وتعللت باتفاقيه منظمه التجارة العالمية بعدم تدخل الحكومة في تسعير أي منتج دوائي. أن رفع أسعار الأدوية لن يؤدى إلى حل مشاكل صناعه الدواء المستعصية والتي تشهد فوضى وتضارب ففي المصالح بين كبريات الشركات من ناحية والصيادلة وشركات التوزيع من ناحية أخرى وأن الوزارة ألجأت إلى التضحية بالمريض إرضاءً للشركات وإننا بعد شهور ستبدأ نفس المشاكل وستظهر النواقص وستقوم الوزارة بنفس ما قامت به من رفع الأسعار . هناك خطورة كبيرة فصناعة الأدوية خطورتها في أنها تعتبر أمنا قوميا مثل صناعة الأسلحة، ولذلك لابد للحكومة المصرية توخي الحذر، فهناك ثلاث شركات أدوية تابعة لقطاع الأعمال في خسارة مادية فادحة، وهم ذراع الدولة فيجب أن ترفع عنهم الدولة الديون وتقوم بتطويرهم حتى يستطيعوا مواكبة المواصفات العالمية، وهذا قرار من وزارة الصحة بوضع جدول لمدة سنة انتقالية لتطوير كل الأماكن وتجديدها بالمواصفات الجديدة التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية، وهذه التطويرات تتكلف ملايين الجنيهات، رغم أن الدولة ضاعفت أسعار المياه والكهرباء على هذه الشركات ومثال على ذلك كان سعر متر المياه المكعب ب 160 قرشا أصبح ب 4 جنيهات بأثر رجعى من ثلاث سنوات أي وضعوا شركات الأدوية بشريحة الملاهي وحمامات السباحة في سداد فواتير المياه، ولذلك الدولة لا تدعم صناعة الدواء للمريض المصري بل تزيد التكلفة، والدولة تدعم كل الصادرات بينما الدواء لا يدعم، ولذلك أطالب الدولة بتسهيل تصدير الدواء حتى يمكننا جلب عملة صعبة لتعويض الخسارة داخل الشركات. لماذا لا نمتلك الإمكانيات الكافية لتصنيع دواء بكفاءة الدواء المستورد؟ – هناك أدوية تحتاج إلى تكنولوجيا عالية مثل أدوية السرطان، فنضطر إلى استيرادها ونحن في مصر ننتج 93% من الأدوية ونستورد الأدوية الأخرى، وهذه معدلات جيدة خاصة أن بعض الدول تعتمد كليا على الأدوية المستوردة. * هل يمكن أن تلجأ الشركة القابضة لوقف الإنتاج للضغط على الوزارة لإلغاء قرار تسعيرة الدواء؟ – الشركة القابضة للأدوية هي شركة تابعة لقطاع الأعمال العام والشركة هدفها الرئيسي توفير الدواء للمرضى، والمريض سيكون الضحية إذا تقرر إلغاء تسعيرة الدواء، وعلى مسئوليتي أعلن توفير الدواء في السوق من إنتاج الشركات التابعة للقابضة للأدوية، ولكن أحيانا تواجهنا مشكلات في تأخير وصول بعض الخامات المستوردة التي تدخل في صناعة الدواء، خاصة أننا أصبحنا نستورد الخامات مقابل الدفع النقدي السريع، لانعدام ثقة الموردين الأجانب في السوق المصري بعد أن كنا نستورد بفترة ائتمان من 3 إلى 4 أشهر، وغرفة الصناعات الدوائية باتحاد الصناعات هي التي تهدد بوقف الإنتاج والغرفة تمثل الشركات الخاصة والأجنبية فقط، وأخطرت وزارة الصحة بأن الشركة القابضة قادرة على صد أي محاولة من الشركات الأجنبية والخاصة للي ذراع الحكومة وتهديدها بوقف الإنتاج، ويمكننا الاعتماد على شركات الأدوية العامة، ولكن يجب أن أؤكد أيضا أن الشركة القابضة تحتاج إلى مساندة قوية من الدولة خلال الفترة المقبلة مع زيادة الرواتب، وحل كافة الأزمات التي تهدد بخروج الشركة من السوق إذا استمرت طويلا. * من يقف وراء اختفاء 30 صنفا من الأدوية؟ – هذه الأدوية تنتجها الشركات الخاصة، والشركة القابضة تحصل على 80% من المناقصة التي تطرحها وزارة الصحة وهذا معناه أن أسعارنا هي الأرخص، وحاليا ندرس إنتاج وتسجيل الأدوية المختفية من السوق لإنتاجها في مصانع القطاع العام هو نفس الدواء ونفس المفعول، ولكن الشركات الأجنبية والخاصة تروج شائعات مغلوطة عن الأدوية التي تنتجها شركات قطاع الأعمال، بأن أسعار الدواء الحكومي أرخص لأنه أقل تأثيرا، وهذا غير صحيح، ومن مصلحة الشركات الأجنبية اختفاء الشركة القابضة للأدوية حتى تتسنى لها الفرصة الكافية لتحقيق الأرباح الخيالية. أن التكلفة الإنتاجية للأدوية شهدت ارتفاعاً منذ عام 2012، حتى الآن خاصة بعد زيادة الدولار بنسبة تزيد على 40%، ما أدى إلى إحجام عدد من الشركات على إنتاج الأدوية التي تحقق خسائر، واتجاه المرضى لشراء البدائل المستوردة مرتفعة الثمن. إن بعض الأدوية تحقق خسائر للشركات، لكن في الوقت نفسه يوجد عدد كبير من الأدوية تحقق هوامش ربح مرتفعة، وأن الشركات يجب أن تستغل الربح في تعويض بعض الخسائر لتخفيف الأعباء عن المرضى. إن السبب الرئيسي في اختفاء الكثير من الأدوية هو ثبات أسعار الدواء، وخاصة المصنعة محليا بمصر، إذ إن العديد من تلك الأنواع تعتمد على المواد الخام المستوردة من الخارج، وعند ارتفاع سعر الدولار يرتفع سعر تلك المواد الخام، وبالتالي تتعطل دورة إنتاج الأدوية المحلية. أن الأنواع الناقصة بالأسواق كثيرة جدا، وتخص جميع الأمراض، ومن أبرز تلك الأدوية ما يخص "السرطان والألبان والسكر والقلب" وخاصة دواء "الكوردارون".أن هناك "تجار شنطة" يوزعون الأدوية المستوردة لان هناك احتمالا كبيرا بأن تكون تلك الأدوية مخزنة بشكل غير سليم، أو مجهولة المصدر، مشيرا إلى أنه في حالة رفع أسعار الدواء المحلية قد يتسبب ذلك في استياء أعداد كبيرة من المواطنين، موضحا أن الدواء هو السلعة الوحيدة التي لم يتم رفع سعرها بعد ثورة يناير، بالرغم من ارتفاع أسعار الدواء المستوردة عدة مرات. إن "أزمة الأدوية المستوردة ليست وليدة اليوم أو الشهر الماضي، ولكننا نعاني منها منذ عامين تقريبا، ونعتقد أن أبرز أسبابة هو ارتفاع ثمن المواد الخام المستوردة".أبرز الأنواع المستوردة التي اختفت "مضاد حيوي للعين وهو تيلوتيرز، والبدائل الموجودة له هابيوترز جل، وهو متذبذب وغير متوافر دائما بالأسواق، وكذلك دواء جانتيال، ودواء القلب جوسبرن، وبدائله أسبرين 81، وهو أيضا ليس متوفر بشكل دائم، ومضاد حيوي يوناسين أقراص".نطالب بضرورة النظر في أسعار الدواء المصري لحل الأزمة الحالية، حفاظا على سوق الدواء. **كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبيرالقانون العام مستشار تحكيم دولي خبير في جرائم امن المعلومات مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية