أكد الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة و المستشار السياسي السابق للمرشد العام ل "الإخوان المسلمين أن المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة يعني إعطاء شرعية لانتخابات لم تتوفر لها ضمانات النزاهة . لافتا إلي أن موافقة الإخوان علي خوض هذه الانتخابات سيساعد على ترسيخ الفساد واستمرار المأزق الاقتصادي والسياسي الذي تعاني منه مصر . جاء ذلك في الندوة التي عقدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان امس الاثنين حول "موسم الصفقات والانتخابات" وشارك فيها نخبة من السياسيين والخبراء والإعلاميين . وأوضح أن قرار "الإخوان" بخوض الانتخابات المقبلة جاء بناء على قرار من قياداتها على الرغم من وجود مجموعة ليست بالقليلة رفضت وترفض أن تشارك فيما وصفها ب "المهزلة الانتخابية " . وان المؤيدين لخوض الانتخابات يبررون ذلك بأنه لا يجب أن يغيب "الإخوان" عن الساحة، ويجب عليهم أن ينتهزوا هذه الفرصة لكي يقولوا للمواطن: إنهم هنا. وتساءل قائلا: "هل هذه الغاية تستحق الثمن الباهظ المتمثل في الاعتقالات وإغلاق الشركات وإعطاء شرعية لنظام يفتقد الشرعية" حسب قوله . ونفي حدوث صفقة بين الجماعة والنظام خلال انتخابات مجلس الشعب في عام 2005، لافتا إلي أنها كانت "ترتيبات فرضها الأمن "خاصة حول عدد المرشحين تقضي بألا يتجاوز عددهم 150 مرشحًا آنذاك، على الرغم من قدرة "الإخوان" على الترشح لجميع مقاعد البرلمان ال 444. وأوضح الغزالي أنه بعد الجولات الثلاث الأول من انتخابات 2005فاز الإخوان في المرحلة الأولي والثانية ب 88 مقعدا وهو مااربك حسابات الحكومة وجعلها تتدخل بشكل سافر في المرحلة الثالثة. وكانت النتيجة أن المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد "الإخوان" دفع ثمن هذه "المواءمات" التي لم تكن صفقة انما هي قرار امني بالالتزام بعدد المرشحين ال 150 الذين جري ترشيحهم آنذاك". وأضاف بأن المهندس خيرت الشاطر تحمل نتيجة فوز "الإخوان" ب 88 مقعدا وهي أعلى نسبة من المقاعد في تاريخ مشاركات الجماعة الانتخابية بالحكم عليه بالسجن سبع سنوات، بعد القبض عليه ضمن مجموعة المعتقلين "الإخوان" فيما يعرف إعلاميًا ب "ميليشيا الأزهر"، دون أن يكون لذلك "أساس من القانون ولا الشرع". ونفي الغزالي وجود أي صفقه بين "الإخوان" والأحزاب أو القوى السياسية الأخرى في الانتخابات المقبلة، واعتبرها "صفقة من جانب واحد"، أي أن النظام هو من يفرض قواعد اللعبة وشروطه علي الجميع . وقال إنه لا يعتقد أن النظام "سيكون من البجاحة لدرجة عدم ترك أي مقاعد للإخوان" خلال الانتخابات المقبلة. معربًا عن اعتقاده بأنه سيعطي "الفتات" للقوى السياسية والأحزاب خلال تلك الانتخابات، لتظهر العملية وكأنها ديمقراطية من خلال ترك بعض المقاعد لهم أقل من عدد مقاعد "كوته المرأة" البالغ عددها 64 مقعدا. وتعجب من قول الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية بأنه من غير الممكن تغيير الدستور نظرًا "لضيق الوقت" رغم صدور قرار جمهوري بشأن إجراء تعديل على بعض أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية فيما يتعلق ب "كوته المرأة". وأضاف متهكما: أي ليس لدينا وقت لتغيير ما يتمشي مع رغبه المواطن المصري وأمله في التغيير كحد أدنى في الحياة السياسية انما لدينا هذا الوقت لاصدار قانون "الكوته" الذي يخدم حرص الحزب الوطني علي احتكار الاغلبية داخل المجلس بهذه الكوته . وقال الغزالي: "إذا لم يستجب النظام لبداية سياسية جديدة فيتعين على "الإخوان" وجموع الشعب المصري البدء في" العصيان المدني" كنوع من الضغط العملي على النظام حتى يتغير"ويستجيب لمطالب الشعب في الاصلاح . لافتا إلي أن هذا هو الخيار الذي سبق أن لوح به الدكتور محمد البراد عي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا لم يتم الاستجابة للمطالب السبعة للتغيير، وعلى رأسها تعديل الدستور للسماح بترشح المستقلين للرئاسة. وقال إن النظام لن يترك امتيازاته الا اذا وجد من يقول له من الشعب كفي فسادا واستبداداولفت إلي ان له كتابا عنوانه(ازهي عصور الكلام ) أوضح فيه أن القهر كل القهر ان يرضي الشعب بالمعادلة التي فرضها النظام بان من حق الناس ان تقول ما تشاء ومن حق النظام ان يفعل بالشعب وثرواته مايشاء . وقال أبو العز الحريري، القيادي بحزب التجمع، إن دور أحزاب المعارضة اختفى منذ زمن طويل، وأصبحت هذه الأحزاب موالية للنظام بل وذيلا له وفقدت مصداقيتها. ونبه إلي أن النظام المصري لم يعد يقتصر فى الصفقات التي يفرضها فرضا على الأحزاب والإخوان فقط، وإنما امتد إلى استعانته ب البلطجية والمجرمين لتزوير الانتخابات لصالحه ، داعياً إلى ضرورة اتخاذ موقف قوى لوقف تلك الصفقات. وقال إننا خسرنا أربعة تريليونات بسبب بيع القطاع العام وترتب علي ذلك انهيار البنيان الاقتصادي ليسيطر عليه رجال الأعمال الذين يمثلون الرأسمالية الطفيلية وأصبحوا يديرون البلد لصالحهم وليس لصالح المصريين . وأوضح الدكتور عمار على حسن، الكاتب والمحلل السياسي بوكالة إنباء الشرق الأوسط ، الهدف من الاتفاق بين الأمن والإخوان فى انتخابات 2005 إلى رغبة النظام فى الظهور بمظهر ديمقراطي أمام العالم الغربي. وأنه سمح للإخوان بالفوز بهذا العدد من المقاعد ليقول للخارج إن البديل له هو التيار الإسلامي الذي يمكن أن يهدد مصالح الغرب . ونبه إلي ان الأمن هو الذي يسيطر علي الأمور كلها داخل مصر وهو الذي يختار المرشحين سواء داخل الحزب الوطني او الأحزاب الاخري وهو الذي يدير العملية الانتخابية. وهو الذي يجري الصفقات مع الأحزاب والقوي السياسية لضمان ان المجلس القادم يكون للحزب الوطني تمهيدا لإتمام التوريث . وقال الدكتور عمرو حمزاوى، مدير الأبحاث بمعهد كارنيجى للسلام بالولايات المتحدة، إن هذه الصفقات وغياب دور أحزاب المعارضة جعلا النظام يستخف بالمواطن العادي وبمشاكله وحقوقه وحرياته، خاصة أن المواطن لم يعد يجد حزباً يمكن أن يعبر عنه . وشدد علي أن إجراء انتخابات بدون أي ضمانات للنزاهة من شأنه إبعاد الشعب عن صنع القرار وتحويل مجلس الشعب إلي مؤسسة تشريعية لا تمررالا التشريعات والقوانين التي تخدم رجال الأعمال ومصالحهم. تلك المصالح التي تتركز في الهيمنة علي ثروات البلد وهو ما يحرم المواطنين من حقهم في التعليم والصحة إلي جانب تثبيت سيطرة الجهاز الأمني علي مقاليد الأمور في مصر . نقلا عن محيط