وعندما بلغ الطفل الجميل محمود أشده ألحقه والده بكتاب (الشيخ موسى) والذى كان حريصا عل تعليم تلاميذه الحفظ والتجويد ،ولكنه كان شديد الحرص على نجم بزغ بين أقرانه وهو الطفل الموهوب محمود والتى ظهرت عليه علامات النبوغ وسمات أهل القرآن وخاصة مخارج الألفاظ والدقه فى النطق وهو فى السادسة من عمره بالاضافة إلى الذكاء الشديد وعندما بلغ العاشرة من عمره كان قد تخرج من كتاب الشيخ موسى حافظا القرآن كاملا بتجويد محكم منضبط . التحق البنا الصغير بمعهد المنشاوى بطنطا ،وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره ذاع صيته وعمت شهرته منطقة الوجه البحرى واصبحت له مدرسته المشهورة ،ثم ذهب إلى المعهد الأحمدى بطنطا تلقى فيه علوم القرآن والقراءات العشر على يد المرحوم الشيخ محمد سلام . وفى عام 1945عندما بلغ الثامنة عشرة من عمره انتقل إلى القاهرة فى بلد العلم والعلماء والأزهر الشريف وليكون قريبا من عمالقة القراء . وفى عام 1946 التقى الشيخ البنا بأحد عمالقة التواشيح وأحد النابغين فى تدريس المقامات الموسيقية وهو الشيخ درويش الحريرى الذى ساعد الشيخ البنا على إتقان المقامات الموسيقية وتطويعها للتلاوة .. واثناء تلاوته للسور بأحد مساجد شبرا سمعه أحد أعضاء جمعية الشبان المسلمين ، فأعجب بتلاوته وهو الأستاذ عبد العال السيد فوجه له الدعوة لزيارته بالشبان المسلمين وهناك تعرف على رئيس الجمعية (صالح باشا حرب) وقال له : كل يوم ثلاثاء ينعقد هنا مجلس علم يحضره نخبة من أفضل العلماء بعد صلاة العشاء،وطلب منه حرب باشا أن يقوم بافتتاح الاحتفال كل أسبوع ،ووافق وواظب على افتتاح الجلسة كل أسبوع حتى عرف بأنه قارئ جمعية الشبان المسلمين .. وأثناء احتفال الجمعية باستقبال عام هجرى جديد فى احتفال كبير أقيم بدار الأوبرا وحضره عدد كبير من رجال الدين وكبار المسؤلين بالدولة وبعض الضيوف من الدول العربية والاسلامية ، قال صالح باشا حرب : الذى سيفتتح الاحتفال بالقرآن الشيخ محمود على البنا،ولأن الافتتاح كان مذاعا على الهواء والبنا ليس قارئا إذاعيا فى ذلك الوقت اعترض المذيع وقال لابد أن يكون معتمدا من الإذاعه لكى يقرأ قرآن الافتتاح. وقد تأثر الحاضرون بصوته وطلبوا الإعادة مرات و مرات وبعد الانتهاء من التلاوة تلقى عبارات التشجيع والتقدير وطلبوا من محمد بك قاسم مدير الإذعة ان يقدمه للإذاعه للالتحاق بها .. وكانت أول تلاوة للشيخ البنا بالإذاعة فى آخر ديسمبر عام 1948 وكان عمره 22 عاما ..وكانت القراءة على الهواء مباشرة قبل التسجيلات .. وبعد اعتماده قارئا بالإذاعة بأسبوع جاءه خطاب من الشئون الدينية للتوجه إلى ستوديو علوى أمام الشريفين( مبنى الإذاعة القديم) ليقرأ قرآن الصباح من السابعة لمدة نصف ساعة . ولحسن حظه فقد حدثت مقاطعة من كل القراء للإذاعه وكانوا أعمدة أساسيةلا غنى عنهم.. ولأن الشيخ محمد رفعت كان يأخذ 12 جنيها فى القراءة الواحدة هو والشيخ الشعشاعى وباقى القراء يأخذون 8 ، 6 جنيهات فسمعوا أن المسئولين اتفقوا مع الشيخ إسماعيل على القراءة مقابل 16 جنيها فامتنعوا عن القراءة فجاء ذلك من حظه لأنه احدثهم ولم يضع فى باله موضوع الأجر .فكان لا بد أن يستعينوا به بعد هذه الاعتذارات .. وقد سطع نجم الشيخ البنا وجعل كبار رجال الدولة يوجهون له الدعوة للمشاركة في إحياء مأتم والد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1965 فقد اتصل به رئيس الاذاعة فى ذلك الوقت ليخبرة بالسفر إلى الإسكندرية مع الشيخ عبد الباسط للقراءة فى بالسرادق المقام بميدان , تريانونو, . وبعد انتهاء العزاء قال له الرئيس جمال عبد الناصر : ممكن اسمعك فى المرتل ففعل و كان الحصرى هو القارئ الوحيد الذى كان له مصحف مرتل بالإذاعه ..وبعدها أصبح للشيخ محمود البنا مصحف مرتل عام 1968 وذلك بناءعلى طلب الرئيس جمال عبد الناصر والذي أصبح بعد ذلك من أصدقائه المقربين.. كان رحمه الله قارئ المساجد الكبرى وتم اختياره لكفاءته وحسن مظهره ففى الخمسينيات كان يقرأ يوم الجمعة لمدة خمس سنوات بمسجد الملك بحدائق القبه بالقاهرة بعدها انتقل قارئا بمسجد الامام أحمد الرافعى بحى القلعة ومسجد الإمام الرافعى وبعدها اختير للقراءه فى مسجد السيد أحمد البدوى بمدينة طنطا ،وظل متمتعا بالتلاوة ما يقرب من ثلاثة وعشرين عاما متواصلة، وكان قد أوصى قبل وفاته بوضع شريط قرآن ليصاحبه فى جنازته ويؤنس وحدته فى قبره . قامت الدولة بتكريمه بعد وفاته حيث منح اسم الشيخ البنا وسام العلوم والفنون عام 1990 فى الاحتفال بليلة القدر.