أن المرحلة الدقيقة التي تعيشها مصر الآن تتطلب منا جميعا ضرورة تثبيت دعائم دولة القانون في المجتمع المصر إن هناك حاجة ماسة لتضافر الجهود والعمل معًا جميعًا انطلاقًا من مبدأ وجود دولة القانون واحترام حقوق الإنسان. من المسلمات في العصر الحديث أن الدولة لابد أن تخضع للقانون.. ويعد هذا الخضوع للقانون، بما يؤدي إليه من حماية لحقوق الأفراد وحرياتهم مظهرًا من مظاهر المدنية الحديثة. والدولة لا تكون قانونية إلا حيث تخضع فيها جميع الهيئات الحاكمة لقواعد تقيدها وتسمو عليها، أي أن مبدأ خضوع الدولة للقانون «أو مبدأ المشروعية يهدف إلى جعل السلطات الحاكمة في الدولة تخضع لقواعد ملزمة لها كما هي ملزمة بالنسبة للمحكومين».وأما خضوع الإدارة للقانون، فهو ركن لا قيام للدولة القانونية إلا به، ومقتضاه أن الإدارة لا يجوز لها «أن تتخذ إجراءً، قراراً إدارياً أو عملاً مادياً، إلا بمقتضى القانون وتنفيذاً للقانون».. فالإدارة لكونها إحدى سلطات الدولة «يتعين عليها، كغيرها من السلطات، أن تحترم مجموعة القواعد القانونية المقررة في الدولة، وأن تمارس نشاطها في نطاقها.. والتزام الإدارة بالعمل في دائرة وحدة النظام القانوني المقرر في الدولة، هو ما يطلق عليه مبدأ الشرعية أو «مبدأ سيادة حكم القانون»، أي خضوع الإدارة للقوانين المعمول بها.. ويعتبر خضوع الإدارة في نشاطها للقانون تطبيقاً لمبدأ الشرعية، وعنصراً من عناصر الدولة القانونية، ويترتب على مبدأ الشرعية سيادة حكم القانون، وسيطرته، وخضوع الحكام والمحكومين له على السواء، فلا يصح أن يتحلل الحكام في الدولة القانونية، التي تقوم على أساس وجود المبدأ المذكور، من حكم القانون» ومتى صارت الإدارة في وضع لا تتقيد فيه بقانون، وتتخذ إجراءاتها، قراراتها الإدارية، وأعمالها المادية، استناداً إلى أهوائها، كنا أمام دولة بوليسية «حيث تكون السلطة الإدارية مطلقة الحرية في أن تتخذ قبل الأفراد ما تراه من الإجراءات محققاً للغاية التي تسعى إليها وفقاً للظروف والملابسات، وهذا هو النظام الذي عرفته الملكيات المطلقة في القرنين السابع عشر والثامن عشر.. » أو أمام دولة استبدادية «تعسف فيها الإدارة بالأفراد حسب هوى الحاكم أو الأمير، وتستبد بأمورهم».ومع هذا المفهوم عن خضوع الإدارة للقانون، باعتباره أحد مقومات الدولة القانونية، يتعذر أيضاً قيام الدولة القانونية بدونه، ومن هنا كان واحداً من مقوماتها وركناً من أركانها، لا قيام لها إلا به. وأما الاعتراف بالحقوق والحريات الفردية، كأحد مقومات الدولة القانونية، فإنه الهدف الأساس من قيام الدولة القانونية، لأن «نظام الدولة القانونية يهدف إلى حماية الأفراد من عسف السلطات العامة واعتدائها على حقوقهم، فهو يفترض وجود حقوق للأفراد في مواجهة الدولة، لأن المبدأ ما وجد إلا لضمان تمتع الأفراد بحرياتهم العامة وحقوقهم الفردية» والدولة المعاصرة لم تعد «هذه الدولة الاستبدادية التي يختلط فيها القانون بإرادة الحاكم ومشيئته دون أن تخضع هذه الإرادة أو المشيئة لقيود محددة معلومة. إن الدولة المعاصرة دولة قانونية تحكمها قاعدة خضوع الحكام للقانون، والتزام حكمه في كل ما يقوم بين الدولة والمحكومين من علاقات من جانب، أو بينها وبين الوحدات الدولية الأخرى من جانب آخر فإن من المسلمات الآن لدى كل الفقهاء أنه في الدولة المعاصرة لم يعد يكفي لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم العامة أن يسود القانون علاقتهم مع الدولة وما يتفرع عنها من هيئات عامة، لأنه بغير خضوع الدولة للقانون فلن يكون الحكم لغير القوة المادية ولغير سياسة الاستبداد والطغيان. أن "العلاقات الحالية بين مصر والولايات المتحدة لا تؤشر لمرحلة جديدة، لأن الهياكل الصلبة التي تجمع القاهرة وواشنطن لم يطرأ عليها ثمّة تغيير، منذ ارتباطهما عام 1974. وأهم ما يحدد نمط العلاقة بين البلدين، أن ملف مصر لم يراوح أرلينغتون- فيرجينيا، حيث مقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). فمصر بالنسبة للولايات المتحدة كانت ولا تزال ملفا أمنيا"ضرورة إدماج القاهرة في الإطار الليبرالي الرأسمالي العولمي الجديد، من أجل تحقيق أقصى منفعة ممكنة منها. ولديه اعتقاد بأن مصلحة أمريكا قد لا تقتضي في وقت ما الحفاظ على الشكل (الاستاتيكي) لمنظومة الأمن الإقليمي، ويؤمن بوجود حاجة مُلحّة لرعاية تحولات إستراتيجية في شكل المنطقة السياسي والديموغرافي والاجتماعي والاقتصادي"، و"يمكن أن نفهم أن ما يقال عن توتّر في علاقات البلدين أنه لا يعدو أن يكون توترات ظاهرية لا تؤثر على علاقات البلدين". مثل التعاون بين وزارة الخارجية والمجتمع الدولي من خلال المنظمات الدولية ركناً رئيسياً من أبعاد التحرك المصري الخارجي, وعلى رأسها الأممالمتحدة, خاصة في ظل الارتباط بين الأحداث المحلية والمستجدات التي تطرأ على الساحة الدولية. والآثار السلبية لظاهرة العولمة ظهور التهديدات عبر الوطنية مثل الإرهاب الدولي، والجريمة المنظمة، وانتشار أسلحة الدمار الشامل مما يستوجب العمل الجماعي لمواجهة مثل هذه المخاطر. لذلك، تلعب الخارجية المصرية دوراً هاماً وفعالاً في إطار الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات الدولية المختلفة لدعم السلام والأمن والتنمية الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، تشمل مهام الخارجية نشر الوعي بالثقافة المصرية ودعم القوة الناعمة للحضارة المصرية العريقة، حيث يسهم القطاع الثقافي بالوزارة في تعزيز العلاقات الثقافية بين مصر ودول العالم المختلفة، كما يقوم بالتعاون مع مختلف الجهات المصرية مثل جامعة الأزهر والمجلس الأعلى للثقافة الإسلامية ووزارة التربية والتعليم لتقديم منحاً دراسية ودورات تدريبية للطلاب من الدول الآسيوية والإفريقية. وتقوم الخارجية المصرية أيضاً بالتنسيق بين الجهات الثقافية المصرية المعنية بهدف تنظيم أنشطة ثقافية ومهرجانات للفنون الشعبية للتقريب بين مصر والشعوب المختلفة فمبدأ الفصل بين السلطات يشكل ضمانات لخضوع الدولة للقانون بما يؤدي إليه من «تخصيص عضو مستقل لكل وظيفة من وظائف الدولة، فيكون هنالك جهاز خاص للتشريع، وجهاز خاص للتنفيذ، وجهاز ثالث للقضاء، ومتى تحقق ذلك أصبح لكل عضو اختصاص محدد، لا يمكنه الخروج عليه دون الاعتداء على اختصاص الأعضاء الآخرين، ولا شك في أن الفصل بين السلطات يمنع ذلك الاعتداء، لأن كلاً منها سيوقف عدوان الأخرى»، وذلك حسبما قرره مونتسكيو من أن «السلطة تحد السلطة» ومع أن المبدأ، الفصل بين السلطات، يشكل ضمانة هامة وفعالة لخضوع الدولة للقانون، إلا أن عدم الأخذ بالمبدأ لا يعني عدم قيام الدولة القانونية أو انهيار معناها «فخضوع الدولة للقانون يتم بمجرد احترام الهيئات الحاكمة لقواعد اختصاصها وعدم خروجها على حدود سلطاتها، الأمر الذي يمكن أن يحدث دون الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات. وما فصل السلطات إلا ضمانة من بين ضمانات أخرى لإجبار السلطة على احترام قواعد اختصاصها وعدم الخروج عليها.. حقيقة، إن فصل السلطات ضمانة أساسية وفعالة، ولكن يمكن أن نتصور -نظرياً- قيام نظام الدولة القانونية بغير الفصل بين السلطات. ومع هذا، فقد ثبت تاريخاً أن الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات وما ينطوي عليه من رقابة تباشرها الهيئات الحاكمة، كل على الأخرى، يسهم في خضوع الدولة للقانون، ويشكل ضمانة هامة وفعالة لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم. وتنظيم رقابة قضائية هو الضمانة الأخرى لخضوع الدولة للقانون، بل هو «أقوى هذه الضمانات جميعاً. وذلك بما تقدمه النظم القانونية المعاصرة من حلول مختلفة في شأن تنظيم الرقابة القضاية على أعمال الهيئات العامة، إذ لا شك في أن مخاصمة الهيئات العامة أمام قاض متخصص يملك أن يناقشها [في] تصرفاتها، وأن يراجعها الحساب في مشروعية هذه التصرفات، سوف يكون من أهم عوامل إرساء مبدأ المشروعية وفرض احترامه على الجميع. فالرقابة القضائية تحقق، بدرجة أعلى من الرقابة البرلمانية والرقابة الإدراية، خضوع الدولة للقانون بما تعطيه للأفراد من سلاح يستطيعون بمقتضاه «الالتجاء إلى جهة مستقلة تتمتع بضمانات حصينة من أجل إلغاء أو تعديل أو التعويض عن الإجراءات التي تتخذها السلطات العامة بالمخالفة للقواعد القانونية المقررة» وأخيراً، يشكل تطبيق النظام الديمقراطي بحسب نظام الدولة القانونية ضمانات أخرى، فتنظيم الحكم بطريقة ديمقراطية –حسب تسمية الفقه الدستوري- بما ينطوي عليه من حق المحكومين في اختيار الحاكم، ومشاركته السلطة مباشرة أحياناً، ومراقبته، وعزله، له أثره الفعال في خضوع الحكام للقانون ونزولهم على أحكامه. تلك هي مقومات الدولة القانونية، وضمانات خضوع الدولة للقانون، كما يوضحها فقهاء القانون العام. وهي مقومات وضمانات مماثلة – من حيث الشكل والمنظر، لا من حيث الحقيقة والجوهر- لتلك المقومات والضمانات الموجودة في الدولة القانونية بالصيغة الإسلامية، التي تضمنت زيادة على ذلك، خصائص الشريعة الإسلامية التي تعلو بها على القانون الوضعي، وكذلك منهجية تفعيل التشريع كله بما في ذلك حقوق الإنسان، تلك المنهجية التي يفتقر إليها القانون الوضعي. والسؤال الآن: ما هي التحديات والمعضلات في نظام الدولة القانونية بالصيغة الوضعية التي تجعله قاصراً عن القدرة على حماية حقوق الإنسان؟ وما هو البديل الأمثل؟ ** كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية