موجة من الجدل صاحبت إلغاء وزارة الإعلام والإتجاه لتشكيل المجلس الوطنى للإعلام وفقا للدستور حيث تباينت الآراء فى محيط الرأى العام ومجتمع الإعلاميين بين الترحيب بالقرار باعتباره خطوة على الطريق وبين وصفه ب"المتعجل" وسط حالة من ترقب تبعاته وآليات تطبيقه خاصة فى ظل تعدد التصورات المطروحة لمشروع قانون تأسيسه والمخاوف من تبعيته لجهة حكومية ومن وجود إشكاليات تتطلب الحسم قبل تفعيل هذا الكيان . موقع أخبار مصر طرح القضية للنقاش بين خبراء الإعلام الممارسين والأكاديميين للوقوف على ردود الفعل لإلغاء الوزارة بما له وما عليه وتصورات النموذج المثل للمجلس الوطنى المنتظر. تقييم المنتج الإعلامى الكاتب الصحفى أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق قال لموقع أخبار مصر إن الإلغاء لن يؤثر سلبا على المخصصات المالية للاتحاد وأجور العاملين ولكن ستكون هناك إعادة نظر فى قيمة المنتج الاعلامى من حيث المحتوى والقضايا وامكانيات الاستديو وكيفية الاعداد مشيرا الى أن أغلب المشاكل ترتبط بنقص المعدين الاكفاء وذلك من أجل المنافسة وجذب المستمعين والمشاهدين والمعلنين . ويرى وزير الإعلام الأسبق أن القرار كان متعجلا لأن المسألة ليست بالبساطة التى يتصورها البعض ،وكان ينبغى قبل الإلغاء أن يتولى وزير الاعلام مهمة إعادة هيكلة إتحاد الاذاعة والتلفزيون وسداد المديونيات التى تصل 30 مليار جنيه . وأوضح أنه لايوجد تصور متفق عليه حتى الآن لكيفية تشكيل المجلس ومن سيتبع وما اختصاصاته ومصادرتمويله وكيف سيدير هيئتى "الصحافة والاذاعة والتلفزيون" وهل هناك مشروع قانون للمجلس سيتم عرضه على مجلس النواب وكم يستغرق إقراره . ولفت إلى أن وزارة الإعلام تم إلغاؤها بالفعل عام 2011 ثم إعادتها مرة اخرى دون الاستفادة من التجربة بما لها وما عليها. وفيما يتعلق بالحرية ، قال هيكل إن السنوات التى تلت ثورة 25 يناير شهدت مساحة من الحرية الإعلامية باستثناء سنة "حكم الاخوان" ، "فأنا شخصيا كنت أهاجم فى التلفزيون المصرى ولا أرد إلا أن الحرية يجب أن تكون مسئولة والأداء المهنى المحترم يراعى آداب المهنة". توقيت غير مناسب واتفق معه د.حسن على عميد كلية الإعلام بجامعة بنى سويف قائلا إن التوقيت لم يكن مناسبا لأنه من المفترض أن يسبق بدء تأسيس المجلس الوطنى للإعلام وضع مشروع قانون أو إصدار مرسوم بقانون له إلا أن الوزيرة السابقة لم توفق فى إقرار ميثاق الشرف الاعلامى أو وضع مشروع قانون للمجلس يتوافق عليه الإعلاميون و لم تعد هيكلة الإتحاد خلال الفنرة الانتقالية. وأضاف د.حسن على أنه وفق تصور وضعته جمعية "حماية المستمعين والمشاهدين والقراء"من المقترح أن يتم تشكيل المجلس من خلال البرلمان وبالتالى مازالت هناك شهور يمكن خلالها دراسة الأمروإعداد مشروع قانون لإرساله الى الرئيس والبرلمان محذرا من تحول المجلس الى ديناصور مدمر لأنه سيهيمن على الصحف والقنوات العامة والخاصة والإعلام الالكترونى ،وسيكون له سلطة المتابعة والمحاسبة ومنح أو سحب التراخيص . ونبه عميد كلية الإعلام ببنى سويف لوجود إشكاليات تواجه التحول من تبعية الإعلام للسلطة التنفيذية الى إعلام الشعب مثل تفكيك الوزارة وتغيير مسمى الاتحاد وكيفية سداد الديون بعد إعادة الهيكلة و توظيف هذا العدد الكبيرمن العاملين فى أماكن مناسبة مستبعدا الاستغناء عن عدد من الموظفين بماسبيرو أو تقليص ميزانيته لأن هناك موظف بدرجة وزير يتولى الإشراف على المجلس لحين تشكيله . واقترح تشكيل لجنة شعبية أسوة بلجنة الخمسبن لمناقشة كل مايتعلق بتأسيس المجلس حتى لا يصدر قرارمتعجل بتأسيسه من جهة حكومية بما يتنافى مع استقلالية الاعلام . النقاش المجتمعى للمشروع بينما قالت د.هويدا مصطفى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن الوقت ملائم والقرار كان متوقعا لتطببق المواد الخاصة به بالدستور لافتة إلى أن مشروع قانون المجلس يجب أن يطرح للنقاش المجتمعى قبل عرضه على البرلمان القادم . وأشارت أستاذ الإعلام إلى ان هناك مبادرات متعددة منها مؤتمرفى مارس الماضى لكلية الاعلام عن مستقبل الاعلام المرئى والمسموع فى ظل دستور 2014. ونوهت عن ان خطوات التنفيذ بمكن ان يترتب عليها نواحى سلبية اذا لم تتم دراستها جيدا أو تضمنت إجراءات لاتراعى البعد الاجتماعى . النموذج الفرنسى واقترحت د.هويدا مصطفى الاستفادة من تجارب عالمية مثل تجربة فرنسا التى تجمع بين الاعلاميين والحقوقيين والسياسيين بالمجلس . وهنا يتفق معها الإعلامى جمال الشاعر الذى اقترح تطبيق النموذج الفرنسى فى تأسيس المجلس الوطنى للاعلام بحيث يضم 9 أعضاء من المتخصصين على أن يختار رئيس الجمهورية 3 أعضاء والبرلمان 3 أعضاء و النقابات 3 أعضاء مع ترك مسألة إختياررئيسه لانتخابات حرة داخل النقابة . وطالب الشاعر الإعلاميين بانتظار انتخاب البرلمان القادم مع مواصلة دورهم من خلال النقابة بالتعاون مع نقابة الصحفيين من خلال التوعية والمبادرة بوضع تصورات مدروسة للمجلس الوطنى للاعلام والهيئة الوطنية للإعلام وللصحافة حتى يضمنوا تشكيله بالصورة المطلوبة . وحذر من الضغط لإصدار تشريع سريع بتأسيس المجلس أو النقابة مما قد يفرض علي الإعلاميين قرارات متعجلة بتأسيس كيانات لم يتوافقوا على تشكيلها أو طريقة أداء عملها بصورة قد تهدد استمرارها لتأثيرها على حرية الاعلام واستقلاله . مظلة للتطويرالمهنى أما الصحفى أشرف البربرى مدير تحرير جريدة الشروق، فقال دائما التصورات النظرية والأهداف المعلنة تكون جيدة بينما التطبيق الواقعى قد يأتى بنتائج غير مرجوة بمعنى أن الهدف مثلا من تشكيل المجلس الأعلى للصحافة كان ضمان استقلالية الصحافة تحت مظلة مجلس الشورى إلا أنه تحول مع الوقت الى وسيلة لاحكام السيطرة على الصحف خاصة القومية وكيان لمكافأة الصحفيين المرضى عنهم . واستطرد ،قائلا "وبالتالى هناك مخاوف من أن يتحول المجلس الوطنى للاعلام الى نسخة كربونية من "الاعلى للصحافة " وإن كنا نتمنى ألا يحدث ذلك من خلال ضوابط ومعايير لتشكيل المجلس من الكفاءات والخبراء ووضع آليات لعمله تضمن عدم تبعيته للدولة أو اعتماده على دعمها المادى" . وطالب أشرف البربرى بأن يتم تشكيل المجلس كى يكون مظلة تجمع مختلف وسائل الاعلام بهدف متابعتها وتطويرها فى ظل المنافسة الشرسة وضمان التزامها بمعايير الحيادية والموضوعية والمصداقية وحماية حقوق العاملين بها خاصة أن الخريطة الاعلامية تغيرت تماما فى السنوات الأخيرة . خطوات وتصورات ومن جانبه ، أعلن عصام الأمير رئيس إتحاد الإذاعة والتلفزيون والمشرف على المجلس الوطنى للإعلام لحين تشكيله أن مستقبل ماسبيرو يسير للأفضل بعد إلغاء وزارة الإعلام وبدء خطوات لتشكيل المجلس الوطنى للإعلام والجارى وضع عدة تصورات له من اليوم الأول لإلغاء الوزارة حتى لا يتم فرض نموذج بعينه على الإعلاميين . وأكد الأمير فى تصريحات صحفية أنه لن يضار عامل بإتحاد الاذاعة والتليفزيون بسبب إلغاء الوزارة وأن القرارات ستكون سريعة ولن يتأثر العمل أو التطوير أو الإستحقاقات المالية للعاملين بعد إلغاء الوزارة، مع الالتزام بإتفاقياتنا التى عقدت خلال الفترة السابقة مادامت فى صالح الإتحاد. وأضاف أن الدولة جادة في خطواتها لتنظيم الإعلام في مصر من خلال إنشاء المجلس الوطني للإعلام الذي سيشرف على "هيئة الإذاعة والتليفزيون والهيئة الوطنية للصحافة "حتى يستعيد الإعلام المصري مكانته الرائدة في المنطقة وينافس بقوة في الساحة الإعلامية العربية مطالبا بالتكاتف من أجل النهوض بمنظومة الإعلام . *ومازال الإعلاميون يترقبون خطوات تأسيس المجلس الوطنى للإعلام وسط هواجس من تأثيره على أوضاعهم الوظيفية والمالية وآمال بتطوير أدائهم المهنى ومنحهم المزيد من الحرية المسئولة تحت مظلة منظومة جديدة لتنوير الشعب .