مع إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام مسؤوليته عن تصفية الاف العراقيين في المدن العراقية وفرض سيطرته علي مدينة الموصل ثاني اكبر المدن العراقية وإعلانه نيته الوصول للعاصمة العراقيةبغداد يظهر جليا تساؤل حول من هو تنظيم داعش وكيف أصبح بتلك القوة ليتغلب علي القوات العراقية ويسيطر علي مدنها بتلك السهولة. كانت "داعش" في بداياتها عام 2004 تعمل تحت مسمي "جماعة التوحيد والجهاد" بزعامة ابي مصعب الزرقاوي قبل أن يبايع هذا الاخير زعيم "القاعدة" السابق اسامة بن لادن ليصبح اسمه "القاعدة في بلاد الرافدين". وبعد مقتل الزرقاوي "انتخب" ابي حمزة المهاجر زعيما للتنظيم وبعد أشهر أعلن عن تشكيل "دولة العراق الاسلامية" بزعامة ابي عمر البغدادي. لكن القوات الاميركية نجحت في ابريل 2010 في قتل البغدادي وابي حمزة المهاجر فاختار التنظيم ابا بكر البغدادي خليفة له. ويتصدر أولويات البغدادي جهاد القريب، أي ضد العدو المباشر، أي المسلمين المعارضين لمشروعه وليس ضد الغرب كباقي تنظيم القاعدة مما ادي لتصادم بين تنظيم القاعدة وبين داعش. واعلن البغدادي ان المجموعة الإسلامية المسلحة في سورية المعروفة ب"جبهة النصرة" هي امتداد له، واعلن دمجهما تحت مسمى واحد وهو "الدولة الاسلامية في العراق والشام" ليتشكل تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) في ابريل عام 2013. وعلى خلاف جبهة النصرة، لم يسع داعش إلى مواجهة الجيش السوري، وكان شاغله هو بسط سيطرته على أراضٍ سورية قريبة من العراق كبوابة لها فبسط يده على الرقة وأعدم جنوداً علويين ثم استهدف المناطق النفطية وسيطر علي مدينة البوكمال السورية المحاذية للحدود العراقية ليسيطر بذلك علي المعبر الحدودى مع العراق. وسرعان ما انقلبت النصرة علي داعش واتهمتها بمحاولة الانفراد بالسيطرة والتشدد فى تطبيق الشريعة الإسلامية وتنفيذ إعدامات عشوائية.. ووصل الخلاف ذروته بعد اعتراض داعش على دعوة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى لهم بالتركيز على العراق وترك سوريا لجبهة النصرة لترفض جبهة النصرة هذا الاندماج وتبدأ المعارك بينها وبين داعش في يناير 2014. وفي نهاية 2013 ظهر تقارب بين داعش وبين أنصار بيت المقدس في مصر و أنصار الشريعة في تونس وليبيا مما استدعي فتح الظواهري لحربا مفتوحة ضد داعش لشعوره بان البغدادي يسحب البساط من تحت اقدامه الا ان ذلك لم يقلل من قوة داعش وسيطر التنظيم في يناير مع جماعات اخرى على الفلوجة وقطاعات من الرمادي غرب بغداد و وصل الي مشارف بغداد في ابريل الماضي مصادر التمويل لا يوجد مصدر محدد او معلن يقوم بتمويل هذا التنظيم خاصة وانه اصبح ضد القاعدة الا ان مصادر تمويله فرديه وتتوارد الاخبار عن كونها من اثرياء الخليج .. كما تتجه التخمينات إلى بعض قيادات الجيش العراقى السابق فى عهد صدام حسين فالتنظيم لا يملك أكثر من 15 ألف مقاتل غالبيتهم فى سوريا، بحسب ما قال زعيمها أبو بكر البغدادى بنفسه وبالطبع لا يمكن تحقيق مثل هذه الانتصارات بهذا العدد من الأفراد، وما يدلل على ذلك اقتحام قوات داعش لمدينة الموصل ثانى أكبر المدن العراقية، وفرض سيطرتهم عليها فى غضون ساعات بدون مقاومة، بعد أن انسحبت قوات الأمن العراقية بنفس السيناريو الذى جرى حين دخلت القوات الأمريكيةالعراق عام 2003. كما تتجه اصابع الاتهام الي الرئيس السوري بشار الاسد وتدور الشبهات حول وجود علاقة خفية تجمعهما أظهرتها سير العمليات العسكرية والأهداف والمكاسب المشتركة.. فهما لم يتواجها عسكريا إلا مرات معدودة وتفرغت داعش لمحاربة التنظيمات الأخرى مما أسهم بشكل كبير فى ترجيح كفة الأسد ونجاحه فى استعادة المدن التى سيطرت عليها المعارضة. كما انه من المثير للاستغراب كيفية تخلى الاسد عن مدينة الرقة بسهولة وهو ما مهد الطريق نحو ما يجرى الآن فى العراق كما ان العديد من القيادات التي انفصلت عن جبهة النصرة وانضمت لداعش كان أغلبهم فى سجون الأسد قبل أن يطلق سراحهم بعفو عام فى 2011 .. الي جانب ان أحد أهم قادة التنظيم وهو أبو محمد الجولانى كان قد اطلق سراحه عام 2008 من قبل الرئيس الأسد. ومع وصول التنظيم حاليا الي الموصل وسيطرته عليها في عدة ساعات قليلة لتعود للاذهان نفس الطريقة التي سقطت بها بغداد منذ ما يزيد عن عقد من الزمان في يد الجنود الامريكين ايذانا بانتهاء عصر صدام .. فهل ما يحدث الان بادرة لتغيير جديد في الخريطة العراقية خاصة وخريطة الشرق الاوسط عامة ؟؟ سؤال تجيب عليه الايام والشهور القادمة.