السيسي يصدر قرارًا جمهوريًا مهمًا    الداخلية تضبط 231 سلاحًا و417 قضية مخدرات خلال 24 ساعة    "إسكان النواب" توافق على موازنة صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري    كبير مستشاري ترامب يجهز طبق كشرى لنفسه في مطعم شهير بالقاهرة (فيديو)    ماركا الإسبانية: رونالدو على طاولة الوداد المغربي من أجل المونديال    قرار جديد من النيابة بشأن سائق المقطورة المتهم بدهس بطل كمال الأجسام في التجمع    بأمر من المسلماني، نجيب محفوظ في استوديو عالمي بماسبيرو    52 شهيدا في غزة منذ الفجر.. ومسعفون يجمعون أشلاء الشهداء بأكياس بعد تناثر أجسادهم    مقتل نائب أوكراني سابق مقرب من روسيا بإطلاق نار قرب مدريد    تصعيد دموي جديد في بلوشستان يعمق التوتر بين باكستان والهند    «الإسكان الاجتماعي» يبدأ إتاحة كراسة شروط «سكن لكل المصرين7»    بيراميدز يكشف سبب غياب إيجولا عن مواجهة صنداونز في نهائي أفريقيا    جوارديولا يهدد إدارة مانشستر سيتي بالاستقالة بسبب الصفقات    "لمدة شهر؟ غير صحيح".. الزمالك يفجر مفاجأة بشأن موعد رحيل الرمادي    «يرافقني أينما ذهبت».. تصرف مفاجئ من محمود فايز بعد ارتباطه ب الأهلي (تفاصل)    رواج في شراء الأضاحي بالوادي ىالجديد.. والبيطري يحدد الشروط السليمة لاختيارها    القبض على صيدلي هارب من 587 سنة سجن بمحافظة القاهرة    مصرع طفل داخل بيارة بالإسماعيلية    قومى المرأة بالبحر الأحمر تطلق مبادرة معا بالوعي نحميها بمشاركة نائب المحافظ    ولي عهد الفجيرة: مقتنيات دار الكتب المصرية ركيزة أساسية لفهم التطور التاريخي    أفلام موسم عيد الفطر السينمائي تحقق 217 مليون و547 ألف جنيه في 7 أسابيع عرض    الصحة: أكثر من 120 مليار جنيه خصصتها الدولة المصرية لتطوير البنية التحتية الطبية في كافة أنحاء الجمهورية    نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة يستجيب لاستغاثة مواطن طفله يعاني من عيوب خلقية في القلب    تحرير 151 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    وزير الشباب يستقبل بعثة الرياضيين العائدين من ليبيا في العاصمة الإدارية    محافظ القليوبية يَشهد إحتفالية ختام الأنشطة التربوية بمدرسة السلام ببنها    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    مباحث تموين المنوفية تضبط كيانات مخالفة لإنتاج وتوزيع منتجات غذائية    وزير خارجية تركيا: الحرب الروسية الأوكرانية تشهد نقطة تحول على طريق الحل الدبلوماسي    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    طلاب الاعدادية الأزهرية يختتمون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بالمنيا    بوتين في كورسك.. رمزية استعادة الأرض ودور كوريا الشمالية    إي اف چي القابضة تحقق أداء تشغيليا قويا بدعم النمو المستمر لكافة قطاعات الأعمال    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    جلسة مرتقبة من مسؤولي الأهلي للتعاقد مع ثنائي البنك.. إعلامي يكشف    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    السيسي: تمهيد الأراضي الزراعية أمام القطاع الخاص لدفع التنمية    تراجع سعر الجنيه الاسترلينى بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء 21-5-2025    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    بعد زواج 26 عاماً.. أحمد السقا يعلن انفصاله عن مها الصغير    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    فتاوى الحج.. دليلك في حالة المرض    ضبط شركة سياحية غير مرخصة بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    اليوم العالمي للشاي.. قصة اكتشافه وأساطير متعلقة به في الثقافة الصينية    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    بوتين: نخوض حرباً ضد النازيين الجدد    وزير الخارجية الأمريكي: لم نناقش ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن : تقنين البغاء

استطاع الربيع العربي المباغت أن ينزع أوراق تاريخنا من غلافها، وأن يوزع أوراق التوت التي كانت تواري سوءاتنا فوق الخرائط. وتمكنت الكاميرا المتلصصة من التجول في أجسادنا العارية لتوزع صورا مقززة تثير الاشمئزاز في عيون المنحرفين الذين كنا نضم ثيابنا عنهم حين نلتقيهم في الطرقات. وصار المتحرشون في بلادنا نجوم غلاف ومادة للمضغ المقزز في برامج التوك شو التي امتلأ بها فراغنا المخيف.
وتحول كل شيء في لغة الميادين إلى شعارات تستخدم المقدس والبذئ لتخرج المصريين من عصمة الرسالات إلى فوضى الجسد، وهكذا، تحول الدين إلى هامش يضيق كلما اتسع الخلاف. وبهذا، نجح المتربصون بالوحدانية إلى زراعة أصنام الغواية وبقايا البؤس في أرض الفوضى، ونجحوا في إقناع المصريين الخارجين من عصمة الثورات بالدوران حول الخوار الإعلامي المقيت ليشاهدوا لغة بذيئة في عصر مليء بالبذاءة، في انتظار عودة محمد بالألواح من فوق الجبل ليعيد إليهم قيمهم التي داسوها تحت أقدامهم عراة في ميادين التيه. جريمة لم تشهد الميادين مثلها، أن تقف امرأتان عاجزتين عن التلحف بثياب رجال تخلوا عن جسديهما،
وتظاهروا بالتقزز وهم يسترقون النظر ليروا ما تركه المنحرفون عاريا من بقايا ليشبعوا في أنفسهم شهوة الادعاء وشهوة الاستنكار وشبقية لم يجيدوا إخفاءها. وفوق بلاط الميدان الذي شهق أولا، يعود المصريون إلى الصمت، لكنه الصمت الأذل في تاريخهم الحديث. منحرفة هي اللحظة انحراف الميادين الفسيحة. ومنحرفة انحراف الصمت أقلام كنا نحسبها على خير. ومن عجب أن تجد كاتبا كان يشار إلى تاريخه بالبنان يطالب ولاة الأمر بتقنين الفجور حفاظا على القيم. وكأن قيم المواخير هي الملاذ الأخير لأصحاب العقائد في مواجهة قيم ما بعد الثورات. يمكنك إذن، طبقا لرؤية كاتبنا الملهم، أن تخرج من كنيس أو كنيسة أو مسجد بقدمك اليسرى، لتدخل دار بغاء بنفس القدم لتخرج ما في جعبتك من فحولة ثم تعود أدراج تدينك كأن فسقا لم يكن. وتحت حماية شرطي لا يستحق أن يرفع رأسه عاليا، يمكنك أن تقضي شهوتك كما تقضي حاجتك، فالمواخير المرخصة كالمراحيض العامة في مفاهيم كتاب ما وراء القيم. في ميدان الحرية، تحرش عصبة من الفجار بامرأتين لا حول لهما ولا ناصر، ولم تجدا من بين الواقفين حول عريهما المدنس رجلا من أطهار الزمان الأخير إلا مفكرا بائسا يطالب المتحرشين بالتستر، ويطالب الدولة بتقنين البغاء وحراسة من ينفثون عن مكبوتاتهم المنحرفة صونا لما تبقى من قيم وحماية لعفة القوارير التي لم تطلها يد العابثين بعد. وكأن المسيح ومحمد لم يأتيا إلى هذا العالم المليء بالمدهشات إلا ليحررا رجاله من شهواتهم القذرة في أجواف المومسات.
استطاعت التكنولوجيا إذن أن تحشر الناس جميعا في غرفة ضيقة ليمارسوا طقوس اللهو ذاته، لكن يبدو أن الغرفة تلك لم تتسع لأصحاب القيم المخالفة والثقافات المغايرة. ويبدو أن صفحات التواصل قد استطاعت أن تهدم كثيرا من القيم التي ميزت شعوبا وقبائل على مر العصور. فرضت التكنولوجيا قيم المنتصر ووزعت فساده على أرجاء الخرائط، وأصبح الناس يتحدثون اللغة نفسها ويكتبون التويتات نفسها، ويسخرون من الشيء نفسه، ويتقاسمون الحلم نفسه والخوف نفسه والشبقية والمقت. واستطاع المستعمر من وراء الحدود أن يحول رؤوسنا المهملة إلى قارورات مليئة بالمولوتوف، وأن يجعل مجتمعاتنا المتماسكة هدفا لنيراننا الوشيكة. واليوم ندفع ثمن السقوط وثمن السكوت، وثمن البغاء. لكننا يقينا لن نستطيع حماية المواخير العامة بحجة حماية الفضيلة .. هذا كثير.
**كاتب المقال
أديب مصرى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.