إن الحياة الخاصة لا تستأثر بكل جوانب حياة المسلم فلا عزلة في الإسلام بالمعني المعروف في المجتمع الكنسي بل تقوم حياة الفرد المسلم في دنياه علي الاجتماع والخلطة وفكرة الحق الطبيعي تدور حول إن الفرد وهو غاية الدولة له حقوق سابقة علي قيام الدولة وعلي ذلك فليس للدولة إلا أن تقر بهذه الحقوق وتحترمها لأنها ملازمة للطبيعة البشرية للفرد ولذلك فأنة أمام النقد لصورية الحريات العامة وتوقف الدولة في دور المحايد بعيدا عن مصلحة الطبقات الفقيرة وما تأكد من ضرورة تسليح أفراده هذه الطبقات بالوسائل المادية التي تطيح لها حياة أفضل في مواجهة التطور الاجتماعي والصناعي الهائل لم تستطع الديمقراطيات الغربية أن تصمد أمام الفكر الاشتراكي فأخذت كل دولة من دول الغرب بالقدر الذي تسمح به ظروفها واستحدثت كثيرا من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لأفراد وتحددت بجلاء اتجاهات جديدة أثرا لتيارات الفكر الاشتراكي وظهر ذلك في أقرار الأساس الاقتصادي للحريات العامة فالحرية السياسية هي حق المواطنين في المساهمة في حكومة الدولة ومشاركة الحريات الفردية فيقصد بها مختلف الإمكانيات أو القدرات التي تتيح للمواطنين أو للإفراد تحقيق مصائرهم الخصية بفاعلية واستقلال في نطاق مجتمع منظم ومفهوم الحرية نسبي يختلف باختلاف الزمان والمكان وكذلك باختلاف وضع الفرد في المجتمع كما إن الحريات العامة لا يمكن إن تتحقق إلا في ظل نظام عام قوي اقتصاديا وسليم بسلامة بنيانه الاجتماعي والسياسي وعدالة الضوابط فيه إلا أنة لا يمكن الاعتراف بحرية عامة مطلقة للفرد إذ يتعين التوفيق بين رغبات الخص وبين النظام العام في المجتمع كما يتعين علي الفرد مراعاة الضرورات الاجتماعية التي تحيط به وبهذا يصبح الإنسان حرا حقيقة أما الشريعة الإسلامية فهي تقيم حلولها علي أساس من الخلق الذي لا تتغير معاييره بتغير الزمان المكان كالصدق و الأمانة والوفاء بالعهد وذلك في كافة مجالات التعاملات والعلاقات الدنيوية والشريعة تستمد هذه الحلول الخلقية من الدين وذلك الدين الذي يقوم علي أساس من العقيدة ولذلك فأنة من المعروف لدي المحققين إن أساس الفقه الإسلامي هو وحي الله تعالي ذلك الوحي الذي نجده في التنزيل العزيز وسنة رسوله العظيم صلي الله علية وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ففي هذين المصدرين نجد جماع ما نعرف اليوم من أقسام القانون الحديث المختلفة والمزج لطبيعي بين العقيدة والخلق وتالف دين المرء مع دنياه واتساق جوانب حياته المختلفة هو الذي يتميز به الإسلام ويحقق للفرد تحاوله مع فطرته فإذا بلغ المسلم الذروة في ذلك فهو المثل الكامل فأخلاق من العلوم المعيارية التي تبسط للناس مثلا عليا ينبغي إتباعها وتختلف عما يكون عليه الإنسان في الواقع ويختلف المفكرون الفلاسفة منذ قديم الأزل فالأخلاق في الإسلام تقوم علي الإيمان بالله علي نحو ما ورد بالقران الكريم والسنة النبوية وفي ذلك تحقيق السعادة للإنسان هذه السعادة التي تتمثل في قوام الفضائل وأساس الوجبات ويتحقق هذا بعد العبادات بالنصح والبذل والحب للناس دون انتظار لجزاء وهي مبادئ علمية أساسا وليست منقطعة عن هذه العالم فإننا نرى ضرورة إعادة النظر في ما طرح من هذه التعريفات، ومحاولة وضع تعريف علمي ومنهجي دقيق يوضح ماهية هذه الحرية وخصائصها، مبتعداً عن سرد عناصرها التي لم يتفق فقهاء القانون العام لحد الآن على عددها، إذ إن التعريف عادة لا يكون مشتملاً على سرد عناصر المعرَّف بل إنه من خلال بيان ماهيته وخصائصه يمكن للمقابل أن يكتشف عناصره ويستبعد باقي المفردات التي لا تملك الخصائص المذكورة في هذا التعريف. ونجد بأن أكثر تعريف مراعاة لما ذكرناه هو تعريف الأستاذ الدكتور محمد زكي أبو عامر وذلك حين عرفها بأنها: (مركز يتمتع به الفرد ويمكن له بمقتضاه اقتضاء منع السلطة من التعرض لبعض نواحي نشاطاته الأساسية أو الأصلية التي تتوقف حياته اليومية على تأمينها) مع الأخذ بنظر الاعتبار أن هذا المركز ليس مقتصراً على منع السلطة من التعرض لنشاطاته فقط بل يشمل منع الأفراد أيضاً من هذا التعرض. كما أن النزوع إلى التحرر والحرية قد يكون مفيداً إذا كان منطلقاً من الحرية الموجهة وليس المطلقة بحيث يساهم التحرر من القيود الخاطئة في تنمية الإبداع والابتكار عند الشباب الطموح، وتنمي البناء العلمي والثقافي والفكري؛ كما أن الحرية في إطار الضوابط تساهم في تنمية الشخصية الإنسانية للشباب. أما إذا كانت الرغبة في التحرر والحرية يعني الحرية المطلقة من دون أية قيود وضوابط فلا شك أن مثل هذه الحرية لها مخاطر وآثار سلبية وتدميرية للأفراد والمجتمعات. (( من الميول الحادة التي تستيقظ بشدة عند الشباب لدى بلوغهم هذه المرحلة وتجذبهم وتسلب ألبابهم هي رغبة الحرية، وأية حرية؟ ليست الحرية المعتدلة المعقولة بل الحرية المتطرفة والحادة. الشاب وبطبعه يريد الحرية المطلقة بلا أي قيد أو شرط، وفي رأيه أن الحديث عن العقل والمنطق، وعن القانون والضابطة، وعن المصلحة والحدود، هو أمر لا قيمة له. والشيء الذي يرغب به الشاب ويطلبه حثيثاً باندفاع وشوق؛ الإشباع الحر للغرائز والالتذاذ المطلق في نيل الرغبات النفسية، ولا يمكن بلوغ هذا الهدف إلا بالحرية أللا محدودة والمطلقة، لهذا قيل أن الشباب مرحلة الإفراط، والكهولة مرحلة الاعتدال، والشيخوخة مرحلة الالتزام )) وإذا كان الكبت والخشونة والقوة من الأساليب التربوية الخاطئة في التعامل مع الأولاد والأبناء (جيل الشباب) فإن من الخطأ أيضاً إطلاق العنان للأولاد باسم الحرية، لأن مثل هذه الحرية المطلقة تعني الفوضى والوقوع في الرذائل والموبقات، والأنكى أن تقع مثل هذه الأعمال تحت مسمى الحرية، واستقلال الشخصية، والتعبير عن الذات! الحرية هي سبيل إلى تحقيق العدالة المفقودة، فالعدالة الحقة لا تتحقق في ظل الاضطهاد وحرمان الحقوق ومنع الممارسات الإنسانية الشرعية، فالحرية مقدمة أساسية لدفع الظلم وإزالته من المجتمع. وفي إقصاء الحرية يتعذر أن نتواصل مع المجتمع بصدق وإخلاص ومحبة، وهذا على المدى البعيد يؤثر تأثيراً سلبياً على تقدم المجتمع وتطوره ولذلك نجد أكثر المجتمعات تحضراً ورقياً أكثرها حرية. إننا نخاف من الحرية لأننا لا نعرف قيمتها وأثرها، نخاف من الحرية لأننا لا نثق في الآخرين، نخاف من الحرية لأننا نفتقد القيم والمبادئ الرفيعة، نخاف من الحرية لأننا أنانيون متكبرون جاهلون لمعنى الحرية. نخاف من الحرية لأننا نريد أن نستغل الآخرين لنحقق أهدافنا المتعارضة مع أهداف غيرنا. . بالإضافة ألي ما تقدم من معاني الحرية لا بد أن نبحث عن الحرية في نطاق المجتمع نفسه. و هنا نجد أنفسنا بإزاء ما يمكن تسميته الدليل الاجتماعي على و جود الحرية. وهو الدليل القائم على القوانين و الجزاءات . فإننا نعلم جميعاً أن ممارسة العقود بين الناس ، و وجود الشرائع و القوانين ، و على الأخص القوانين الجنائية وما يستتبعها من جزاءات كل هذا يفترض أن الإنسان سيد أفعاله و بالتالي أنه مسئول لإسلام كفل للمسلمين الحرية وقيدها بقيود، منها: عدم المساس بالأخلاق العامة، وعدم تشكيك الناس في معتقداتهم ونشر الإلحاد والفتنة بين الناس، ولكن للأسف نحن من أسأنا فهم الحرية واستخدامها، فمثل تلك الأفعال التي ذكرتها تنافي أخلاق المسلم وليست من الحرية في شيء.يا من يدعي أن كلمة أنا حر تعني رفع صوت المتحدث وقهقهته بشكل لافت في الأماكن العامة أو رفع صوت المسجل في سيارته داخل الأحياء أو التعبير بفرحته بإزعاج الآخرين أو التدخين في الأماكن الممنوعة، فهو بذلك ليس حرا أبدا إنما هي العبودية فبذلك يصبح الإنسان عبدا لشهواته ونزواته.معنى أنا حر أن يكون الإنسان ذا رأي وكلمة مسموعة ولا يكون عضوا شاذا في مجتمع الأنا، فالحرية هي التحرر من العبودية التي تتجلى معالمها في أخطائنا ونزواتنا وشهواتنا وخروجنا عن المألوف والمشروع. ** كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية