إن قضية فلسطين من أهم القضايا التي تشغل الأمة الإسلامية في العصر الحاضر، بل إنها من أهم القضايا التي ظلت تشغل المسلمين حول العالم على مدار العصور المختلفة. لقد حظيت القضية الفلسطينية باهتمام كبير لدى مسلمي الهند، واليوم تشكل محور اهتمامهم الأساسي بكونها أرضا للرسل والأنبياء الذين حملوا راية التوحيد ودعوا أقوامهم إلى الالتزام بها. تعود العلاقات التاريخية بين مسلمين الهندوفلسطين لأكثر من أربعة قرون، عندما قدم رجل هندي صالح بابا فريد مسعود شكر كنج إلى مدينة القدس لزيارة المسجد الأقصى، فأسكنه الفلسطينيون في غرفة تابعة إلى شمال المسجد الأقصى، هي التي تعرف حتى الآن بالزاوية الهندية. لقد ارتبط مسلمو الهند على وجه هذه البسيطة بهذه الأرض دينياً وروحياً، وهم كانوا يقدمون بين الحين والآخر أفواجا أفواجا لزيارة الأرض المقدسة والصلاة في المسجد الأقصى. فإن قضية فلسطين بميراثها الديني والتاريخي والواقعي لَتُمَثِل إحدى أهم القضايا التي اهتمَّ بها مسلموا الهند. وتتعاقب الأيام وتتوالى السنون، بينما ارتبط مسلمون الهندبفلسطين أكثر فأكثر، ثم شهد العقدان الثاني والثالث من القرن العشرين ارتباطا وثيقا بين رجال الثورة والحكم في فلسطينوالهند حيث بذل الزعيم الهندي محمد علي جوهر جهدا واسعا وتضحية عالية من أجل تخليص فلسطين من الاحتلال. لقد اهتم هذا القائد الهندي وجعل القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين في العالم كله، فلم يبخل بالمال والرجال والجهد أو الكلمة الحقة حتى لقي ربه وهو يكافح من أجل هذه القضية في عقر دار المستعمر بلندن. ولتفتخر أرض فلسطين والشعب الفلسطيني بوجود جثمان هذا القائد الهندي في باحة المسجد الأقصى. إن التجربة الفلسطينيةوالهندية في التحرر الوطني وأمل التخلص من الاحتلال أدت إلى تقارب في الفكر السياسي والسياسة الخارجية لكلا الطرفين، و توثيق أواصر العلاقات المختلفة بين الجانبين. وقد تجلى ذلك في رفض الهند القرار الدولي الذي نص على تقسيم فلسطين. وكان لمهاتما غاندي موقف واضح لمساندة القضية الفلسطينية حيث أدان بريطانيا لقيامها بتبنى مشروع تقسيم فلسطين، لقد عبر المهاتما غاندي عن تعاطفه مع العرب والفلسطينيين في صراعهم ضد الاستعمار وقال كلمته الشهيرة: إن الدعوة لإنشاء وطن لليهود لا تعني الكثير بالنسبة لي، ففلسطين تنتمي للعرب تماما كما تنتمي انجلترا للإنجليز أو فرنسا للفرنسيين. ومن الخطأ فرض اليهود على العرب، وما يجري اليوم في فلسطين، لا علاقة له بأية منظومة أخلاقية. وفي ضمن ما طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاليا خطة السلام والتي وصفها ب "صفقة القرن" قائلا: تتخذ إسرائيل اليوم خطوة كبيرة نحو السلام، وإنها ربما تكون فرصة الفلسطينيين الأخيرة للحصول على دولة مستقلة. وفي هذا السياق، إن الموقف مسلمي الهند هو الموقف الواضح بأن القدس روح المسلمين ولن يقبل مسلموا الهند دولة للفلسطينيين بدون القدس. فالحل الوحيد لاحلال السلام في المنطقة هو تأسيس دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عام 1967م. *كاتب المقال الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها