تنسيق الثانوية العامة 2025.. كليات المرحلة الثالثة من 50% أدبي    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بالصاغة بعد آخر انخفاض    6 رسائل مهمة من مدبولي أمام مجلس الأعمال المصري الياباني بطوكيو    الاسكان توضح موقف قرار سحب الأرض المخصصة لنادى الزمالك    بينها إعادة تفعيل اتفاق 1974.. تفاصيل لقاء وزير الخارجية السوري ووفد إسرائيلي في فرنسا    رسالة نار المعاداة لن تمر دون رد.. شرارة حرب بين نتنياهو وماكرون بسبب فلسطين    سخط متصاعد بين جنود الاحتياط في إسرائيل مع استمرار حرب غزة    «عايزين توصلونا ل إيه؟».. مدرب بيراميدز ينفجر غضبًا ضد الحكام    دغموم المتصدر.. ترتيب هدافي الدوري المصري قبل بداية مباريات اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    هشام نصر يكشف كواليس أزمة سحب أرض الزمالك بأكتوبر: "قرار مفاجئ خلال 24 ساعة ونحن جاهزون للتفاوض"    مفاجآت نارية.. ثلاثي الأهلي بين أبرز المستبعدين من معسكر منتخب مصر وإصابات تهدد آخرين    تعديل موعد جنازة والد محمد الشناوي.. اعرف السبب    «مفتوحة ومجانية».. تردد قناة ثمانية الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في السوبر السعودي    أول بيان من «الداخلية» بشأن إجراء شخص مكالمة إباحية والادعاء بكونه مساعد وزير    كتم أنفاسها 10 دقائق بمعاونة شريكه.. كيف أنهى القاضي حياة زوجته شيماء جمال ؟ (قصة كاملة)    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    إدانة أممية: إسرائيل تقوّض العمل الإنساني وتقتل 181 إغاثيًا في غزة    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    جولة ميدانية لنائب محافظ قنا لمتابعة انتظام عمل الوحدات الصحية    ارتفاع الصادرات المصرية بنسبة 22% في النصف الأول من 2025    والدة شيماء جمال بعد إعدام القاضي أيمن حجاج وشريكه: كدا أقدر آخد عزاها وهدبح عجل    شديد الحرارة، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الأربعاء    تأجيل الجمعية العمومية لشعبة المحررين الاقتصاديين ل26 أغسطس    ب 3 رصاصات غادرة، نهاية مأساوية ل "ملكة نيويورك" عن عمر يناهز 33 عاما (صور)    محافظ دمياط يترأس اجتماع لجنة اختيار القيادات    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    دفاع قاتل الإعلامية شيماء جمال يكشف تفاصيل تنفيذ حكم الإعدام للمتهمين    المقاولون يهنئ محمد صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي    البيت الأبيض: بوتين أبلغ ترامب استعداده للقاء زيلينسكي قريبا    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    أحمد العجوز: لن نصمت عن الأخطاء التحكيمية التي أضرت بالإسماعيلي    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد أوساسونا فى الدوري الإسباني    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    كاتس يجتمع مع زامير للتصديق على خطة احتلال مدينة غزة    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق الشاعر يكتب عن : أديروا بنادقكم
نشر في الزمان المصري يوم 04 - 09 - 2012

في مارس عام 2003، جاب نحو خمسين ألف يساري شوارع بوسطن منددين بالحرب الاستعمارية على العراق ومطالبين الجيش الأمريكي بسحب دباباته من فوهات المدن العربية. كانت الأصوات هناك تهدر بنفس الشعارات التي ألهبت حناجر العمال إبان الثورة البلشفية: (أيها الجنود، أديروا بنادقكم). فملامح الجنود المغلوبين على تقدمهم واحدة وإن اختلفت لكناتهم وألوان بزاتهم، ونبرات قواد التاريخ واحدة وإن تباينت الأنواط والنياشين التي توشي صدورهم المنتفخة، فهي تأتي دوما من خلف الخطوط الذاهبة إلى مستنقعات الدماء. بيد أنه في حين نجح الثوار البلاشفة في تغيير مسار الطلقات لتستقر في قلوب قادة الجيش النظامي وإنهاء حكم القيصر، فشل ثوار بوسطن فشلا مخزيا في توجيه فوهات مدافعهم نحو صدور قادة البنتاجون، وظل الرصاص الحي يتدفق نحو قلوب الصبية والنسوة والعجائز في العراق دون توقف.
في الغرب لا ينسى اليساريون مقاعدهم ولا يبدلونها طمعا أو تقية، ولا تلهيهم العداوات التاريخية وسخائم الصدور عن مقاصدهم لأن قضاياهم الثورية تترفع عن الانحناء أو الالتواء أو التسويف. إنهم يجيدون الطرق فوق صفائح صدورهم بأكفهم العارية ليس ندما على خطيئة موروثة كما يفعل المغمورون في مستنقعاتهم الفكرية الآسنة في شرقنا والذين لا يكفون عن إراقة دماء الماضي فوق أعتاب المستقبل كل صلاة، بل يفعلون ذلك رفضا لقهر واقع وظلم يرفضون أن يشاركوا فيه الدبابات بالصمت والطلقات بالخنوع.
وفي مظاهراتهم المنددة بالحرب، ينسى اليساريون جلودهم وبصمات أصابعهم ولون أعلامهم، ويتحركون نحو رايات أسمى تدافع عن المقهورين والمغلوبين والمقموعين في جهات الكون الأربع. فالعراقيون لديهم مظلومون إلى أن ينالوا حريتهم، والأمريكيون عندهم ظالمون حتى يضعوا أسلحتهم أو يديروها في الاتجاه الصحيح. لا فرق عند أهل اليسار الغربي بين ظلم وظلم، أو بين خطيئة وخطيئة، لأن الجريمة في شرعهم لا جنسية لها. وتراهم يحملون خرائطهم في صدورهم ويرفعون أعلامهم فوق رغباتهم الآنية وتطلعاتهم الأنانية لأنهم يطمحون إلى عالم أفضل خال من الظلم والظالمين.
أما في بلادنا، حيث يسلم الناس بأَيْمانهم ويأكلون بأيمانهم، فإنهم ينسون في العادة شمائلهم أو يحملونها مجاملة كظل في مناسبات معينة، لهذا لا يبقى لليسار في بلادنا إلا مهمة الاستنجاء ولا يجد اليساريون بيتا إلا الخلاء. والواقع أن العداوة التاريخية عندنا بين الفكر القومي واليساري ليست مصطنعة ولا مستحدثة لأن الناس في بلادنا لا يميزون في الغالب بين يسار الفكر ويسار الجسد. ولأن نصف دماغنا التحليلي والنقدي يقع في الجهة اليسرى، عادة ما يتجاهل الناس عمدا وجوده ويعتبرونه زائدة دودية يمكن لحلاق الحي أو لجراح مبتدئ بتره. وقد يفسر هذا كراهيتنا للفكر وازورارنا عن المفكرين، فإذا ما أصاب أحدنا ابتلاء قيل أن به فكرا.
والحقيقة أن يساريي بلادنا يساهمون بشكل أو بآخر في تكريس تلك الصورة النمطية في أذهان الناس لأنهم رضوا بالقعود عن مهامهم الإصلاحية التي تميز بها اليساريون في كافة بقاع المعمورة، واكتفوا بالمشاركة السلبية في حياة الناس، فلا تراهم إلا منددين ورافعي شعارات وكأنهم يشاركون الناس حياتهم عبر المذياع أو شاشات التلفاز. بعيد يساريونا عن واقعنا العربي المشحون بالألام والمظالم لأنهم يتخاذلون عن نصرة المستضعفين في شرقنا العربي ويكتفون بأدوارهم التقليدية الممجوجة التي لا تتجاوز المطالبة بالسقوط والهتاف ضد الآخر. لهذا تحول الفكر اليساري في بلادنا إلى فكر آخر يعبر عن الآخر ويتحدث عن هموم الآخر ويخاصم آلام المواطن العربي وآماله. لكل هذا أنتظر وينتظر غيري نزول الحشود اليسارية مرة أخرى إلى شوارع بوسطن لتنادي جنودنا الأشاوس: (أيها الجنود، أديروا بنادقكم).
** أديب مصري مقيم بالإمارات
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.