القاهرة الإخبارية: المساعدات لغزة تحمل كميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين    أسعار الذهب في بداية اليوم الأحد 27 يوليو    ننشر أسعار الأسماك والخضروات والدواجن.. 27 يوليو    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    جيش الاحتلال يعلن مقتل جندي من سلاح الهندسة في غزة    الجيش الروسي يسقط 99 مسيرة جوية أوكرانية    إصابة 11 شخصًا في حادث طعن بميشيجان الأمريكية    استمرار القتال بين تايلاند وكمبوديا رغم دعوة ترامب لوقف إطلاق النار    وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى نيويورك    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    قبل بدء الهدنة.. 11 شهيدًا وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    حالة المرور اليوم في القاهرة والجيزة: كثافات مرورية متحركة وسط انتشار الخدمات الميدانية    الأرصاد الجوية : اليوم ذروة الموجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 41 درجة وأسوان 46    تحرك شاحنات المساعدات إلي معبر كرم أبو سالم من أمام معبر رفح البري    «برشلونة وآرسنال».. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    وزير الثقافة: نقل صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق مع وزارة الصحة    ريم أحمد: أعتز بشخصية «هدى» في «ونيس».. لكنني أسعى للتحرر من أسرها    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    تنسيق الجامعات 2025.. الكليات المتاحة لطلاب الأدبي في المرحلة الأولى    القنوات الناقلة ل مباراة برشلونة وفيسيل كوبي الودية.. وموعدها    احمِ نفسك من موجة الحر.. 8 نصائح لا غنى عنها لطقس اليوم    في حادث مروري بقنا.. مصرع وإصابة 4    الخامسة في الثانوية الأزهرية: «عرفت النتيجة وأنا بصلي.. وحلمي كلية لغات وترجمة»    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    لطيفة تعليقًا على وفاة زياد الرحباني: «رحل الإبداع الرباني»    «حريات الصحفيين» تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقدٌ مشروع    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    أمين الفتوى: الأفضل للمرأة تغطية القدم أثناء الصلاة    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    "مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    خلال ساعات.. التعليم تبدأ في تلقي تظلمات الثانوية العامة 2025    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم دراجة بخارية وتوك توك بقنا    أعلى وأقل مجموع في مؤشرات تنسيق الأزهر 2025.. كليات الطب والهندسة والإعلام    عيار 21 بعد الانخفاض الكبير.. كم تسجل أسعار الذهب اليوم الأحد محليًا وعالميًا؟    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    عكاظ: الرياض لم يتلق مخاطبات من الزمالك بشأن أوكو.. والمفاوضات تسير بشكل قانوني    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تامر أمين يعلّق على عتاب تامر حسني ل الهضبة: «كلمة من عمرو ممكن تنهي القصة»    نيجيريا يحقق ريمونتادا على المغرب ويخطف لقب كأس أمم أفريقيا للسيدات    وسام أبو علي يودع جماهير الأهلي برسالة مؤثرة: فخور أنني ارتديت قميص الأهلي    محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: لن أسمح بأي تقصير    قبل كتابة الرغبات.. كل ما تريد معرفته عن تخصصات هندسة القاهرة بنظام الساعات المعتمدة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    بدء المؤتمر الجماهيري لحزب "الجبهة الوطنية" في المنوفية استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    بقيمة 859 مليون جنيه.. «CIB» يقتنص إدارة وضمان تغطية صفقة توريق جديدة ل«بى تك»    «لايم» للتمويل الاستهلاكي تعتزم ضخ أكثر من مليار جنيه حتى نهاية 2026    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن : الملوك وأحذيتهم الثقيلة
نشر في الزمان المصري يوم 10 - 06 - 2012

كان فريدريك الثاني شديد المقت للفاشية، وهو ما دفعه إلى التمرد على سلطان أبيه الملك. لكنه لم يذهب بعيدا حين حاول الفرار من القصر مع صاحبيه حتى أمسك بهم جنود الملك وأعادوهم قسرا إلى حظيرة الطغيان. وأُجبر فريدريك الطفل على مشاهدة رأسي صاحبيه تقفزان فوق أكتافهما ونافورتي دماء تقصان أثرهما. ومنذ ذلك الخوف، تعلم فريدريك الثاني أن ينظر موضع قدميه قبل أن يتقدم نحو أي غاية.
تولى فريدريك الثاني خلافة العرش عام 1712، وظل ملتصقا بالكرسي أربعة عشر عاما كاملة. وبمجرد توليه مقاليد الحكم، شن حربا ضارية على النمسا وخرج منها بوجه غير الذي ذهب به - هكذا تعلمنا القسوة أحيانا. لكن هذا المغلوب على فرعونيته كان يحب الأدب ويعشق الشعر، ويتودد إلى كتاب عصره، وهو ما يفسر حميمية العلاقة بينه وبين فولتير، الأديب الفرنسي اللامع.
لكنه، والحق يقال، استطاع إبان فترة حكمه أن يخفف من وطأة استبداد من سبقوه إلى بلاط القصر الملكي، وأن يبني امبراطورية بروسية كبيرة، مما جعل المغلوبين على حكمه يطلقون عليه لقب فريدريك الأكبر. وكان بيت ذلك الفريدريك يضم بين جنباته كل مساء كوكبة من رجال الأدب ويشهد جولات وصولات من المناظرات الأدبية الراقية بين الملك وجلسائه. لكن فريدريك احتد ذات أمسية على أحد مناظرية واقتادة من رقبته كفأر الجرن حتى ألقاه خارج قصره وأوسعه ضربا بناصية حذائه الخشبي - هكذا تفرخ بيوض القهر في نفوس المستضعفين، وتنتقل جينات القسوة بين الأصلاب.
بعد تلك الموقعة، عرف الحاضرون موقعهم من الحذاء، فصاروا يداهنون الملك ويمعنون في مسح الجوخ وتلميع فردتي القهر الملكيتين، إلا أن أحد الندماء لم يكن عند مستوى المسئولية التاريخية، فلم ينحن كما يجب، ولم يحسن وضع خده على بلاط الملك. لكن سموق هامته الأدبية جعله أحد المغلوبين على مجالسة رجل يجيد الاستماع لمادحيه وينفر من كل من يوسع بين منكبيه في حضرته. لهذا آثر صاحبنا الصمت وألزم لسانه الإقامة الجبرية بين فكيه. وحين طال صمته، افتقد الملك صوته، فسأله عن سر وجومه، فقال: "يستحيل أيها الملك المعظم أن أعبر عن رأيي الشخصي في حضرة ملك يؤمن بما يدافع عنه كل هذا الإيمان، ويمتلك حذاء قاسي النعل كحذائك."
كيف يمتلك المرء في هذه الأيام القاسية لسانه في ظل كل هذه الفوضى الفكرية التي استبدلت الفكرة بالتهمة، والحجة بالإهانة، وكيف يستطيع المفكرون الخروج من دائرة حصار الرأي الآخر بين أناس يؤمنون بمواقع أقدامهم كل هذا الإيمان ويثقون في نعالهم كل هذا الثقة؟ وكيف تخرج البلاد آمنة على عرضها في طريق يتربص فيه قُطّاع الفكرة بقوافل الحلم العائدة من الميادين حاسرة الرأس؟ وأين المفر من بلاط يمتد من رأس الوطن إلى إخمص حدوده يجيد رواده الملوك طعن الفكرة بالرمح وركل المتحاورين بالأحذية وضربهم بالأسلحة البيضاء التي تعري لحوم الميادين المحرمة وتأكل لحوم العلماء المسمومة؟ كيف تجد الفكرة طريقها تحت ظلال فئوس ترفض أن توضع في أغمادها طالما استمر الحوار ودار النقاش؟
ما يحدث في بلادنا اليوم من اقتتال فكري على رؤي غير قابلة للحسم أو التوافق، يذكرني بهندي أحمر وقعت عيناه على ثمرة برتقال وهو على صهوة جواده، فقرر أن يلتقطها بمقدمة سيفه، لكن النصل كان قصيرا كأفهام البعض، فهداه حصانه إلى السوق، واشترى سيفا طويل النصل وعاد إلى برتقالته، فلم يجدها لأن رجلا فقيرا حافي القدمين لا يملك سيفا ولا صهوة قرر أن يمد يديه إلى الحلم فيقطفه دون حاجة إلى حذاء.
الفكرة الحرة ترفض الأحذية الثقيلة ومنتعليها، وترفض النوم في بلاط الملوك الذين يفرضون رؤاهم بنعالهم الخشبية على جماجم تعرجت من طول طرق حتى تشوهت معالمها. نريد مائدة حوار حر وفكرا يتنفس ملأ رئتيه ليخرج الوطن من بلاط الحكام إلى رحابة الميادين وينام تحت صفصافة ريفية قرب جدول صاف من أدران الخلافات السياسية والفكرية والمذهبية. نريد وطنا مثقفا يعبر فيه المفكرون عن رؤاهم دون مواربة ودون خوف من متتبعي الأثر أو أصحاب الأحذية الثقيلة.، ونريد وطنا حرا لا يلتزم بالإقامة الجبرية بين فكي التاريخ.
أديب مصري مقيم بالإمارات
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.