بقلم محمود عبدالله الباز لقد عمت أجواء من الفرحة العارمة الأراضي الفلسطينية ورفعت لأول مرة منذ سنوات رايات حماس وفتح بعد توقيع إتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتا فتح وحماس في القاهرة بحضورالرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) خالد مشعل وقادة الفصائل الأخري لينهيا قطيعة دامت حوالي أربعة سنوات ، وقامت الخارجية المصرية خلالها بمجهودات فعالة لدعم وتفعيل المصالحة الفلسطينية مع كافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية ووفرت المناخ الملائم لإعادة إطلاق جهود المصالحة حتى تم التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخى الذى أنهى حقبة مريرة فى تاريخ الشعب الفلسطيني وكانت التحولات في البيئة الإقليمية العربية عاملاً حاسماً في الإسراع بإنجاز المصالحة الفلسطينية . وكان هناك شبه إجماع من جانبي وفدي حماس وفتح علي الإعتراف بأن هناك أجواء جديدة في مصر عقب ثورة 25 يناير ساهمت في تحقيق هذه المصالحة . ويهدف هذا الإتفاق إلي توحيد الصف الفلسطيني ومؤسساته من جديد ولذلك فالمرحلة القادمة تتطلب جهداً أكبر وإرادة سياسية قوية حتى يصير الإتفاق واقعاً ملموساً علي الأرض و من أجل تحقيق الهدف الرئيسي للمصالحة وهو قيام دولة فلسطينية مستقلة . وما أن تمت المصالحة وإذا بالوجه القبيح للقادة الإسرائليين يطل علي شاشات التلفاز والإعلام والتعليق بأن إسرائيل تبدي تخوفها وقلقها من هذه المصالحة فإعتبررئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن إتفاق المصالحة الفلسطينية ضربة هائلة للسلام وإنتصار عظيم للإرهاب ! وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان : أن عباس قد تجاوز الخطوط الحمراء ! ورغم أنف الأسرائليين تمت المصالحة بالفعل ولكن القادم هو الأهم والأخطر فإسرائيل والقوي الصهيونية ستتربص بتخريب هذه المصالحة وإجهاضها بشتي الطرق وإحداث الوقيعة بين فتح وحماس إبتداء من إعلانها تجميد العملية السياسية مع السلطة، والتي تلتها مباشرة خطوة تجميد نقل أموال الضرائب إلى السلطة فالتوافق الفلسطيني ليس في مصلحة الإسرائليين الذين لا يريدون إحياء عملية السلام . فعلي هذه القيادات الفلسطينية أن تعي هذا وتتحمل المسئولية إتجاه الشعب الفلسطيني بمساندته في إسترداد حقوقه التي نهبت وفك الحصارعنهم وأن يعيش حرًّا على أرضه في أمن وسلام مثلهم مثل شعوب العالم الحر. وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلي وطنهم . لقد عاني أهالي غزة والضفة من ويلات الحصاروالقتل والترويع الإسرائيلي فقد وصل عدد الشهداء إلي أكثر خمسة ألاف شهيد فلسطيني منذ بداية العقد الماضي وما وصل إليه مستوى الخراب والدمار الذي حاق بالبيوت والمنازل والمنشآت والبنية التحتية وإستباحة اليهود للأراضي الفلسطينية ونهبها بالقوة وبناء المستوطنات. حتي تشتت وجدان الفلسطينيين وفقدانهم للأمل في حل ذلك الإنقسام!ّ فحكمة الشعب الفلسطيني بكل فصائله حريصة علي مستقبل الشعب الفلسطيني ومقدساته وعليهم أن يسعوا جاهدين في إنهاء كلِّ المشكلات والخلافات القديمة بين الفصائل تغليبًا للمصلحة الفلسطينية العليا علي ما سواها ، فالمصالحة الحقيقية هي الطريق لإعادة تجميع وترتيب أوراق القوة الفلسطينية وحشد التأييد الدولي بأحقية الشعب الفلسطيني في إعلان دولة فلسطين والأيام المقبلة ستكشف نوايا كل الأطراف ومدي تغليب مصلحة الوطن علي كل المصالح الأخري ! [email protected]