لهذه الأسباب كرهت حسنى مبارك انقسمت رأسى نصفين يوم نزولى الى ميدان التحرير فى التاسع والعشرين من يناير للمشاركة فى الحائط البشرى لحماية المتحف المصرى ولم اتصور أو اتخيل قبل وصولى هذا المشهد ... ملحمة مصرية بكل معانى الكلمة شباب ورجال ونساء وكل طوائف الشعب واقفة تهتف بسقوط نظام الحكم شعرت بأحاسيس لم اشعر بها من قبل .. لم اكن على علم ببشاعة الموقف والمجازر التى ارتكبتها الشرطة المصرية يوم جمعة الغضب والسبب كلنا نعلمه اغلاق النت والتشويش على قناة الجزيرة .. كان المنظر مخيف يولد عندك رغبة فى الانتقام مهما كانت ميولك السياسية حتى لو كنت ممن يحترمون مبارك وتاريخه العسكرى وهذا حدث معى بالفعل .. قبل الثورة كنت خائف جدا على مصر وكنت معارض لفكرة ثورة ضد النظام حتى لا تتحول مصر الى عراق جديد او صومال ونسمح بتدخل اجنبى وجيوش اجنبية تجوب شوارعنا وتنتهك حرمتنا .. تخيلت فى تلك الفترة ما يحدث الأن فى ليبيا وما يحدث فى سوريا وكنت أقول لزملائى .. مصر فى خطر الأمور ستزداد سؤا ولكن ما شهدته فى ميدان التحرير كان سببا فى ازالة خوفى وشعرت أن هؤلاء الشباب سيفعلونها وستنجح الثورة وستتغير مصر وبالفعل تغير كل شئ بتوفيق الله وبجهود هؤلاء الشباب الذين تمنيت أن اكون ضمن جيلهم العظيم الذى غير تاريخ مصر ومع هذا التغير السياسى تغير شئ اخر داخلى وهو احترامى لحسنى مبارك لقد كنت احترم هذا الرجل واقدره لما ورد الينا من اعماله الحربية وجهوده السياسية للحفاظ على امن مصر تغير هذا الاحترام الى بغض شديد ولم يكن هذا التغير فجأة بل تدريجيا حتى لا أظلم نفسى وأكون ممن يغيرون أرائهم فى الناس فجأة .. مع تطور الاحداث وكشف المستور وظهور البلاوى التى قام بها ابنه جمال مبارك ومع كل المقالات التى كتبت والبرامج التى تحدثت عن الثروات ونهب خيرات البلد شعرت بحزن شديد جدا كنت اعتقد أن بعض الوزراء فقط هم الفاسدون وان امن الدولة والعادلى واحمد عز يفعلون كل ما فعلوا فى الخفاء دون علم مبارك ولكنى اكتشفت انه كان على علم وكان ابنه وزوجته مشاركان فى ادراة الدولة للحفاظ على سلطانهم وثرواتهم .. كيف ضحى هذا الرجل بتاريخه من اجل المال والثروات ؟؟؟ كيف يمكن لرجل المفروض انه قائد عسكرى يصبح بهذه الاخلاق ويربى ابنه على هذه الاخلاق ؟؟؟ كيف استطاع أن يسكت على كل هذه البلاوى التى كانت تحدث ؟؟؟ اسئلة واسئلة لا استطيع أن اجد لها اجابة ولا استطيع الا أن اقول حسبنا الله ونعم الوكيل رغم كل ما يملئ قلبى من فرحة وسعادة بنجاح الثورة وتغير مصر للافضل الا اننى كل ساعة اشعر بحزن أنها تأخرت وكان يجب ان تحدث هذه الثورة من سنيين وليس الآن .. ولكن كل شئ بأوان ولكل وقت اذان كما يقال الحمد الله على توفيقه لهؤلاء الشباب والحمد الله الذى حمى مصر من كوارث الحرب والقتل كما يحدث الان فى ليبيا وسوريا .. مصر أرض الأمن والخير وشعبها خير شعوب الارض انا الان اشعر أن مصر تسير نحو مستقبل أفضل انشاء الله والافضل سنصنعه نحن بأيدينا اذا حافظنا على هذه الثورة واذا فهمنا معنى الحرية واشتركنا فى تعمير هذه البلد بالعمل والجهد المفيد لتنميتها ... وأكثر شئ يسعدنى اننا لاول مرة فى تاريخ مصر سوف نختار رئيسها و اتمنى ان يكون الرئيس القادم رجلا عادلا يوفقه الله لرفعة هذه الامة ...وان تكون الرئاسة له كما كانت الخلافة لابى بكر والخلفاء مهمة يتولها ليعلى من شأن البلد وينشر العدل بين الناس ولا تكون الرئاسة لجمع الثروات وكبت الحريات ونشر الظلم بين الناس روى ابن إسحاق بسند صحيح وقف الصديق على المنبر ليعلن سياسة دولته العامة ودستور الإسلام الخالد. قال: أيها الناس! لقد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، وما ترك قوم الجهاد إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله؛ فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم... قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. أي عظمة هذه؟! أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ولما تلقى عمر بن عبد العزيز خبر توليته (للخلافة)، انصدع قلبه من البكاء، وهو في الصف الأول، فأقامه العلماء على المنبر وهو يرتجف، ويرتعد، وأوقفوه أمام الناس، فأتى ليتحدث فما استطاع أن يتكلم من البكاء، قال لهم: بيعتكم بأعناقكم، لا أريد خلافتكم، فبكى الناس وقالوا: لا نريد إلا أنت، فاندفع يتحدث، فذكر الموت، وذكر لقاء الله، وذكر مصارع الغابرين، حتى بكى من بالمسجد هكذا يكون الحاكم يخاف من الله ووقوفه امامه يوم القيامة يسأل عن كل فعل وكل فرد من افراد شعبه نسأل الله أن يولى علينا حاكما عادلا يخاف الله .