بقلم محمد عبد الحفيظ شهاب مازالت " نظرية المؤامرة " تعربدُ في العقلية العربية هذه هي الحقيقة التي يجب أن نواجه بها أنفسنا , وأن يبحث لها علماء الاجتماع والنفس عن حلٍ سريعٍ , وعلاج فعالٍ , لإنقاذ الثقافة العربية في مجموعها وتفصيلها ولا يبدو أن الشعر في منآى عن هذه الكارثة الثقافية ... فسرعانَ ما بدأت أصابع الجمهور تنسج السيناريوهات " إيّاها " فور إعلان حصول الشاعر المصري " هشام الجخ " على المركز الثاني في مسابقة أمير الشعراء .... وموقفي , منذ نشرت مقالاتي في نقد و تفنيد المسابقة في دورتها الثانية ثابتٌ الشعرُ لا ينحاز إلا إلى الشعر ولنضع الهوية المصرية المشتركة جانباً ... فلقد كان هشام الجخ , ممثلاً دون المستوى لحقيقة الشعر الفصيح في أرض الكنانة , وبعيداً كل البعدِ عن كنه الشعر ... والإبداع الأصيل الذي يواكب العصر دون إفلات معاييير الأدب وأسسها ... " الكاريزما " المتميزة له , والأداء المسرحي , وقدرته على الوصول إلى القلوب بالكلمات الدارجة والسلسلة , فضلاً عن صدق القضية التي تبناها , ...نعم , كلها عناصر لا يمكن إنكارها ....وفيها من المكر على الوعي الجماهيري ما فيها , لكنها لا تكفي لصنع شعر وتخليد شاعر , فالدوواين لن تحمل من إرث الشاعر نبرته الصوتية , ... والتاريخ لن يدون إلا كلمات ومعانياً وصوراً , هي فقط ما تحدد أين هو الشاعر من الشعر وعاماً وراء العام , تثبت مسابقة أمير الشعراء أنها تتبنى نظريتين لا ثالث لهما :- تجريد من يستحق مما يستحقه وإعطاء من لا يستحق ما لا يستحقه وإن كانت ثمة مؤامرة حقيقية , فهي تلك التي ترعاها هيئة أبي ظبي للثقافة والتراث , والتي تخدم كل ما ما هو ضد الشعر والأدب الأصيلين .... فمنذ البيت الأول في قصيدة الجخ الأخيرة , قرعَ آذان آل بيت الشعر , الخطأ الذي لا يمكن اغتفاره حتى لهاوي شعر ,- وهو الخطأ في سناد التأسيس الذي استخدمه في صدر البيت " والحياة ( تسارعُ ) " ... وهي من الأخطاء الغير محمودة في هندسة القافية , مادام أراد استحداث تصريعٍ في مطلع القصيدة ثمَّ أربع حالات تدوير للأبيات , في قصيدة على بحر الكامل , , الذي لا يجوز فيه تدوير الأبيات ...إلا على استحياءٍ شديدٍ .... والمعروف أن البحر الوحيد الذي يجوز فيه تدوير الأبيات هو بحر الخفيف فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن أما بحر الكامل ..فالتدوير فيه – إن جاءَ – يأتي مرة كل 20 بيت مثلاً , مع تقديم أقصى الاعتذارات الشعرية من صورٍ ومحفزات للدهشة , لمواراة تلك السوءة العروضية فما بالكم بأربع حالات تدوير في قصيدة من عشر أبيات لا غير !! كثير من النثر , وأقل القليل من ماء الشعر , كانا زاد هشام الجخ في هذه الرحلة.... والخطأ الذي ارتكبته هئية ابو ظبي , هي أنَّ لجنة النقد لم تقدم صراحةً القراءة النقدية الكاملة للقصائد , حتى تبرر موقفها – الصائب – لمنحها هشام الجح أقل الدرجات بين المتسابقين , لتفتح على نفسها وعلى الشعر أبواب القيل والقال, في واحدة من المرّات النادرة التي لم يجانبها فيه الصواب !! أختتم بالعنوان الذي استخدمته , منذ ثلاثة أعوام , في مقالاتي لنقد المسابقة : مسابقة أمير الشعراء .. مهزلة بكل المقاييس الأدبية وبارك الله الجمهور , ورسائل الاس ام اس !!