تفسد السياسة الأدب، وربما تفسد معرض الكتاب أيضا، فالعرس الثقافي الدولي الذي يقام بأرض المعارض كل عام، عزف الكثير من رواده عن زيارته والاحتفال به، والاستمتاع بالوجبات الثقافية الدسمة التي تقدم خلاله بسبب الأحداث السياسية الجارية، والتظاهرات المنتظمة وأحداث العنف التي شاهدتها البلاد، مثلما أكد العارضون داخل المعرض، وبعض الناشرين خلاله. فيقول طارق محمود أحد بائعي سور الأزبكية، والذي يبيع أعدادا نادرة من الجرائد القديمة، "الأحداث السياسية هذا العام أثرت على المعرض كثيرا ففي الأعوام السابقة، كانت حركة البيع أعلى ومكاسبنا أعلى، أما هذا العام فلا يوجد بيع". ويضيف أحمد صابر بائع آخر "إن خوف الناس من المظاهرات جعل الكثيرين يعزفزن عن زيارة المعرض هذا العام، وحتى من يأتي لا يشتري الكثير من الكتب، وبالكاد نحقق أرباحنا هذا العام، خاصة وأن أسعار حجز أماكن البيع داخل المعرض لم تتغير ولم تنقص عن الدورة السابقة على الرغم من أن المساحة المخصصة لنا تقلصت، وأيضا الظروف السياسية في البلاد، لا تساعد على حركة البيع والشراء". وتجاذب أطراف الحديث أحمد محمود موضحا "إن أكثر الكتب التي تشهد إقبالا هذا العام هي الكتب الدينية، والكتب الأدبية، خاصة الروايات والأشعار الرومانسية، مثل أشعار نزار قباني وفاروق جويده، لافتا أنه بعد الثورة زاد الإقبال على شراء الكتب السياسية ولكن هذا لم يحدث في دورة المعرض الحالية". من جانبه قال الكاتب والناشر فتحي المزين إن "الطريف في الموضوع أن دور النشر بدأت في رفض الأعمال التي تتكلم عن الثورة، بل أصبح هناك تخوف منها وعلى سبيل المثال والطرافة أن كتابي "واحد من الميدان" وهو تقديم الدكتور علاء الأسواني والدكتور عماد أبو غازي وفريدة الشوباشي، الناشر كان يتحدث معي عن تغيير العنوان حتى يكون "ما وراء الحزن" لأن الناس بدأت تكره الثورة والسياسة. وأوضح أنه في حركة البيع "سيظل الدكتور أحمد خالد توفيق في المقدمة"، لافتا إلى أن حفلات التوقيع الخاصة به خير مثال على ذلك، وتبقى (الشروق) بكتابها الكبار رقم واحد في تلك المسألة أو بمعنى أدق تبقى قبلة القراء لتمركز الأقلام الكبيرة بها، وما زالت الأقلام المعروفة هي صاحبة الريادة مثل الدكتور أحمد خالد توفيق وأحمد المسلماني وأحمد مراد والدكتور نبيل فاروق و علاء الأسواني وبهاء طاهر ودكتور يوسف زيدان وغيره". ولفت المزين إلى مقولة "السياسة تقتل الأدب"، مشيرا إلى أن السياسية الحالية تغطي على المعرض بشكل عام، وسط حالة دائمة من الترقب والرعب من إلغائه". وأشار إلى أن "هناك تعاملا غير جيد مع دور النشر العربية، والأجنبية، يكفي أن ترى صالة ألمانيا وكيفية الإهمال وعدم النظافة بها، وهناك مؤسسات عربية مستاءة للغاية من سوء التنظيم والاختيار السيئ للأجنحة وتفضيل دور النشر المصرية مما يؤدي إلى تناقص دور النشر العربية سنويا، على الرغم من ضعف الإقبال من المصريين بسبب الثورة وأحداثها"، لافتا إلى أن هناك اتجاها من رابطة الكتاب الشباب للبحث عن بديل للمعرض لتعويض الناشرين عن خسارتهم". وأخيرا، قال المزين إن تقييمه للمعرض في دورته الحالة لا يزيد على خمس درجات من أصل عشر.