بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال الثاني والثلاثون ثورة مصابة بعمى الألوان هناك بشر يختلفون عنا في لون البشرة وملامح الوجه والجسم,وهناك بشر يتحدثون لغة غير التي نتحدث بها,وأغلب البشر لهم عادات وتقاليد تختلف عن عادتنا,كما أن هناك بشر يرضون لنفسهم دينا غير ديننا,وهناك بشر يتفقون معنا في كل هذا,ولكنهم يختلفون عنا في النسب إلى قبيلة تختلف عن قبيلتنا,طبيعي أن نختلف معهم,ولكن الغير طبيعي أن نختلف_في بديهيات_ مع بشر قد يشاركنا أحيانا في كل شئ,فلونه مثل لوننا,ولغته مثل لغتنا,ودينه هو نفس ديننا,وحتى لو اختلفنا فيجب أن نحافظ على الأقل على عفة اللسان,والتي هي واجبة على المسلم حتى مع المشركين من عبدة الأوثان فقد قال تعالى " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ". تخيلوا احد زعماء الغرب الكبار,يقسم الجنس البشرى إلى مبتكرين ومحافظين ومخربين,وهو يعتبر قومه مبتكرين,ويعتبر قوما آخرين من الغربيين محافظين, ويعتبرنا نحن الشرقيين مخربين ومدمرين,لسبب واحد فقط وهو عدم امتلاكنا لثقافة الحوار,فهو يعتبر الشرق مبعث المدنيات ومشرق الحضارات ومهبط الرسالات,مخرب لهذا السبب فقط,فهل نعطى لهم الفرصة ليدللوا على صحة هذا التقسيم ظالم,أم نعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم"ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من مات على عصبية ".يجب يا سادة أن نعالج طواعية من "عمى الألوان"_عدم القدرة على التمييز بين بعض الألوان أو كلها التي يمكن أن يميزها الآخرون_ وهو نوعان..الأول أحادي اللون وفيه يرى الشخص العالم بلونين هما الأبيض والأسود،كأنه يشاهد فيلما قديما،والأخر عمى ألوان ثنائي اللون وفيه يكون الشخص غير قادر على تمييز ألوان معينة،كأن لا يستطيع التمييز بين الأخضر والأحمر،أو الأصفر والبرتقالي،فيا ترى أي نوع تعانيه جبهة ما يسمى الإنقاذ الوطني؟وهل يستوي من يناضل في سبيل العدالة ومن يبذل كل جهده لظلم شعوب بأكملها؟! نحن بطبيعة الحال جزء لا يتجزأ من العالم،ويسري علينا ما يسري على العالم من قوانين موضوعية،كما إننا بالضرورة معنيون بمصير العالم أكثر من غيرنا،فرسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة،وكل المسلمين مكلفون بالدعوة إلى إسلامهم،وإشاعة روح المودة والتسامح بين بني البشر،ما بالنا ونحن نتبادل الشتائم والسباب بين بعضنا البعض,لمجرد أن احدنا عبر عن رأيه الشخصي,حتى لو كان خطأ,أو انه لم يعجب البعض. إن التمسك بالأخلاق وإيقاظ الضمائر وتحريك القلوب,هو السبيل الوحيد للنجاة,هو مرسى سفينة نوح,فلقد انتشر الدين الإسلامي في دول جنوب شرق آسيا عن طريق التجار المسلمين,حيث كان هؤلاء التجار يقومون بعمليات البيع والشراء,بكل أمانة فاقبل عليهم الناس,وبدءوا يتساءلوا عن دين هؤلاء التجار,فعرفوا انه الإسلام,فاقبلوا على الدين الجديد,بفضل أخلاق هؤلاء التجار,أذان فالخلاق هي الحل,وهذا ليس شعار انتخابي,ولكنه يجب أن يكون دستور حياة،وليس دستور فصيل أو جماعة،يا نخبة_ لأي نخبة ومن الذي انتخبها وهم يكفرون بالانتخابات_نحن على كوكب دوار,لا يدوم له حال,فبعد برد الليل يأتي النهار,وبعد صقيع الشتاء تأتى الحرور,وبعد سنوات الأمن والأمان تأتى الزلازل على كل بنيان,ولهذا فلابد من قراءة التاريخ جيدا,ففي كتبه لا تتكرر صفحتان. الكاتب والمفكر الكبير د. علاء الأسواني كتب مقالة في غاية الأهمية بعنوان "كيف تقضى على الثورة في ست خطوات...؟!"بتاريخ 2 أغسطس من هذا العام. من يعيد قراءة المقال الآن، ونحن في شهر ديسمبر،أي بعد أربعة أشهر من نشره واستعراض الأحداث بدقة وموضوعية بدءاً من 11 فبراير إلى الآن،ولن يجد أدنى صعوبة في مطابقة واقع الأحداث مع ما ذهب إليه الأسواني في مقالته،وذلك بالرغم من أن الكاتب اختتم المقال بفكرة راودته عند قراءة تاريخ الثورات في جزر القمر،ولا علاقة لمقاله بما يحدث الآن في مصر بتاتاً،تكرموا أيها القراء الكرام بإعادة قراءة هذا المقال وعندها ستعرفون من هو الطرف الثالث. إلى اللقاء في المقال الثالث والثلاثون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن