بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال الثامن والعشرون هل تحتاج الثورة إلى دستور أم يحتاج الدستور إلى ثورة؟!! أن قضية الساعة حول الدستور والشريعة في حقيقتها معركة سياسية،لان عرض الدستور للاستفتاء قرار كان ينتظره الشعب المصري الذي يعيش في حالة ثورية ويحتاج إلى قرارات ترقى إلى هذه الحالة الثورية،وهو شعب متدين بطبيعته ولا يحتاج إلى المادة (220) التي تجعل الشريعة الإسلامية على طول زمنها مصدر للتشريع_ تسحب السلطة من المحكمة الدستورية العليا وتحيلها إلى الأزهر _ وبهذا فالنص واسع ويتحمل كافة الآراء الممكنة وهو ما سيجعل إمكانية الجزم بعدم دستورية مادة أمر غير ممكن،مع ملاحظة أن الوثيقة الدستورية استعانت بأفضل الدساتير في العالم،وكل ما يطرح في الفضائيات من نقد الجمعية التأسيسية ينصب على أمور شكلية فقط ولا يتحدث عن المضمون، فالدستور عمل بشرى قد يكون به نقص أو عيوب من السهل تعديلها،وكل فئة في المجتمع تريد أن تحصل على أكبر مكسب وتمنع المكاسب عن الآخرين،فالذين صاغوا الدستور البديل صاغوه في عشرة أيام فقط فمن الذي يسلق الدستور الآن؟،فهناك إرادة لدى البعض في المناقشات إلى أجل غير مسمى حتى يتسنى لهم من خلال خرق القوانين الدستورية والإدارية هدم ما لا يشتهون،فلا الديمقراطية طبقوا ولا مصلحة البلاد قدموا ولا مراعاة مستقبل الأجيال القادمة اهتموا. وما يحدث الآن يذكرنا بدستور 1954 الذي لم يصدر لوجود صراعات في هذا الوقت بالرغم من انه كان من أفضل الدساتير وهذا ما يحدث الآن فيوجد حروب شديدة لعدم صدور الدستور،ويرجع هذا لأن كل مراجعنا الثقافية أصبحت برامج التوك شو رغم علمنا بمن يملك هذه القنوات وتوجهاته السياسية!! وتبقى الأسئلة بلا أجوبة فهل وضعت الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور المصري نصب أعينها من اليوم الأول إنتاج "دستور للثورة" كهدف رئيسي وصاغت ما يكفى من النصوص الواضحة لكفالة "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"؟! هل تحتاج ثورات الربيع العربي إلى دستور موحد أم إلى دساتير مختلفة؟ولماذا لا يُدرس الدستور في جميع البلاد العربية بلا استثناء؟! خاصة بعد تصريح الدكتور محمد البرادعى_مدير وكالة الطاقة النووية سابقاً_ الأخير والذي أكد فيه إمكانية عودت الجيش للسلطة مرة أخرى في حالة أن تتطور الأمور إلى حرب أهلية بين الطرفين المختلفين،حيث صرح بما يلي: عندما ينزل الجيش الشارع في هذه الظروف سينزل لخدمة وطنية وقد ينزل لأغراض أخرى،من بينها العودة إلى السلطة،ولا أستبعد هذا، وفى حالة نزول الجيش لحفظ الأمن، سيعود حتماً للسلطة،وستكون لديه إجراءات مختلفة،ولن يقول إنه بعد يومين سيترك البلد لنا ثانية،إذا نزل الجيش في ظروف قاسية فإنه سيبقى. دستور يا أسيادنا،البرادعى الثورجي المحارب القوي من خلال الفيس وتويتر يدغدغ الآن شياطين النفوس في الجيش للانقلاب على الرئيس الشرعي الدكتور مرسي،إنها خيانة عظمى،البرادعى الذي كان "بيشير" على الانترنت وقت ما كان الإخوان بالسجون يعذبون ويقتلون وتصادر أموالهم يدعو للانقلاب العسكري على شرعية الصندوق الانتخابي،إذن الموضوع ليس دستور ولا يحزنون،قد نختلف في الرأي وهذا صحي ولكن ندعو للانقلاب!!!! هي بالفعل أزمة،والثورة هي نتاج لأزمة،ولولا الأزمة لما وجدت الثورة،هذه سنّة الثورات عبر التاريخ،فهي حاضرة وموجودة،سلمية نعم وربما تدفع الثورة السلمية من الدماء أكثر مما تدفعه الثورة المسلحة،على اعتبار أن الثورة المسلحة تعمل على توازن الرعب بين الطرفين فيقل نزيف الدماء،أما الثورة السلمية فيحدث فيها تجاهل لذلك،ولذا ينبغي أن تنتقل ثقافة الثورة إلى الميادين الأخرى بحيث من كان على منهج الثورة وحتى لو كان من ركائز النظام القديم يظل جزءاً منها_حتى ولو ينضم إليها سلفاً_ومن تحول إلى طاغوت حتى ولو كان من الثوار أنفسهم فهذا ليس منها،والحل صنع نظام جديد من قبل الثورة،وربما تكون في أحد أوجهها ضد الثوار أنفسهم،وسيأتي ثائر جديد غير الثائر الموجود اليوم وقد ينشد نفس النشيد على طريقة شعبولا "ثورة بلا دستور..عربية بلا ماتور"!! إلى اللقاء في المقال التاسع والعشرون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن