بقلم محمود طه لا أود التطرق لتاريخ منظمة التحرير الفلسطينية كعادة الكثير من الكتّاب، فالكل يشهد ويعرف بأن تاريخ المنظمة هو تاريخ ثوري مشرف لكل فلسطيني وعربي ومسلم، ولكن هنا أود الحديث عن الواقع الذي تعيشه منظمة التحرير خاصة عند قدوم السلطة الفلسطينية الى أرض الوطن. منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية بقرار من المجلس المركزي لمنظمة التحرير في تونس عام 1993 وقدوم السلطة الى أرض الوطن برئاسة الرئيس الراحل ياسر عرفات شهيد الثورة والقضية، ودور المنظمة يتراجع كون السلطة أصبحت تقوم بجميع المهام التي تقوم بها المنظمة سابقاً، كما نجد بأن ما يقدم للوزير من إمتيازات وتسهيلات وبرتوكول أفضل ما يقدم لأعضاء اللجنة التنفيذية أنفسهم، وللاسف لم يتدارك أحد هذا التراجع الا في وقت متأخر ولكن لم يقم أحد بإعادة دور المنظمة الى الأضواء وبقاءها في المقدمة، تدافع عن شعبها وتعزز من صموده. كثيراً ما نرى ونسمع عن مواطنين عندما تحدثهم عن المنظمة يقولون لك هل بقي شيء اسمه منظمة التحرير، اليوم السلطة الفلسطينية هي كل شيء والمنظمة أصبحت من الماضي العريق الذي يعيش في مخيلة كل فلسطيني، يعلم بأن مكانتها جاءت نتيجة تضحيات كبيرة على مدار سنوات من كفاحها الطويل مع الإحتلال الإسرائيلي. ففي العام 2010 بدء هناك نوع من إعادة الإعتبار للمنظمة من خلال ترميم بسيط لدوائرها ومؤسساتها، ولكن لم يكن هناك ترميم حقيقي او رغبة حقيقية لدى القيادة لتعزيز دور المنظمة في فلسطين وخارجها، وكان الخطأ الأساس عندما قبلت منظمة التحرير بتشكيل السلطة الوطنية والعودة لأرض الوطن، جميع المفاوضات على مدار سنوات كانت تتم بإسم المنظمة، كما أن الممثليات والقنصليات الفلسطينية في الخارج تحمل شعار واسم منظمة التحرير وليس السلطة، ورغم ذلك ليس لها دور فاعل والدور الحقيقي هو للسلطة، والسبب الإزدواجية وتداخل الصلاحيات والمهام بين السلطة والمنظمة ودور كل منهما، كما أن المال أصبح في يد السلطة وليس المنظمة، بل تشكيل السلطة اساس الخطأ وكان يجب فرض عودة المنظمة لأرض الوطن على العالم الذي اعترف بها كمنظمة عضو في الأممالمتحدة وأعترف بها كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني المناضل الثائر. إن ضعفنا وقلة خبرة قيادتنا في قضايا سياسية ودولية أدى لكل ذلك التراجع لمنظمة التحرير وبقاءها شعار نردده في المحافل الدولية والمحلية وبقاءها جسم أو غطاء نتحامى به عند الحاجة إليه، وأرى بأن هناك إمكانية لعودة المنظمة لتسلم مهامها التي إنتقلت للسلطة، وتعزيز دورها ووجودها الفعلي والحقيقي من خلال قيام القيادة الفلسطينية بخطوات جريئة تقوم على: 1) إعادة بناء وتفعيل كافة دوائر منظمة التحرير الفلسطينية في الداخل والخارج على أسس ديمقراطية وفق رؤية واستراتيجية وطنية يشارك فيها القيادة السياسية بالاضافة للأكاديميين والخبراء القانونيين والفنيين، لإعادة تصويب مهام ودور المنظمة في المرحلة الحالية. 2) يكون في اللجنة التنفيذية ممثل واحد فقط عن كل فصيل وإتحاد فلسطيني، مع وجود ممثل عن الشباب الفلسطيني. 3) إنتقال دور منظمة التحرير الفلسطينية من دور سياسي الى سياسي وإقتصادي وإجتماعي وخدماتي. 4) حصر كافة أموال وأملاك وإستثمارات منظمة التحرير في الداخل والخارج وربطها بالصندوق القومي الفلسطيني. 5) إن لم يكن هناك قدرة لحل السلطة الفلسطينية وقيام المنظمة بدوائرها بتسلم مهام الوزارات، فإن على الرئيس محمود عباس وأعضاء اللجنة التنفيذية بإتخاذ قرار يكون فيه قيام دوائر منظمة التحرير ذات الإختصاص بدور رقابي للوزارات ( دائرة الشؤون الإجتماعية تراقب وتوجه وزارة الشؤون الإجتماعية........ الخ)، كما البحث في إمكانية العمل في المخيمات والشتات. 6) إشراك دوائر منظمة التحرير في اي خطط ومقترحات للوزارات ومصادقة عضو اللجنة التنفيذية على ذلك الى جانب مصادقة الوزير / ة. 7) أن تحمل كل الوزارات والإتحادات والنقابات والمؤسسة الأمنية اسم وشعار منظمة التحرير الفلسطينية فقط. وإن لم يكن ذلك مجدياً وصعب المنال فإنني أدعو شعبنا الفلسطيني للضغط على كافة الفصائل والمؤسسات الفلسطينية والمجتمع المدني لتأييد والموافقة على المقترح الذي يطالب بتشكيل مجلس إنتقالي تأسيسي للدولة الفلسطينية وهو المقترح المقدم من حزب الشعب الفلسطيني للقيادة الفلسطينية في المجلس المركزي لمنظمة التحرير في جلسته من العام 2009، ولما يشكله هذا المقترح من حل لمختلف القضايا السياسية والدستورية في هذه المرحلة التي نمر بها في ظل واقع الإنقسام المرير والمعيب بحق شعبنا، وإعتداء الإحتلال ومستوطنيه على شعبنا، والتسارع في بناء المستوطنات ومصاردة الأراضي، والمعاناة التي يعيشها أسرانا البواسل في سجون الإحتلال، والحصار الظالم على قطاع غزة الحبيب. إن تشكيل مجالس إنتقالية تاسيسية في دول الربيع العربي ما هو الا رغبة حقيقية بتحقيق مطالب الشعب بالتحول الديمقراطي ونيل الحرية، وهو خطوة جدية وحقيقية لتحقيق مطالب الشعب بالتغيير والرغبة بالعيش الكريم، وصحة لمقترح حزب الشعب الفلسطيني. كما أن ذلك يمثل مخرجاً حقيقياً لواقعنا الفلسطيني في حال تبني القيادة الفلسطينية جمعاء للمقترح المقدم من حزب الشعب الفلسطيني وهو خطوة نحو الإتجاه الصحيح لبناء دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس، وفق قرارات الشرعية الدولية.