نقابة المهندسين تُسلّم 225 تأشيرة لأعضائها الفائزين بقرعة الحج بالإسكندرية    أوربان يدعو أوروبا للحاق بالنهج الأميركي في أوكرانيا: "الحل في التفاوض مع موسكو لا في العقوبات"    «ظرف طارئ».. أول رد رسمي من رابطة الأندية على قرار عدم خصم نقاط الأهلي    «مساعدة المنافس لقيد أحد اللاعبين؟».. بيراميدز يهاجم رابطة الأندية    خالد عبد الفتاح يقترب من البنك الأهلي    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم الأحد    يسرا ل عادل إمام: "كل سنة وأنت طيب يا زعيم قلبي"    الفرص متاحة لكن بشرط.. برج العقرب اليوم 18 مايو    مظاهرات حاشدة في تل أبيب بالتزامن مع المفاوضات في الدوحة    الجيش الصومالي ينفذ عملية عسكرية ضد المليشيا الإرهابية    الزراعة تكشف حقيقة نفوق ثلث الثروة الداجنة    ننشر تفاصيل تسهيلات الضرائب العقارية قبل عرضها على البرلمان نهاية يونيو (خاص)    أول تعليق من الدبيبة على اغتيال الككلي وتصاعد الأحداث في ليبيا (فيديو)    نتيجة مباراة باريس سان جيرمان وأوكسير في الدوري الفرنسي    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وباتشوكا الودية استعدادا لمونديال الأندية    فوز الأهلي والاتحاد في ثالث مباريات نصف نهائي دوري سوبر السلة    بسداسية أمام بريست.. نيس يختتم الدوري رابعا ويضمن المشاركة في أبطال أوروبا    استشهاد 80 شخصًا جراء غارات الاحتلال منذ الفجر على غزة    الأرصاد: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة اليوم    ضبط مخالفات تموينية في حملة مشتركة بمدينة الشيخ زويد.. صور    العثور على جثة رجل مكتوف الأيدى واليدين بالواسطى ببنى سويف.. تفاصيل    جهود أمنية مكثفة لضبط المتهمين بسرقة جواهرجي في قنا    عاجل - غياب الكلمة وحضور الرسالة.. ماذا قال الأمير تميم بن حمد بعد قمة بغداد على إكس؟    في أول لقاء رسمي.. زيلينسكي يبحث مع رئيس وزراء كندا وقف إطلاق النار مع روسيا    قطاع الفنون التشكيلية يُكرّم القائمين على الأنشطة المتحفية في اليوم العالمي للمتاحف    الاقتصادية تنظر أولى جلسات محاكمة راندا البحيري بتهمة سب وقذف طليقها    دي بروين يكشف قراره بشأن انضمامه لأحد الأندية الإنجليزية    ترتيب الدوري الفرنسي.. موناكو يتأهل لدوري الأبطال وهبوط سانت إيتيان    مراقب بالكاميرات.. وزير النقل يكشف عن المنظومة الجديدة على الطريق الدائري    حدث بالفن| نجوم الفن يحتفلون بعيد ميلاد الزعيم وحقيقة خلاف تامر مرسي وتركي آل الشيخ    كالعروس.. مي عمر تتألق بفستان أبيض في خامس أيام مهرجان كان    بالصور.. جينيفر لورانس وروبرت باتينسون يخطفان الأنظار في مهرجان كان السينمائي    هل الأتوبيس الترددي بديل لمترو الأنفاق على الدائري؟.. كامل الوزير يجيب    انقطاع الكهرباء بطور سيناء اليوم الأحد 5 ساعات للصيانة    الوادي الجديد: رفع درجة الاستعداد القصوى بالمراكز لمواجهة الأحوال الجوية    أخبار مصر اليوم: 100 مليار جنيه حجم الاستثمار في صناعة الدواجن، أسعار اللحوم الطازجة والمجمدة بالمجمعات الاستهلاكية، الأرصاد تحذر من رياح محملة بالأتربة على هذه المناطق غدا    سعر الذهب اليوم الأحد 18 مايو محليًا وعالميًا.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    بالصور.. رامي صبري والنجوم يحتفلون بعيد زواج المهندس محمد عطا وسيدة الأعمال فاطمة المهدى    خبير لإكسترا نيوز: إسرائيل لن تسمح بحل الدولتين لتعارضه مع حلمها الإمبراطوري    تعاون بين «التأمين الشامل» و«غرفة مقدمي الرعاية الصحية»    ضبط 12 طن قمح بمحال أعلاف لاستخدامها في غير الأغراض المخصصة لها بالبحيرة    وزير الشباب والرياضة: نتحرك بدعم وتوجيهات الرئيس السيسي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الرياضة برئاسة طاهر أبوزيد    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    الشيخ رمضان عبد المعز: "اللي يتقي ربنا.. كل حاجة هتتيسر له وهيفتح له أبواب ما كانش يتخيلها"    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    رئيس جامعة طنطا خلال زيارة طالبات علوم الرياضة: تحركنا لصالح بناتنا    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصّات للوهم
نشر في الواقع يوم 11 - 05 - 2012


بقلم جواد بولس
أترك رام الله من غير أن أكون سعيدًا. كانت الشمس حارقة، غضبى وخائبة الأمل. لقد أشرقت في ذلك النهار وكأنها على ميعاد لوفاء نذر وفرح، لكنّها تحوّلت، قست وأحرقت.
في الساحة المقابلة لمبنى بلدية البيرة نصبت خيام لمعتصمين يتضامنون مع أسرى الحرية. أبناء فلسطين في الأسر قرروا أنّ الساعة أزفت وهي ساعة كرامة ومن أجلها يكون الفداء وتطيب الشهادة.
مبادرون من شباب متحمّس قرروا إقامة مهرجان جماهيري حاشد، تشارك فيه أيضًا قيادات فلسطين، ممثٌلو فصائل الثورة الفلسطينية التي خبت وما خبت إطاراتها.
شائعات بشّرت أن سيادة الرئيس سيحضر وكذلك سيفعل دولة رئيس الوزراء. بشائر حفّزت البعض على المجيء فزاد عدد الحضور عن العادي. عدد الكاميرات كان مميّزًا، كما يليق بالحدث الكبير. المنصة ارتفعت، ربمّا لترفع همّ المضربين عن الطعام وشقاءهم وربما لتحمل هتاف الخطباء وأعدادهم. منصّة عربية بلا صدق تفيض بالأوهام. الأغنيات اندلقت وكانت تمامًا كما يليق بصوت ثورة، فلا صوت يعلو على صوت الغناء.
زرافات زرافات وفدت الجموع وصوت من الميكروفون يصدح ويملأ الفضاء صلاة ووعيدًا، فما زلنا عربًا وما زلنا في شوق إلى وثبتنا ولذا حذارك يا بنت صهيون فلن ترقدي إلّا على بيض الزمان أو على "زند أجرب".
بضع مئات تملأ ما صُف من كراس وقلة استظلت في سقيفة جمّعت من تفرقوا في لهيب شمس وذلك إلى حين كبوة. قيادات ما تزاحمت فالساحة رحبة وتتيح "مطمطة "الصف الأول لليمين ولليسار ليلائم طول القيادة وعرضها. خطباء اعتلوا المنصة ونزلوا. لم يعلق من هتافاتهم إلا الطنين والصدى.
احترتُ ولم أفقه ما كانت الحكمة بمن أعطي حق الكلام وبمن حرم منه؟! أمن تواضع أو حشمة أو ربما حكمة غائبة لم يتح لرئيس حكومة فلسطين الحاضر أن يلقي تحيّة وأكثر؟ أهي الضرورات أباحت المحظورات أم توازنات الهوس الفلسطيني بالقوالب والأطر التي نامت على ثورة وما أفاقت من مرض. مشاهد من غباء وربما وقاحة قللت من وقع الحدث وريعه وأقنعتني وكثيرين مثلي أنّنا في مسرحية على مسرح العبث.
كنت غاضبًا، فهناك وراء القضبان أعلن فرسان الحرية حربهم، حرب المعد الخاوية، وهنا وبمعد محشوة يدير فرسان الهتاف وبالخفية، حروب الردة والقمع الهزيل. تركت رام الله ولم أكن سعيدًا. وجهتي منابت الفرسان والحزن السميك.
أصل إلى مدخل السجن الكبير. أسوار من اسمنت بلون الحسرة ترتفع بشهوة إلى أعلى. بوابات حديدية كبيرة وعالية لا أذكر لونها. أناس كثيرون يتحركون برتابة وذكاءِ قطيع. لباسهم حائر بين زرقة غابت ورمادية خجلى. (لم أفهم قط لماذا يصر من ينتقي ألوان المكان والرجال على هذه البهاتة والتمويه). ساحات ملأى بسيّارات تنتظر راكبيها الذين أنهوا وردية، يبتعدون كمن أصيب بإسهال فيمشي على رؤوس الأصابع خشية أن يفقد سيطرته وتفوح الفضيحة. وأخرى تبصق أعدادًا يسرعون للدخول إلى بطن القمع. خليط من شبه صراخ، هو تحيّات الأشدّاء للأشدّاء وضجة محرّكات مركبات تملأ الشارع الرئيسي المحاذي لسجن الرملة الكبير، الذي كان مرّة على أطراف مدينة نّسب إليها، واليوم أصبح قلبها النابض بالحسرات وآهات عاشقين ينتظرون الليل كي يدنو القمر. بلادة تملأ الفضاء إن لم تتحصّن في وجهها امتصتك، تشرُق نسغَك كدودة شريطية تبقيك على حياء لتحيا وكأنك بدون وعي، تصبح باهتًا بلون السجّان.
زرت المكان مرات بعدد النسيان متعمّدًا أن أبقى الغريب، لا ألفة ولا إدمان، نافرًا كحصان الجبال متأهبًا كشوكة. كثيرون من السجّانين باتوا يعرفونني. بعضهم يرحّب بقسط من احتراف واحترام، بلا فائض محبة ولا استعداء. آخرون، بلا قلب وبلا لسان، يتوجّعون كروبوت. أبناء المكان أمسوا وأبناء الولاء، متشابهين كحمير الوحش. لا فرق بينهم وبعضهم يحدّثني بالضاد، سجناء الحاجة، واللقمة عندهم سيّد. فلا قمع يعنيهم ولا تنكيل ولا أوطان.
أنتظر في ردهة تشبه معدة متخمة. أحاول أن أشغل بالي ببعض سحاب ونبشي لأحلامي المنسية. أفشل، فوجوه من أنا ذاهب لزيارتهم تشخص كالشقاء أمامي وبإصرار الوجع. لم يُجْدِ غناء ولا همس الرضاب للرضاب، أصرخ في جوفي، خذوني يا حفاة إلى حيث الأمل وإلى مَن بريق أحلامه يبلل صحاريكم ويربك فيكم نزوة القهر. خذوني إليهم لأتعلّم كيف يطير العاشقون على طلّ وينامون على أكتاف أم وأهداب حبيبة تذوب من سهد وعطش، خذوني إلى من علّموني في يد مَن ستكون العصمة وسياط القدر.
لم يطل انتظاري. بفرح أب يطمئن على غده وليل أولاده أجلس في مكاني المعد وأبدأ أمارس طقوس الوجع الدفين وفرح لقاء النهر بالبحر يبدد يأس الحالمين في الليل الذبيح. أطير معهم إلى غدهم/غدنا المشتهى وأحط على وخز النصال والعهد التليد.
سبعةٌ اعتدت على مجيئهم يُجرّون على كراسٍ كسادة، فهم وإن نحلت أجسادهم من تحدٍ، يشعّون كبرياءً وعزة. ماجدون يساقون مِن مَن حسبوا أنفسهم عتاة وأصحاب عقارب الزمن، فجاءهم أحفاد آدم، ليذكروا أن الحق وإن تأخر فسيمطر وخراجه أبدًا سيبقى لأحرار، أبناء حرائر، من هنا، من أرض الخرافات والنور.
يجيئون ليجددوا القسم والعهد ولأنقل عنهم للأحرار في العالم حكمة جدّهم في حبه والخطيئة، فما نفع الحياة بدون عزة وكرامة وحرية؟. أصحاب دمع وحنين ونصر لا يقبلون منّي رجفةً ولا ناي، يحمّلونني الشوق والشوك ويستحلفونني أن أوصل ما بقي من نبضات قلوبهم أمانات لأهلهم في رام الله/


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.