مفاجأة شدة أنظار العالم الإسلامي .. ستباع يوم 6 أكتوبر المقبل بمزاد علني في لندن صفحة من مصحف تم نسخه في عصر الخليفتان عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، في النصف الأول من القرن الأول الهجري، أي النصف الثاني من القرن السابع الميلادي. ذكرت "دار كريستيس" المنظمة أن سعرها بين 100 ألف و200 ألف إسترليني، أي ما معدله 237 ألف دولار، ولكنها لم تذكر مصدر الصفحة أو من يكون مالكها الراغب في بيعها، كما لم تذكر تفاصيل كثيرة عن الصفحة المكونة من 22 سطراً مكتوبة بحبر بني وبالخط الحجازي المبكر على رقّ عرضه 23 بطول 33 سنتيمتراً . لم تؤكد "دار كريستيس" أيضاً إذا ما كانت الصفحة هي من مصحف تم جمعه ونسخ عدد منه زمن الخليفة عثمان بن عفان، لكنها بالتأكيد من مصحف تم نسخه في وقت سبق عام 50 للهجرة، لأن معظم الدراسات والأبحاث الخاصة بالكتابة وأنواعها أكدت أن نسخ المصاحف في بدايات الإسلام بالنصف الأول من القرن الأول للهجرة كان بالخط الحجازي المبكر ومن دون تشكيل ولا تنقيط للأحرف والكلمات، وهو ما يبدو واضحاً من صورة الصفحة التي عرضتها "دار كريستيس" من دون أن ترفقها بأي شرح تقريباً. ويقال في كتب التراث الأصيل إن التشكيل الموضح لحالات الصرف والنحو في القرآن الكريم تم في زمن الخليفة علي بن أبي طالب، وبأمر منه، وقام به ظالم بن عمرو بن سفيان، المعروف بأبي الأسود الدؤلي، المتوفى عام 69 للهجرة. وينسبون الى الدؤلي أيضاً، كما الى سواه من بعده في روايات أخرى، أول عملية تنقيط لأحرف القرآن الكريم، إذ لم تكن المصاحف متضمنة النقاط على حروفها قبل الخليفة علي بن أبي طالب، ما يؤكد أن الصفحة المعروضة للبيع تم نسخها في زمن قبل خلافته، لكن ليس بالضرورة أن تكون من المصاحف التي تم نسخها وتوزيعها بأمر من الخليفة عثمان بن عفان. يؤكد ذلك ما اتفقت عليه دراسات عربية وللمستشرقين أيضاً حول الخط العربي زمن جامع وموحد المصاحف في مصحف واحد، وهو الخليفة عثمان بن عفان، بأن من كلفهم بعملية الجمع والإشراف على نسخ عدد من المصاحف، وهم الصحابة المرضي عنهم: زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث (وفق الوارد بصحيح البخاري) استخدموا ما لا نراه في الصفحة المعروضة للبيع، وهو فراغ كانوا يضعونه بين آية وأخرى أوسع قليلاً من الفراغ بين الكلمات. كما استخدم نساخ المصحف العثماني الخط الجاف المائل للتربيع، وهو خط كان يستعمل عادة في الشؤون المهمة، بينما كان الخط اللين المائل للاستدارة يستعمل في الشؤون اليومية العادية، "وقد استخدمه الصحابة حين كان الرسول صلى الله عليه وسلم يملي عليهم شيئاً من الوحي لسهولته ويسره"، بحسب المكتوب في بعض الدراسات عن الخط العربي، في حين نرى الخط المستخدم في الصفحة المعروضة للبيع مختلفاً في الشكل مع أنه حجازي مبكر، لكنه مميز بامتداد عمودي لحرفي الألف لام والكاف، وهو ما لم يستخدمه نساخ المصحف العثماني أيضاً.