"الوطنية للانتخابات": 516 ألفا و818 صوتا باطلا بنظام الفردي في انتخابات الشيوخ    نائب محافظ قنا: مشروع القطار الكهربائى السريع نقلة نوعية فى مجال النقل    برلمانى: رسالة الرئيس السيسي بشأن الأمن المائي تأكيد لقدرة مصر على حماية حقوقها التاريخية    رحيل الدكتور علي المصيلحي وزير التموين السابق بعد مسيرة حافلة بالعطاء(بروفايل)    أنس الشريف ومحمد قريقع.. ليلة استشهاد الصحافة فى غزة    تأخر ناشئى اليد أمام الدنمارك 17-14 بالشوط الأول في بطولة العالم تحت 19 عاما    الداخلية: التيك توكر منتحل صفة سيدة طالب مقيم فى الشرقية.. فيديو    مفتي القدس: مصر سند دائم للقضية الفلسطينية منذ النكبة.. والذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز الفتوى الرشيدة    مفتى القدس: مؤتمر الإفتاء جاء فى الوقت المناسب لبحث الثورة العلمية والصناعية    تصاعد الصراع وكشف الأسرار في الحلقة الرابعة من "فلاش باك".. أول ظهور ل خالد أنور    نجوى كرم: أتمنى تقديم دويتو مع صابر الرباعي (فيديو)    غدا.. الفرقة القومية للفنون الشعبية تقدم عرضا بمدينة المهدية ضمن فعاليات مهرجان قرطاج بتونس    «اعرف دماغ شريكك».. كيف يتعامل برج الميزان عند تعرضه للتجاهل؟    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ سوهاج فى جولة مفاجئة للمستشفى التعليمى للاطمئنان على الخدمات الطبية    سيدة تضع 4 توائم فى ولادة حرجة بمستشفى أشمون العام بالمنوفية    نائب وزير الصحة تجتمع بعميد كلية التمريض دمنهور لبحث ملفات التعاون المشترك    مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ يبحث استعدادات العام الراسي الجديد 2025/2026    متحدث باسم الخارجية الصينية: الصين تدعم كل جهود تسوية الأزمة الأوكرانية    نائب الرئيس الإيراني: التخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم "مزحة"    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    إقبال كبير على تذاكر مباراة ريال مدريد أمام تيرول    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    «جهار»: معايير «التطبيب عن بُعد» خطوة استراتيجية لدعم التحول الرقمي في القطاع الصحي    «الإعلام والتحليل الرياضي من التفاعل الجماهيري إلى صناعة التأثير».. ورشة عمل بماسبيرو    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    الوزير يترأس اجتماع الجمعية العمومية العادية لشركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    12 أغسطس 2025.. ارتفاع طفيف للبورصة المصرية خلال التعاملات اليوم    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    القبض على بلوجر شهير بتهمة رسم أوشام بصورة خادشة للحياء    الرئيس السيسي يستقبل اليوم نظيره الأوغندي لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يفند أكاذيب الاحتلال حول سياسة التجويع في القطاع    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون حماية المال العام محتاج تعديل
نشر في الواقع يوم 12 - 06 - 2011


بقلم د. عادل عامر
فإذا كان النظام المالي في الحكم الإسلامي نظاما محددا واضحا، من حيث مصادر الثروة العامة، وكذلك وجوه الصرف من خلال نصوص القرآن والسنة، فإن كثيرا من الفرعيات لا يمكن البث فيها برأي الفرد الحاكم.
وكذلك هناك كثير من الملابسات والحالات الخاصة الاستثنائية توجب إيقاف العمل ببعض الفروع، أو استحداث أخرى. وعملية التشريع هذه، بالإيقاف أو الاستحداث، لا يمكن ولا يجوز أن يكون الرجوع فيها إلى رأي الفرد الحاكم كمصدر وحيد للتشريع. بل لابد من الرجوع في ذلك إلى حكم الشورى.
فما هي الضوابط التي أسسها الجيل الأول من الصحابة لتدبير المال العام؟ وما هو دور أهل الحل والعقد في تدبير النشاط الاقتصادي؟ وما هي العلاقة بين تدبير المال العام وشرعية متولي الأمر؟. قانون حماية المال العام تحول إلي بيت للعنكبوت اخترقه حيتان القروض ورموز الفساد حيث أجاز قانون البنك المركزي في المادة 133 التصالح مع رجال الأعمال وإلغاء العقوبات في حالة سداد أصل الدين ولم يفرِّق بين حسن النية وسيء النية بالإضافة إلي ذلك لم يضع عقوبات في حالة التزام المتصالح مع البنك.. ولم يضع المشرع من ناحية أخري سقفاً للقروض أو رقابة علي أوجه إنفاقها أو اشترط استخدامها في داخل البلاد.. مما سهَّل للوزراء والنواب انتهاكه باستغلال النفوذ تارة وبالتربح تارة أخري كما انتهكه نواب الشعب والحصانة ساندتهم.
" أنه لابد من تغيير قانون حماية المال العام وتغليظ العقوبات لمن يرتكب أي جرم بانتهاك القانون سواء كانت تلك الجرائم منحسرة في جرائم الرشوة أو الاستيلاء أو الإفلاس "وهي جرائم المال العام" أو أي جريمة ذات صلة بالمال العام واستغلال النفوذ حيث إنه طبقاً للمادة الرابعة من قانون حماية المال العام تنص علي أنه يعاقب بالحبس من 24 ساعة إلي 3 سنوات كل من عطل وسيلة من وسائل الإنتاج أو انتهك القانون وقد تصل إلي السجن وهي عقوبات خفيفة لا تتناسب مع مدي الجُرم الذي لحق بالمال العام.
أن ما قامت به المرأة الحديدية وهربت للخارج حني انقضت العقوبات واستفادت بانقضاء الدعاوي بانقضاء المدة المنصوص عليها في القانون أن قانون البنك المركزي أتاح التصالح مع رجال الأعمال المتعثرين وتراكمت عليهم الفوائد بتسديد أصل الدين.
وهناك فرق بين من تعثر وتوقفت أعماله نتيجة ظروف محددة ومن حصل علي قروض وقام بتهريبها للخارج وهرب وهذا لا يجب أن نتصالح معه لأنه أثبت عدم حُسن النية.
ويجب علي المشرع المصري وضع قانون يضع فيه حداً أقصي للقرض ويضع قيوداً علي تقييم من يحصل علي القرض وأعماله من أكثر من جهة بوضع جهات رقابية تراجع بعد البنك وتقيم أعمال المقترض أو رجل الأعمال لحماية المال العام. أن أموال البنوك هي أموال الشعب وتساءلت كيف يمكن لعشرة أشخاص بالبنك إقراض شخص ملايين الجنيهات بأوراق ومستندات واهية وهناك العديد من الوسائل الملتوية التي تمكن رجال الأعمال من الحصول علي قروض من أكثر من بنك في آن واحد.
و أنه يجب إنشاء جهاز لمراقبة التصرف في القروض للتأكد أنه يتم انفاق هذه الأموال داخل البلاد وفي مجالات اقتصادية وتحقيق نهضة اقتصادية للبلاد يكون دوره بعد حصول المقترض علي القرض تحت رعاية البنك ومتابعته كل فترة لمعرفة الأموال أين ذهبت.
التصالح وإسقاط التهم أن القانون صنَّف الحرامي نوعين الأول وضعه في السجن بتهمة الاستيلاء علي المال العام حتي ولو استولي علي كرسي من عهدته وحكم عليه بالحبس 3 سنوات بتهمة الاستيلاء علي المال العام ولو أراد التصالح للإفلات من الحبس وسداد ثمن الكرسي لا يسمح له القانون.. والنوع الثاني حرامي ضرب له تعظيم سلام بعد أن اتهم بالاستيلاء علي أموال البنوك واستولي علي ملايين الجنيهات وتاجر فيها وكسب ملايين أخري وعند القبض عليه أو تقدم للسلطات يتصالح معه ويسقط عنه الأحكام ويسمح له بالتصالح. أن هذا التمييز غير مرغوب لأنه قد يدمر أسراً وأشخاصاً أبرياء لا ذنب لهم وطالب بتغيير القانون.
فقد شهدت قضية كان متهماً فيها موظف عام حصل علي قرض من البنك بعدة آلاف من الجنيهات لعلاج زوجته المريضة واستدان وباع عفش منزله وشقته لعلاج زوجته ورغم ذلك لم يستطع سداد مديونياته التي حصل عليها بضمان وظيفته وتم وضعه في السجن.. ورغم اعترافه بالاستيلاء علي المال وعدم السداد أمام القاضي حكم عليه بالبراءة رغم أنفه لأنه كان يأمل في دخول السجن حتي يتمكن من قضاء آخر أيامه ولا تنتهي به الحياة أسفل إحدي الكباري أو في الشارع. لهذا ننادي بتعديل المادة "133" من قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 لضمان حقوق البنوك في حالة عدم التزام العميل ببنود التسوية بعد وقف تنفيذ الأحكام ضده إن هذه المادة تفتقد إلي عدم اشتمالها علي العقوبة في حالة عدم التزام العملاء بعمليات التسوية خاصة أن المادة تتضمن أن يتم انقضاء الدعوة العمومية بكل قيودها وأوصافها بالنسبة لأثر التصالح ولكن بالنسبة لحالة عدم الالتزام افتقدت إلي وضع العقوبة الخاصة بذلك.
وكانت مجموعة من رجال الأعمال المتعثرين قد استفادوا من تلك المادة بالإعفاء من عقوبة الحبس عند تسوية مديونياتهم أبرزهم رامي لكح وانها تسمح في حالة التصالح بإسقاط كافة الجرائم المرتبطة بهذا التعثر. المثير أنه تم إسقاط 600 مليون من مديونية رامي لكح مرة واحدة باعتبار أن أصل دين رامي فوائده تبلغ 2 مليار و860 مليون وضمن الاتفاق أيضاً إيقاف إجراءات رفع الدعاوي ضد رامي وشقيقه ميشيل لتصالحهما مع البنوك الدائنة.
ومن الأمثلة المتعددة علي استغلال النفوذ والإضرار بالمال العام وزراء ورجال أعمال ونواب في مجلس الشعب شملت قائمة ضمت أحمد عز الذي تمت إحالته للمحاكمة وتوجيه إليه اتهامات الاستيلاء علي المال العام من خلال استيلائه علي أموال شركة الدخيلة للحديد والصلب وبيع أسهم الشركة وبيع خام البليت المملوك للدولة لشركته حصرياً بتخفيض كبير ما ألحق بشركة الدخيلة خسائر بملايين الجنيهات إضافة إلي امتناعه عن سداد ديونه المستحقة عليه للبنوك وشركة الدخيلة.. ورشيد محمد رشيد بتهمة التربح ومنفعة من أعمال وظيفته بلغت 9 ملايين جنيه وجرانة وزير السياحة الذي تاجر بالأراضي السياحية وحكم عليه مؤخراً بالسجن المشدد 5 سنوات حضورياً وغيابياً لكل من رجل الأعمال هشام الحاذق رئيس شركة جمشة "هارب" وحسين السجواني رئيس مجلس إدارة شركة سماك العقارية "هارب" لاتهامهم بالتربح وإهدار المال العام في أرض جمشة بالعين السخنة وهذه واقعة واحدة.
أما رجل الأعمال إبراهيم كامل قام بتوريط بنك القاهرة في أغرب صفقة من نوعها حيث دخل معه البنك بنسبة 20% في شركة لصناعة طائرات انتينوف الروسية التي منحته 550 مليون جنيه قرضاً ليضارب به في البورصة بدعوي تنشيطها وبالطبع خسر إبراهيم كامل المبلغ في البورصة دون أن يهتز وأيضاً لم يطالبه أحد بالسداد ولم يكتف كامل بقروض البنوك فقط بل وضع يده أيضاً علي أراضي الدولة وحاول أن يربح منها الملايين فخصصت له أرض في الساحل الشمالي اشتراها بملاليم وأنشأ عليها قرية غزالة السياحية ومنحته الدولة 64 كيلو متراً مربعاً لإنشاء مطار العلمين رغم معرفة الحكومة جيداً أن مساحة المطار لا تزيد علي 10 كيلومترات فقط ولكن إبراهيم كامل قام ببيع المساحة المتبقية كقري سياحية بأسعار فلكية ولم يدفع في ذلك المساحة الكبيرة إلا مليوني جنيه من خلال قرض حصل عليه من بنك مصر الذي أسقط عنه بعد ذلك بأمر من جمال مبارك.
نادت الشرائع السماوية الحكام والمحكومين بحماية المال العام وأوجبت الحفاظ عليه لما له من دور كبير في سد الحاجات الأساسية للمجتمع ونبهت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة إلي حُرمة المساس بالمال العام أو إهدار وذلك بسبب ضعف الوازع الديني وتعطيل القانون وعدم محاكمة المسئولين عن إهدار المال العام. إذا انحرف الحاكم في تصرفاته في الأموال العامة بإهدارها وحرمان المحتاج منها وتخصيصها بالأهواء لا بمقاصد الشريعة وضوابطها.
فالأمة ممثلة في علمائها وفي أهل الاختصاص في كل فرع واجب بيان وجه المصلحة العامة الحقيقية دون مواربة أو خوف أو تردد. فمصلحة الأمة والشريعة فوق كل المصالح الشخصية وفوق الحاكم نفسه.
يتضح من ذلك أن الشريعة الإسلامية نبهت إلي ضرورة منع استخدام النفوذ بالاعتداء علي المال العام فالقائم علي المال العام أياً كان موقعه لا يجوز له الأخذ من هذا المال إلا ما يفي بحاجته الأساسية.
وقد حرمت الشريعة الاعتداء علي المال العام بأي شكل. ووضعت له تشريعات قانونية تمنع كل مظاهر الفساد. فحرمت الرشوة. والاختلاس. واعتبرت أن قبول القائم علي المال العام هدية من شخص يعد خيانة للجماعة أو الوطن. يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم : "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش "أي الوسيط"".وحرمت أيضاً السرقة فكان حد السرقة القاسي لمن تمتد يده علي أموال الآخرين عقوبة له وعظة لمن تسول له نفسه بأخذ المال الحرام.
ولم يكتف الإسلام فقط بوضع التشريعات بل عمد إلي أمور أخري منع الفساد منها إشاعة العدل وتساوي الفرص بين أفراد الرعية مما يمنع الرشوة والمحسوبية والقهر وكل ما يدفع الإنسان إلي اللجوء إلي المال الحرام.
إن تضارب المصالح لا يحتاج إلي الانتظار لصدور قانون يمنع ذلك، فيجب الفصل التام بين الرقابة، والاحتفاظ بالمناصب التنفيذية في بعض البنوك أو الشركات، فمنظومة الفساد تقوم علي استغلال المناصب وتغييب دور الرقابة.ونطالب المجلس العسكري بإصدار قانون عاجل يمنع تضارب المصالح في كل مؤسسات الدولة وليس البنك المركزي فقط للمحافظ علي الاقتصاد المصري، الي جانب تفعيل دور الاجهزة الرقابية الحالية، ومنع مشاركة القيادات في عضوية أي جهة أخري حتي اذا لم يتقاض أجراً.
أن قانون البنوك يحتاج الي مراجعة شاملة وخاصة المادة 131 والتي منذ وضعها لم يحرك البنك المركزي دعوي جنائية أو اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق في جرائم المال العام منذ تعيينه في عام 2004، الي جانب أن محافظ البنك المركزي أصدر في أول نوفمبر 2005 قراراً بأن محاميي الإدارات القانونية لا يسري عليهم قانون الإدارات القانونية، فأصبح الأمر حتي مع حسن النية لا النيابة العامة قادرة علي تحريك دعوي عمومية دون طلب من محافظ البنك المركزي، ولا أي محام يستطيع أن يبلغ عن جريمة لوزارة العدل التي يتبعها هو وفقاً لقانون الإدارات القانونية، فأصبح الأمر محصناً من الجانبين، وتم إلغاء قرار البنك المركزي رقم 2102 لسنة 2005 الصادر في أول نوفمبر 2005 ليعود المحامون إلي تبعية وزارة العدل، ولم ينفذ حكم المحكمة الا بعد ثورة 25 يناير.أن المادة 131 معيبة ويكفي إنها تسلب النائب العام صاحب الدعوي العمومية التحرك أو تحريكها إذا نما إلي علمه جريمة من جرائم المال العام إذا لم يأذن له محافظ البنك المركزي ، وفي هذا سلب لإختصاص أصيل للنائب العام ، حتي لو كان يستند إلي تشريع، خاصة أن إدارة البنك شيء وهي من صلاحيات رؤساء البنوك أو المحافظ ، أما حماية المال العام فيجب أن يكون بداية ونهاية في يد رجال القضاء والنيابة العامة ، والقول بغير ذلك قد يؤدي إلي نتائج خطيرة لعل من بينها أنه لم تحرك إلي الآن دعوي عمومية من محافظ البنك المركزي عن المال العام ، ولسنا نعلم هل تحول الناس إلي ملائكة بحيث لم يمس فرد منهم المال العام؟
ان المادة 133 أعطت للبنوك حق التصالح في جرائم المال العام وإذا حدث تصالح ليس للنيابة العامة أن تدلي فيه برأيها أو قرارها ، بل عليها فقط أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبات التي يمكن أن يكون محكوماً بها ضد العابثين بالمال العام ، والغريب أن المادة 133 تحدثت عن التصالح بعد الحكم بات ، فلو كان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم ، جاز له أن يتقدم للنائب العام بطلب لوقف التنفيذ وعلي النائب العام أن يعرض الأمر ورأيه علي محكمة النقض ، وسلطة محكمة النقض هنا أن تأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات إذا تحققت من إتمام التصالح .
لهذا يجب تغيير المادتين بسبب منحهما إدارة البنوك حقوقاً واسعة وسلب الجهات القضائية اختصاصات أصيلة ، ويطمئن إليها الناس ، والأمر يثير شبهة عدم الدستورية.
أن ما طرحه البنك المركزي من تعديلات غير كافية ويتطلب اجراء تعديل فوري خاصة الثورة كشف عن وقائع فساد واستيلاء علي أموال عامة ، الي جانب أن تشكيل مجلس البنك المركزي الحالي يخالف المادة 13 من قانون البنوك الحالي، وحملت بعض المواد تناقضاً صارخاً فالمادة 4 تنص علي أن اموال البنك المركزي أموالاً خاصة في حين ان المادة 23 تنص علي أن اموال البنك المركزي أموالا عامة، بالاضافة الي التداخل الكبير بين وزارة المالية والبنك المركزي ، حيث تم نقل 55 ألف حساب حكومي من المركزي الي شركة بتعليمات من يوسف بطرس غالي وزير المالية الاسبق بما يعد تدخلا في الاعمال المنوطة للبنك المركزي وفقا للمادة 25 التي تنص علي أن يقوم المركزي بأعمال مصرف الحكومة ويتقاضي مقابلا ماديا. أن المادة 96 من القانون تثير العديد من التساؤلات وهي الخاصة بإنشاء صندوق لتحديث أنظمة العمل في بنوك القطاع العام، وتمت المطالبة بضرورة أخضاع هذا الصندوق لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات ولكن محافظ البنك المركزي يرفض.
ويجب تعديل المادة 10 من القانون لتصبح مدة تعيين محافظ البنك المركزي 4 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وتعديل المادة 12 لتتوافق مع المادة 10 بالنسبة لأعضاء مجلس الادارة بحيث تكون اربع سنوات قابلة للتجديد لدورة أخري فقط، وتفعيل المادة 13 الخاصة بتعارض المصالح في تشكيلة المجلس بما يضمن الحياد في اتخاذ القرار، والمادة 30 والتي تنص علي عدم الاخلال بالاتفاقيات والقوانين الخاصة بإنشاء بعض البنوك تخضع جميع البنوك التي تمارس عملياتها داخل مصر وفروعها في الخارج لأحكام القانون بالاضافة إلي حذف الجزء الاول من المادة 30 بحيث تبدأ من تخضع جميع البنوك .... الخ.
حيث مكنت هذه المادة بعض الفاسدين من الاتجاه الي هذه البنوك التي لا تخضع لإشراف البنك المركزي في معاملاتها المصرفية من فتح حسابات طرف هذه البنوك واجراء التحويلات دون رقابة بما يخل بالصالح العام مثل بنك المصرف العربي الدولي. وان تضاف فقرة " علي أن يكون التجديد لرئيس مجلس الإدارة لمدة أخري مماثلة فقط الي المادة 43 التي تنص علي دون اخلال بسلطة الجمعية العامة للبنك يتم اخذ رأي محافظ البنك المركزي عند تعيين رؤساء وأعضاء مجلس إدارة البنوك وكذلك المديرين التنفيذيين ومسئولي الائتمان، خاصة أن هناك قيادات مصرفية تجاوزت العشر سنوات ولم يحدث لها أي تغيير في مناصبها.
وذلك حتي لا تكون المناصب القيادية حكراً علي أحد وإتاحة الفرصة لظهور قيادات جديدة، والي جانب تجنب الفساد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.