ربما أخذ الكثير منا الرضا بقضاء الله عز و جل من الناحيه الدينيه البحته و لكنى و لأول مره سأطرح الموضوع من الحياة العمليه و من واقع تجربتى و حياتى على جزئين اتمنى انا يستفيد مما أكتب من يقرأ هذه الكتابات عسى أن ينفعنا الله بما علمنا إنه نعم المولى و إليه المصير. إنها حقا تجربه حياة و رصيد فى هذه الحياه ليس بالقليل و ليس بالكثير فقد بلغت منذ أيام قليله عامى الخامس و العشرين إلا اننى لم أعرف قيمه الرضا بقضاء الله إلا مؤخراً. الكثير منا لا يعرف فائده ما قدره الله لنا و أن الله ما أراد لنا سوى الخير و لكن لقصر عمر الانسان و حسابه للسنين و الأيام ليس بحساب الله و استعجاله للأمور و نظره تحت أقدامه و عدم المقدره على الصبر فإن الانسان دائما جذوعا و أغلب الأوقات لا يتمتع بالرضا و التى هى سر السعاده هذه الكلمه تحمل بداخلها كل معانى السعاده فى هذه الدنيا. لقد كنت فى أجازه السنه الثالثه فى كليه الصيدله و هى السنه قبل الأخيره و طلبت الكليه منا ان نتدرب فى شركات الادويه و بالفعل تقدمت أنا و بعض اصحابى فى شركه بالاسكندريه حتى نخوض فيها تلك الفتره التدريبيه. و بالفعل اتصلت بنا الشركه و حزمنا امتعتنا و ذهبنا لنقيم فى شقه يتملكها خال احد اصدقائى و كانت شقه جميله جدا و تبعد عن البحر مائه متر فقط كانت فى منطقه الهانوفيل. و الحقيقه اننى أُكن للاسكندريه عشق ليس له مثيل فهى أحب بلاد الله فى نظرى على وجه الأرض و اجملها يكفى هوائها الذى لم اشتم رائحه مثله فى حياتى فهى أجمل ما رأت عيناى و لم أتمنى أن أعيش فى أى مدينه فى هذه الدنيا مثلما تمنيت أن أعيش فى الاسكندريه. قضيت فتره التدريب و كانت على ما أذكر اسبوعين فى احدى اكبر شركات الادويه بمصر و كان مقر الشركه فى العامريه و برج العرب و كانت فتره ممتازه تعلمت فيها الكثير. و استملنا فى اَخر ايام التدريب شهاده اجتياز الدوره التدريبيه بالشركه و كان كل واحد منا سعيد بهذه الشهاده التى تكلل كل مجهودتنا فى هذه الفترة. و جاء يوم الرحيل كان يوم الجمعه , صلينا الجمعه و توكلنا على الله و انطلقنا الى محطه القطار و وصلنا الى هناك و كان شباك قطع التذاكر مزدحم جداً. سبقنى بعض اصحابى الى الشباك و قطعوا تذاكر القطار و سبقونا الى رصيف القطار و ذهبت انا بعدهم و كان معى احد اصدقائى الى شبك التذاكر و قطعت تذكره القطار, عندما دخلنا انا و صديقى الى الرصيف وجدت القطار ينطلق امامنا . الحقيقه اننى حزنت جدا فالفارق بين هذا القطار و بين ما يليه و يتجه الى طنطا حيث اعيش فى مدينه بجانب طنطا ساعتين من الزمن يااااااااااااااه سنجلس فى القطار التالى ننتظر ساعتين ملل و شئ محزن و يدعو الى الضيق. و انتظرنا من الساعه الثانيه حتى الساعه الرابعه و حلت الساعه الرابعه و بدء القطار فى الانطلاق و انا سعيد جدا فقد مرت الساعتين و فى ظل ساعدتى انظر فى يدى فلا أجد شهادات التدريب ,,,,, انها الصاعقه فاتصلت سريعا باصدقائى فى القطار الذى سبقنا و سألتهم عن الشهادات فقالوا انهم لم يروها منذ ان تركوا جميعا الشهادات معى فقفزت من القطار عند اخر الرصيف و معى صديقى الذى معى ,,,, و جلست على المقاعد على الرصيف و يدى فوق رأسى و الحزن يملأنى .... ضاع مجهود الفتره الماضيه .... ضاعت شهادات التدريب و هى الاثبات الوحيد على أننا خضنا التدريب داخل الشركه.... و ظللت صامتا دقيقتين أفكر ماذا افعل و يا ليتها كانت شهاده تدريبى فقط بل إن شهادات جميع اصدقائى معى يالها من ورطه ..... و الاتصالات تأتى من اصدقائى هل وجدت الشهادات ؟؟؟ فأغلقت الموبايل .... و فى اثناء هذا كله هدانى الله بأن اذهب إلى شباك التذاكر لأسأل هناك على الشهادات,,, و بالفعل ذهبت هناك فوجدت الشهادات على الشباك و شكرت الموظف الذى يقوم بقطع التذاكر كثيراً...... و حمدت الله و عدت الى الرصيف و انا اقول اننى سأضطر أن أنتظر ساعتين أخرتين حتى ميعاد القطار الاخر.... و عندما ذهبت الى الرصيف اكتشفت أن القطار التالى سينطلق الساعه الرابعه والربع يالها من مفاجأه ففرحت جدا و وجدت أنه منطلق من الاسكندريه الى الزقازيق أى انه سيمر على مدينتى و لن اضطر أن أبدل القطار فى طنطا و أركب أى وسيله مواصلات أخرى لأذهب إلى مدينتى..... وقتها حمدت الله و عرفت أن الله لا يقدر سوى الخير و جلست أفكر فى قضاء الله و قدره و أننى استوعبت ما حدث لأنه حدث فى زمن قصير أما ما يحدث فى شهور و سنين فلا نقدر على استيعابه لأننا فقدنا الرضا بما قدره الله.... لقد كان الزمن الفاصل بين ميعاد القطارين ساعتين فقط و لم ارضى بقضاء الله فما بالى إذا كان الزمن الفاصل شهور و سنين ؟؟؟ لقد أراد الله ألا اركب القطار الأول حتى أتذكر الشهادات و أستطيع استرجاعها.... و أراد أن اتذكر اننى نسيت الشهادات و القطار الثانى ينطلق حتى لا أركب فيه .... و أن اركب القطار الثالث لأنه سيمر بمدينتى و لن أضطر أن اغير القطار و ابحث عن وسيله مواصلات أخرى الى مدينتى.... يااااااااااااااه يا رب كم عصيناك و ارتكبنا فى حقك الاَثام و أنت يا رب الغفور الرحيم التواب الرحمن .... سامحنى يا رب على ما ارتكبت فى حقك من ذنوب و على تقصيرى فى عبادتك و على نسيانى طاعتك ..... انا اَسف يا رب مما جال بخاطرى لعل الله ينفعنا بتلك القصه و أن نأخد منها العبرة يقول الله تبارك و تعالى فى كتابه الكريم : {وإن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فلا كاشفَ له إلاَّ هوَ وإن يُرِدْكَ بخيرٍ فلا رادَّ لفضلهِ يُصيبُ به من يشاءُ من عبادهِ وهو الغفورُ الرَّحيم(107) قُل ياأيُّها النَّاسُ قد جاءكُمُ الحقُّ من ربِّكُمْ فمن اهتدى فإنَّما يهتدي لنفسهِ ومن ضلَّ فإنَّما يَضِلُّ عليها وما أنا عليكُم بوكيل(108)} سورة يونس(10) صدق الله العظيم