تعد الفنانة الكبيرة سميحة أيوب من أهم القامات الفنية في مصر والعالم العربي، فهي ليست سيدة المسرح العربي فقط، ولكنها قدمت للدراما والسينما مجموعة من أهم الأعمال التي توضع جنباً إلى جنب مع ما قدمته للمسرح من إبداع. الفنانة الكبيرة فاجأت الجميع بظهورها في فيلم «الليلة الكبيرة» وهو من إنتاج أحمد السبكي الذي دائماً ما تثار حالة من الجدل حول طبيعة أفلامه، سيدة المسرح العربي تعود للدراما خلال الفترة القادمة بمسلسل «وحيدة» الذي يرصد واقع كبار السن في مصر، كما أنها تشارك في حملة «هذه هي مصر» دعماً لحركة السياحة في مصر.. في حوارها مع «الوفد» تكشف الفنانة الكبيرة مجموعة حقائق حول قبولها العمل مع السبكي، وكذلك رأيها في قضايا أخري: لماذا قبلت العمل في فيلم «الليلة الكبيرة»؟ - لأنني شعرت بأنه فيلم يحتوي علي تفاصيل، وأنا فنانة أعشق التفاصيل، الفيلم به مجهود كبير، يشارك فيه 30 فناناً كل منهم له تفاصيل دقيقة قليلة لكنها مؤثرة، والفيلم عاصرته علي مدار حياتي، وكثيراً ما ذهبت إلي الموالد وعرفت ماذا يحدث فيها، وعندما عرض عليّ السيناريو وجدت أنه مشابه جداً للواقع، وأعجبني دوري فهو مختلف ومميز. الفيلم واجه انتقادات كثيرة في عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لاعتماده علي تفاصيل كثيرة في وقت قليل؟ - الفيلم ليس وثائقياً أو تسجيلياً حتي يعرض كل التفاصيل الموجودة بالموالد، السيناريو تناول أكبر عدد من التفاصيل حوالي 20 قصة كل واحدة يمكن أن تقدم في فيلم وحدها لكن المخرج والمؤلف كان لهما رؤية في تقديم عمل يجمع الليلة بحب وبرؤية مصرية بحتة دون «فذلكة» وأعتقد أن بساطة الفيلم كانت السر في جماله، والجمهور مازال ينتظر عرض الفيلم. الفيلم خرج دون جوائز من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.. هل ذلك سيؤثر على نجاح الفيلم جماهيرياً؟ - بالعكس، أعتقد أن مشاركة الفيلم بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى كان أكبر دعاية حقيقية له، فالمعنى كبير فى أن يشارك عمل بمهرجان دولى يمثل مصر أمام العالم، وفى هذا الوضع العصيب الذى تعانيه السينما المصرية أعتقد أن مجرد مشاركة الفيلم مع 120 فيلماً آخر وأن يكون واحداً مما تم اختيارها شرف كبير، والجوائز لا تهم، ما يهم هو مستوى الفيلم المقدم. للمرة الثانية تتعاملين مع المخرج سامح عبدالعزيز؟ - لا أنكر أن سامح عبدالعزيز كان جزءاً أساسياً فى قبولى الفيلم، فأنا شاركته من قبل فى فيلم «تيتة رهيبة» وتعجبنى طريقته فى العمل الفنى الذى يقدمه، فهو إذا قدم كوميديا يعتمد على الرسالة ويبتعد عن كوميديا الإفيهات ليكون كوميديا الموقف هى الأساس، ولذلك عندما قدم لى فيلم «الليلة الكبيرة» وجدت أنه يقدم ثقافة جديدة للسينما وهذا ما أحبه، فهو يخرج عن القوالب المعروفة الفنية ليبحث عن قوالب جديدة، ولا أنكر أن سامح وجيله من المخرجين الذين أضافوا كثيراً إلى السينما وهذا ما أعادنى لها مرة أخرى بعد طول غياب، أنهم يبحثون فى مناطق جديدة فى الواقع الاجتماعى ويخرجونها عبر أفلامهم. هل هذا بداية لعودة قوية للسينما؟ - السينما تحتاج إلي طفرة، منتج مغامر فى ظل الأزمات الكثيرة التى تواجهها من قرصنة الفضائيات، ولكن مثل هذه الأعمال تعيدنى وجيلى للوقوف من جديد أمام كاميرا السينما، فأنا مازالت لدى أدوار أتمنى تقديمها، فشخصية «خادمة المقام» التى قدمتها فى فيلم «الليلة الكبيرة» كانت من الأدوار التى أتمناها وبها تفاصيل أكبر، كنت أتمنى لو أقدمها، فهناك شخصيات تعيش فى الحياة لخدمة المقامات واقتناعهم بها، والتفاصيل الدقيقة التى تتواجد بالدور تعطى له حلاوة، لذلك مازلت متشوقة للعمل بالسينما، وأتمنى عودة قوية. تعاونك مع السبكى أثار جدلاً كبيراً.. ألم يقلقك ذلك؟ - احترم المنتج أحمد السبكى فهو شخص يفهم جيداً فى كيفية تقديم سينما، وتمكن من جمع 30 من كبار الفنانين فى فيلم «الليلة الكبيرة» وهو تكملة لثلاثية «الفرح» و«كباريه»، ويستعد لفيلم رابع وهو «العيد الكبير»، ومن المحتمل أيضاً أن أشارك فيه، بالإضافة إلى أن كل ما يقال عن الأشخاص لا يلفت نظرى المهم هو تعاونى معهم وتعاملاتى معهم، والسبكى مثل مصر فى القاهرة السينمائى لأنه المنتج الوحيد فى مصر الآن، والفنان ما يهمه فى العمل الفنى الذى يقدمه أن يضيف إلى اسمه وتاريخه الفنى. هل من الممكن أن تشاركي فى عمل فنى يتناول الخلطة السبكية المعروفة «البلطجى - الراقصة - الأغانى الشعبية»؟ - على مدار عملى فى الفن لأكثر من 50 عاماً هناك أعمال كثيرة مختلفة لأن الاختلاف هو الأصل فى الأشياء، هناك أعمال استعراضية راقية جداً، وأخرى تتناول أشكالاً من البلطجة والعنف، ولكن دائماً ما كانت هناك أنواع مختلفة من السينما ومن الموضوعات الاهتمام بالأعمال الأدبية، بجانب تقديم ما كان يطلق عليها السينما الخفيفة، وهذه ليست أزمة المنتج لكنها أزمة سيناريوهات، المنتج يقدم السيناريو الذى يعرض عليه، أرى أن هناك اهتماماً من الكتاب بأعمال البلطجة والعنف، وحل هذه النوعية أن تقدم أنواعاً أخرى تعتمد على التقليل من جرعة العنف، وبالمناسبة لا يعنى أن فيلماً يحتوى على بلطجى وراقصة وأغان شعبية أنه فيلم سيئ وإلا لماذا يجمع إيرادات، أوافق على تقديم أى عمل أشعر أنه يضيف لمشوارى الفنى وتتوافر فيه معايير الفن المحترم غير المبتذل. وماذا عن عودتك للدراما؟ - يسعدنى أن هناك اهتماماً بكافة الأدوار فى الأعمال الدرامية، انتقلت الدراما من مرحلة البطل والبطلة لمرحلة السيناريو الجيد، لم يعد الاهتمام على اسم البطل بقدر الاهتمام بالبطولات الجماعية، وأعتقد أن هذا سر تفوق الدراما فى الفترة الأخيرة، وبالمناسبة الدراما فى موضوعاتها لا تبتعد عن السينما فأنا قدمت مسلسل «مزاج الخير» وهو عمل يتناول قضايا المخدرات وغيرها، ورغم أنه واجه بعض الانتقادات، إلا أنه حقق نجاحاً كبيراً، شعرت أنه أضاف لى، قدمت فيه دور الأم القوية الجبارة التى تعرف تماماً كيف تدير بيتها وتدير المنطقة، وهذا نموذج لسيدات كثيرات موجودات بالمجتمع. تعودين لدراما 2016 بمسلسل «وحيدة» ماذا عند دورك فيه؟ - المسلسل إخراج وتأليف أحمد النحاس، وهو عمل اجتماعى تحكى تفاصيله عن الوحدة التى تعيشها المرأة عندما تكبر فى السن، والعمل به تفاصيل كثيرة جميلة وشعرت فور قراءة السيناريو أنه يحكى حياة سيدات كثيرات يعانين نفس المشكلة، وأتمنى أن يحظى العمل بإعجاب الجمهور وسيعرض فى 2016. شاركت مؤخراً بحملة «هذه هى مصر» لدعم السياحة بشرم الشيخ؟ - بالطبع وهذا واجب قومى علينا كفنانين، وكمصريين أن نراعى بلدنا وندعو لها من كل مكان فى رسالة للعالم أن مصر بلد الأمن والأمان، ما تعانيه مصر الآن مرحلة خطيرة فى تاريخها السياسى والاجتماعى وعلى كافة المستويات أيضاً وهناك أيادٍ تحاول أن تسقط مصر، حادث الطائرة الروسية كان له أثر سلبي واضح على مصر وهذا لن يجعلنا كمصريين أن نخضع لمن يحاولون تشويه سمعة مصر، مازالت السياحة بأمان وهى مورد اقتصادى مهم جداً يؤثر على الفن وعلى المجتمع وعلى كافة المستويات السياسية، ولذلك أعتقد أن مساعى الفنانين لإنتاج أعمال تدعم السياحة بمصر وعمل مسيرات فنية من شرم الشيخ رسالة أمان لمصر. كيف تقرئين الوضع السياسى الآن؟ - مصر تمر بمرحلة خطيرة على كافة المستويات، الرئيس والدولة يواجهون تحديات كبيرة جداً على المستوى الدولى وعلى المستوى الداخلى، داعش وما تفعله فى العالم العربى وما يحدث فى تونس والدول العربية لابد أن تخرج منه مصر بأمان لأن المنطقة كلها فى حالة خطيرة، وأعتقد أننا فى مرحلة التكاتف الآن، إذا لم يتكاتف الشعب مع الرئيس والدولة فلن تخرج مصر مما تعانيه، إلا بتكاتف الجميع مع بعضهم. هل ترين أن الشعب المصرى تغيرت صفاته فى الآونة الأخيرة؟ - الثورات لابد أن تغير فى الناس، وإذا لم تغير لن يقال عنها ثورة، الناس تغيرت كثيراً، لكن للأسف لابد من أن يقرأوا التاريخ حتى يعرفوا ماذا يحدث فى وطنهم الآن، التاريخ عادة ما يعيد نفسه، لكن للأسف الناس لا تقرأ، لا تتثقف ومواقع التواصل الاجتماعى أصبحت الوسيلة الوحيدة لنشر الثقافة الآن، وهذا منبع الخطورة. هل ترين أن المسرح سيساعد فى نشر هذه الثقافة؟ - المسرح جزء لا يتجزأ من الوضع السياسى، هناك حركة مسرحية جيدة فى مصر الآن، لكن الجمهور لم يعد يعتبر المسرح وسيلة الثقافة الأساسية دولة مثقفة تعنى مسرحاً ناجحاً، ولا أنكر أن الشباب المسرحى فى مصر موهوبون ولديهم وعى كبير بالمسرح، لكن للأسف الجمهور أصبح لا يهتم كثيراً بالمسرح ولا أعرف الأسباب لذلك. ترددت مشاركتك فى عرض مسرحى قريباً؟ - لا كنت سأعود للمسرح لكنى لا أجد النص الجيد الذي يعيدنى لخشبة المسرح، بالإضافة إلى أننى سافرت فترة للعلاج بالمجر، وللأسف كنت أتمنى مشاهدة عرض مسرحية «ليلة من ألف ليلة» للفنان الكبير يحيي الفخرانى، وسعدت كثيراً لأنه وقف على خشبة المسرح القومى، فهذا المسرح يمثل الكثير لكل الفنانين المسرحيين، فهو طاقة فنية يستمدها الفنان بمجرد الوقوف عليه وإضاءته تعطينا إحساساً بوجود المسرح بمصر، لكن للأسف وجودى خارج مصر حرمنى منها لكنى سأشاهدها فى عرضها القادم. وما موقف مجلس أمناء المسرح القومى؟ - المجلس متوقف ولا يوجد أى اهتمام به من قبل البيت الفنى للمسرح، وهذا المجلس انعقد مرتين، لكنه توقف ولم يؤخذ به، وتقام المسرحيات على المسرح القومى دون الرجوع إليه، لأن المجلس دوره اختيار مواسم العروض والوصول لتوصيات بعينها لاختيار ما يمكن أن يقدم على خشبة هذا المسرح العريق.