"مدافن الدراسة" كارثة يندى لها الجبين، لم تضم جدرانها فقط الأموات، بل احتمى بداخلها صغار وكبار اعتادت أعينهم على رؤية وحشة المقابر ليلاً، وألفت أذانهم أصوات العويل والصراخ. لم يجد المئات من الأسر الفقيرة، ملجأ أحن عليهم من "مقابر الأموات" ليشاركوهم السكينة والهدوء، بعد أن فقدوا الحق لأدنى حقوقهم الآدمية بتوفير مسكن ملائم لهم. للوهلة الأولى، عندما تدخل "مدافن الدراسة" لا تسمع سوى أصوات الطيور على الأشجار المحيطة بالمكان، أو صراخ وعويل أقارب المتوفى، والتي ألقت بظلالها على وجوه الأطفال، لتختفي الابتسامة، ويحملوا هموما لرجال بلغوا من العمر أرذله. وبمجرد مرورك داخل المقابر، تجد مدافن مكونة من "أحواش" بداخلها غرف سكنية مجاورة ل"شواهد القبور"، ويتقاسم الحوش مع المتوفى أحياء، لكن حكم عليهم بتنفيذ حكم الموت بالحياة الدنيا، قبل الرحيل للدار الآخرة. أسرة مكونة من 6 أفراد، اعتادوا على شم روائح كريهة تفوح من المقابر، وأجبرتهم الظروف على العيش في غرف لا تصلح للحياة الآدمية، بداخلها أثاث متهالك، وأوان للطهى، فهذه كل ما يمتلكونه من الحياة. تجولت عدسة "بوابة الوفد" داخل "مقابر الدراسة" وشاركت الأهالى يوماً من حياتهم للوقوف على مشكلاتهم كاملة. "لا نملك أطيان، أو أملاك، أو أية وسيلة للرزق، فقط نملك معاش الضمان الاجتماعى 400 جنيه، والذي لا يكاد يكفى شراء خبز دون طعام" بهذه الكلمات بدأ قاطني مقابر "الدراسة" حديثهم ل"بوابة الوفد". ولخص الأهالي حياتهم بجوار الموتى بعدة كلمات تعكس واقع مرير "ذل وفقر وجهل و مرض". وفي مشهد مأساوي، تجلس سيدة بلغت من العمر أرذله رثة الثياب، تجلس والدموع تكاد تذرف من عينها، وأمامها مجموعة من الأوانى، وبجوارها زوجها مبتور اليد عاجز لا يستطيع الحركة، ولا يعرف شيئاً عما يدور حوله. ورغم المعاناة التي يعيشها سكان مقابر "الدراسة"، أعربوا عن ثقتهم في الحكومة قائلين:"نعلم أن الحكومة الحالية تعمل بكل طاقتها، من أجل تحسين الخدمات الاجتماعية، وننتظر منهم الالتفات إلينا والشعور بحالنا". واقترح سكان المقابر أن تمنحهم الحكومة أرض فى الصحراء يعمروها، ويعيشون بها ويزرعون حولها لعودة الروح لهم ولأولادهم مرة أخرى، أو توفير سكن لهم فى أى من الوحدات السكنية التي تشيدها الحكومة.