صعوبات التعلم لافتة كبرى يندرج تحتها مشكلات يومية تواجهها آلاف الأسر، دون أن تدرك وجود مشكلة الابن ينسى.. متعثر فى الدراسة ربما لا يرغب فى التعليم.. وقد ينسحب تدريجياً من المدرسة. الأمر لا يتوقف على المناهج والكتب التى يتلقاها فى الفصل.. بل قد يواجه الطفل مشكلة فى تعلم أية مهارات أخرى بدءاً من مجرد الكلام. غالباً ما يحتاج الآباء إلى من يرشدهم إلى احتياج ابنهم لأسلوب خاص فى التعلم والإدراك. لأن بعض حالات صعوبات التعلم تندرج تحت عنوان الاحتياجات الخاصة لارتباطها باضطرابات انفعالية أو بعيوب سمعية أو بصرية أو حركية.. فيما تعد أنواعاً منها وهى الأغلب.. مجرد «اختلاف» فى القدرات الإدراكية.. يسهل معالجتها وفقاً لأسلوب التعامل معها. فيما تمتلئ المدارس بأطفال يواجهون صعوبات فى التعلم دون أن يمتلك المدرسون والاخصائيون بها الوعى الكافى، والأسلوب الملائم للتعامل مع مشكلات التلاميذ، فى ظل غياب برامج التأهيل فى المدارس. ابنى «بليد» ما بيفهمش.. كسول أقل من زملائه.. «خايب» صفات ألصقتها والدة «على» التلميذ بالصف الخامس الابتدائى بإحدى المدارس الحكومية عندما سألتها عن محاولتها عرضه على اخصائى إصابات مستنكرة يعنى هيعمل إيه هو غبى وده مابيعرفش يكتب اسمه.. مش عارفة بينجح إزاي؟ والدة «على» كانت أقل وعياً من أم سميرة تلميذة بالصف الثانى الابتدائى والتى سرعان ما أخذت بعين الاعتبار اختلاف ابنتها عن زميلاتها.. فهى تنسى كثيراً.. مشوشة دائماً ضعيفة التركيز.. قالت: لاحظت ذلك قبل ذهابها إلى المدرسة كان عمرها خمس سنوات ولم تنطق إلا كلمات قليلة بصعوبة، ذهبت بها إلى مستشفى أبوالريش وعملت اختبارات وقالولى «بنتك طبيعية» كلميها كثيراً والحقيها بحضانة.. وتحسنت قليلاً إلا أننى مازلت أشعر بأن لديها مشكلة ولا أعرف ماذا أفعل؟ أم أخرى لديها ثلاثة أبناء حل أكبرهم على دبلوم فنى ومتعثر فى الكتابة فيما اضطرت إلى إبقاء ابنتها لدراسة الإعدادية «منازل» بعد تكرار رسوبها. الأم البسيطة قالت إنها تنفق أكثر من 800 جنيه دروساً للأولاد بلا فائدة، فيما لم تعترف من البداية لاحتياج أبنائها علاج بجلسات التخاطب أو تنمية المهارات منذ سنوات طويلة عندما نصحها أحد الاخصائيين بذلك. تجارب وحكايات الآباء والأمهات مع أطفالهم تضعنا أمام المشكلة الحقيقية وهى عدم إدراك وجود المشكلة.. والالتفاف حولها.. وبالتالى قد تتفاقم ليعيش الأبناء فى معاناة مزمنة.. بداية يعرف الخبراء صعوبات التعلم بأنها تحديات تواجه الأطفال ضمن عملية التعلم، ورغم أن بعضهم قد يكون مصاباً بإعاقة نفسية أو جسدية إلا أن الكثيرين منهم أسوياء رغم أنهم يظهرون صعوبة فى بعض العمليات المتصلة بالتعليم كالفهم أو التفكير أو الإدراك أو الانتباه.. كما يعانون من عسرة القراءة أو الكتابة أو النطق وإجراء العمليات الحسابية أو فى المهارات المتصلة بكل العمليات السابقة كما تتضمن حالات صعوبات التعلم من ذوى الإعاقة العقلية والمضطربين انفعالياً والمصابين بأمراض وعيوب السمع والبصر وذوى الإعاقات بشرط ألا تكون تلك الإعاقة هى سبب صعوبة التعلم. اهتمام وبدأ الاهتمام بموضوع صعوبات التعلم أساساً فى المجال الطبى وخاصة من قبل العلماء المهتمين بما يعرف باضطرابات النطق أما دور التربويين فى تنمية وتطوير حقل صعوبات التعلم بدأ يظهر فى مطلع القرن العشرين عندما أعد عالم النفس الأمريكى صمويل كيرك كتاباً جامعيا ليتحدث عن التربية الخاصة ظهر فيها أن التعريفات الخاصة بصعوبات التعلم ثم تناولته مؤتمرات كبرى فى الدول المتقدمة بحضور خبراء تربويين وعلماء نفس ومهتمين باكتشاف المشكلات الإدراكية لدى الأطفال، وتوالت القوانين التى تدعم تقديم تعليم مجانى مناسب للتلاميذ الذين لديهم صعوبات تعلم. اختلاف أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم عادة ما يكون مستوى ذكائهم إما فى المتوسط أو أعلى قليلا بالنسبة لأقرانهم، ولكن المشكلة أن تعامل المخ مع المعلومات لديهم يختلف عن الأشخاص الآخرين، ويؤكد المختصون أن صعوبات التعلم ليست مرضاً فى حد ذاته لكنها مشكلة فى تعامل المخ مع المعلومات وهناك طفل من كل خمسة أطفال فى دولة مثل: الولاياتالمتحدةالأمريكية يعانون من صعوبات فى التعلم، لكن وكالعادة فى مصر ليس لدينا رقم واضح يحدد هذه المشكلة. ضد التسرب من هذا المنطلق عبير غريب خبير تنمية المهارات ورئيس مؤسسة اصنع مهاراتك للتوحد أن مشروعها لاكتشاف الأطفال الذين يواجهون صعوبات فى التعلم بهدف التعامل معهم والحد من التسرب من التعليم، وأكدت عبير غريب أن صعوبات التعلم ليست إعاقة لكن الأطفال الذين يواجهونها يحتاجون إلى أسلوب خاص فى التعامل فى توصيل المعلومة حتى لا تتحول إلى مشكلة أكبر، وهذا الطفل قد يعانى مشاكل فى الوصلات السمعية أو البصرية أو مشاكل بيئية ونفسية أو مشكلات جسدية تؤدى إلى تأخر التعليم، لأن أسلوب التعليم غير مناسبة للقدرات العقلية قد تكون أقل أو أعلى. والسؤال كيف يمكن اكتشاف ذلك؟ - تكتشف المشكلة عن طريق اختبارات الذكاء ومن المفترض أن يلاحظ المحيطون بالطفل ذلك من خلال تعاملهم معه. هل هناك سن معينة لاكتشاف صعوبات التعلم؟ - من المفترض أن يكتشف قبل سن المدرسة أى عند سن 4 سنوات. كيف؟ - يكون الطفل كلامه غير واضح.. الحوار غير سليم ينسى كثيراً، الجلوس باستمرار أمام التليفزيون. وما التصرف السليم حيال ذلك؟ - إذا لاحظت الأم ذلك عليها التوجه إلى الاخصائيين سواء فى الجمعيات أو المستشفيات المهتمة بذلك وعمل اختبارات الذكاء للطفل. ما درجة الذكاء التى يصبح معها الطفل يعانى من مشكلة ما؟ - أقل من 94، وقد يكون الطفل عبقرى أعلى من 110 وتلاحظ الأم أنه كثير الأسئلة الاستفهامية ولديه طلاقة لغوية. «نحن هنا» أمام عبقرى وهذا غالباً ما يحتاج إلى مدرسة متخصصة لأن أسلوب وطريقة التعليم العادية لا تناسب قدراته لذلك هناك مدارس للموهوبين. هل يمكن أن ينخفض مستوى الذكاء؟ - بالفعل لأن الذكاء كالوليد يتغذى وينمو ويمكن أن يضعف وقد يتقلص إذا لم يجد البيئة الحاضنة لذلك، ولهذا السبب سنفقد عدداً كبيراً من العباقرة بسبب عدم اكتشاف مستوى ذكائهم بل على العك، يبدو غير متفهم فى المدرسة لذلك أنصح كل الآباء والأمهات بعمل اختبارات ذكاء لأطفالهم من سن 4 سنوات لبيان قدرات الطفل وإمكان توجيهه معملياً أو فنياً أو حسب موهبته وإبداعه. المشكلة أيضاً.. وكما تقول عبيرغريب؟ - إن اختبارات الذكاء لدينا تحولت إلى سبوبة كما أنها تتم بشكل خطأ.. وإذا لم يجب الطفل عن الأسئلة سأل الخبير الأب والأم كنوع من الاستسهال.. لكنها فى الأصل يتم إجراؤها على ثلاثة أيام: يوم تحت الملاحظة ويوم يحصلون على النقاط، ثم يحصل على النتيجة. سألت عبير غريب عن الصعوبات التى تواجه الطفل الذى يعانى من صعوبات التعلم خاصة فى المدرسة فقالت: - يجب أن تعلم أن هذه المشكلة هى سبب رئيسى فى تسرب التلاميذ من المدارس، ولذا تقدمت بمشروع وحصلت على موافقة من وزارة التربية والتعليم وقمنا بتطبيقها على مدارس بمنطقة حلوان واكتشفنا أعداداً كبيرة من التلاميذ تعانى من هذه المشكلة لدرجة أن مدرسة واحدة كان بها 600 حالة والمشروع به أكثر من خطوة ومدته سنة دراسية أول خطوة هى اكتشاف الأطفال ثم تدريب الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين بالمدارس وخاصة مدرسى المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال وتدريبهم على كيفية اكتشاف المشكلة لدى الطفل وكيفية التعامل معها من خلال برامج معينة ومدروسة وموضوعة بدقة، ننزل المدارس ونطبق عمليا على الأطفال وأولياء الأمور ومناقشتهم فى الحالات وهنا اكتشفنا من خلال المحاضرات أن أولياء الأمور واقعين بين مشكلتين التهوين منها أو تهويلها، وكثير منهم لا يريدون الاعتراف بها أصلاً.. ونعمل على كيفية تعديل السلوك لدى الأطفال وتدريبهم على التحدث عن مشكلاتهم وبالفعل هناك استجابة وكثير من الأطفال يعبرون عن صعوبات فى استذكار والدروس وبعضهم ليس لديهم الدافعية أو المبادرة أو الإحساس بجدوى التعليم، وتؤكد «غريب» أن مواجهة مشكلات صعوبات التعلم للحد من التسرب من التعليم أمر يحتاج إلى كثير من الدعم ولا يجب أن يتوقف على مشروع واحد ينتهى بانتهاء المدة بل يجب أن يكون مشروعاً قومياً تتبناه الدولة وإن كنت أنا أتكفل متطوعة بالوقت والبرامج والمستلزمات لكن للأسف المدارس غير مجهزة بالأدوات والخامات اللازمة لتنفيذ هذه البرامج ومواجهة صعوبات التعلم تسير فى اتجاهين: أولاً - تنمية المهارات «السمعية والبصرية» والتواصل، وهناك برامج أكاديمية خاصة وقد يتكلف الطفل الواحد حوالى 2400 جنيه وقمنا بتطويع منهج تعليم الكبار ليناسب من يعانون من صعوبات التعليم. فروق.. وسمات هناك سمات مشتركة ما بين صعوبات التعلم والتوحد، فقد يقابل الاثنان مشكلات سمعية أو بصرية، ففى الحواس لكن طريقة الحل مختلفة، فالطفل الذى يعانى من صعوبات التعلم قد يسمع بشكل خطأ وهناك مشكلة فى الوصلات السمعية، قد يسمع الحروف الأخيرة من كلمة مكونة من ثلاثة أحرف، فلا يكتب إلا ما قد سمع فيظنه المدرس «بليد» وهو يعانى من مشكلة سمعية، وهذا يستجيب بالتدريب ويكتب بشكل عادى أما طفل التوحد فلديه تشابك سمعى أى يسمع كل الأصوات متزامنة ولا يفصل بينها مما يسبب له توتراً شديداً وممكن يسمع أصواتاً دقيقة غير مسموعة للشخص العادى. وتشير عبير غريب إلى أن صعوبات التعلم ليست إعاقة لكنها احتياج وأسلوب خاص.. بينما بطء التعلم هو إعاقة يصاحبه إعاقة ذهنية بسيطة، وتوضح الاختبارات ما إذا كان الطفل كسولاً وغير مكترث بالتعليم أو كان يعانى مشكلة صعوبات التعلم.