وصل أمس الدبلوماسى الألمانى مارتن كوبلر، لتولى منصب مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا خلفا للإسبانى برناردينو ليون، وقال المكتب الصحفى للأمم المتحدة فى بيان له «يأتى انتقال القيادة فى وقت عصيب فى ليبيا»، وأضاف البيان «سيلتزم كوبلر بضمان استمرار تيسير الأممالمتحدة لعملية الحوار الليبى والبناء على ما حققته الأطراف الليبية حتى الآن». وتولى كوبلر المسئول المخضرم بالأممالمتحدة مناصب رفيعة فى العراق وجمهورية الكونجو الديمقراطية، ويحل محل ليون فى وقت صعب لمهمة الأممالمتحدة، وكان ليون قد سعى جاهدا لفترة طويلة لاتفاق الفصائل المتنافسة فى ليبيا على الوحدة لكنه لم ينجح. ومن ناحية أخرى، أكدت الأممالمتحدة، أن كل أطراف الصراع الليبى ترتكب انتهاكات ضد القانون الإنسانى الدولى قد تصل إلى جرائم حرب، إلى جانب انتهاكات جسيمة ضد القانون الدولى لحقوق الإنسان. ووثَق تقرير أعدته بعثة الأممالمتحدة للدعم فى ليبيا، بالاشتراك مع مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان،عمليات القصف العشوائى للمناطق المدنية وخطف المدنيين والتعذيب والإعدامات، فى مناطق مختلفة من البلاد بين 1 يناير حتى 31 أكتوبر من العام الجارى. وأكد التقرير الأممى أن المجموعات التى بايعت تنظيم داعش تمكنت من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضى فى ليبيا وأحكمت سيطرتها عليها، مفيدا بأنها «ارتكبت تجاوزات جسيمة بما فيها الإعدامات العلنية لأفراد بسبب انتماءاتهم السياسية ودياناتهم». وأشار التقرير إلى أنه جرى احتجاز آلاف الأفراد فى سجون ومراكز اعتقال أخرى، تقع رسميا تحت إشراف وزارة العدل والدفاع والداخلية وفى مراكز تخضع للإدارة المباشرة للجماعات المسلحة وسط تقارير عديدة تفيد بوجود «تعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة». وأكد التقرير أن الفصائل المتحاربة تستخدم أسلحة تفتقر إلى الدقة فى مناطق ذات كثافة سكانية عالية وهو ما يصل إلى حد هجمات دون تمييز توقع قتلى من المدنيين وتلحق أضرارا بالبنية الأساسية. وأضاف « تلقت البعثة كذلك تقارير عن غارات جوية شنتها عملية الكرامة وفجر ليبيا، أدت إلى وقوع إصابات فى صفوف المدنيين أو إلحاق أضرار بالبنية الأساسية المدنية». وتزامن صدور هذا التقرير مع تصاعد حدة المواجهات المسلحة بين الميليشيات الإسلامية المتشددة وتنظيم داعش شرق طرابلس، فى إطار صراع النفوذ، كما تزامنت مع هجمات باريس الإرهابية. وتعددت القراءات لهجومات باريس حتى إن بعض المصادر الإعلامية رجحت احتمال تورط داعش ليبيا فى تلك الهجمات وهو ما لم يستبعده الناطق الرسمى باسم الجيش الليبى الرائد محمد الحجازى، الذى قال «لقد سبق أن حذرنا مرارا من أن خطر العناصر والميليشيات الإرهابية التى سيطرت على عدد من المدن الليبية، وجعلتها رهينة لأعمالها الإرهابية، سينتقل إلى بعض العواصم الأوروبية، وغيرها من المدن الأخرى، باعتبار القرب الجغرافى». وتخوض مجموعات مسلحة من مدينة درنة شرق طرابلس، ينتمى بعضها إلى تنظيمات جهادية، معارك هذه الأيام مع تنظيم داعش فى محاولة لطرده من المنطقة التى يتواجد فيها جنوبالمدينة الساحلية، واندلعت هذه المعارك التى تدور فى منطقة الفتائح الواقعة على بعد 20 كلم جنوب درنة، بعد يومين على إعلان وزارة الدفاع الأمريكية أنها استهدفت للمرة الأولى فرع تنظيم داعش فى ليبيا وقتلت فى غارة جوية زعيمه أبونبيل العراقى، وهو ما لم تؤكده السلطات الليبية رسميا. وقالت مصادر إعلامية ليبية إن "مجلس شورى مجاهدى درنة"، الذى يضم خليطا من المجموعات المسلحة، أطلق حملة جديدة ضد تنظيم داعش، وشهدت مدينة درنة فى وقت سابق، اشتباكات استمرت أسابيع بين مسلحى "مجلس شورى مجاهدى درنة" وعناصر تنظيم داعش، وتمكن هؤلاء المسلحون من طرد عناصر التنظيم من غالبية مناطق المدينة التى تخضع منذ أكثر من عام لسيطرة جماعات مسلحة على رأسها أنصار الشريعة الموالى لتنظيم القاعدة. وتتجه بعض الدول إلى تفعيل الحل السياسى للازمة الليبية، حيث أكد عبدالقادر مساهل وزير الشئون المغاربية والاتحاد الأفريقى الجزائرى، أن بلاده ستستضيف فى الأيام القليلة المقبلة الدورة السابعة لدول الجوار الليبى، والتى ستخصص لتدارس الوضع حول ليبيا وبحث سبل تسوية الأزمة. وقال مساهل، إن الاجتماع الذى لم يعلن عن تاريخه ستحضره دول الجوار الليبى وهى تونس ومصر والسودان وتشاد والنيجر إلى جانب ليبيا، وجدد الوزير الجزائرى تأكيد بلاده على دعم الحوار بين أطراف النزاع فى ليبيا، مؤكدا أنها ستواصل مسعاها لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تتكفل بتسيير المرحلة الانتقالية ووضع دستور وتنظيم الانتخابات واستعادة النظام وبناء المؤسسات.