تفعيل المشاركة المجتمعية لتطوير وصيانة المدارس واستكمال التشجير بأسيوط    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم السبت 23 أغسطس    1350 مجمعا استهلاكيا يطرح 15 سلعة بتخفيضات ضمن مبادرة خفض الأسعار    «بحوث الصحراء» ينفذ خزانات لتعظيم الاستفادة من مياه الأمطار في مطروح    برئاسة الإمام الأكبر | «حكماء المسلمين» يدين استهداف قافلة إنسانية بالسودان    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    موعد مباراة النصر والأهلي والقنوات الناقلة بنهائي كأس السوبر السعودي    اليوم.. اجتماع الجمعية العمومية العادية للإسماعيلي لمنافشة الميزانية والحساب الختامي    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    طلاب الثانوية الأزهرية الدور الثانى يؤدون اليوم امتحان التاريخ والفيزياء    تجديد حبس عاطل وشقيقته بتهمة جلب 3000 قرص مخدر داخل طرد بريدي    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    ضبط لحوم وسلع غذائية فاسدة وتحرير 260 محضرًا في حملات تموينية بأسيوط    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    توجيه حكومي جديد لبيع السلع بأسعار مخفضة    المكرونة ب210 جنيهات.. أسعار السمك في مطروح اليوم السبت 23-8-2025    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    وزارة الصحة تقدم 3 نصائح هامة لشراء الألبان    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    سعر الطماطم والبطاطس والخضار في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رغيد الصلح يكتب : نتنياهو الذي «شرشح الكذب»
نشر في الوفد يوم 30 - 10 - 2015

تحتل مسألة العلاقة بين ألمانيا النازية وبعض الزعماء العرب حيزاً واسعاً من الحرب الدعائية التي تخوضها «إسرائيل» وتخوضها المنظمات الصهيونية ضد العرب. ويسعى الإعلام الصهيوني إلى إعطاء الانطباع بأن العرب كانوا حلفاء للنازية خلال الحرب العالمية الثانية وأنهم كانوا يشكلون أداة من أدوات الصراع بين الحلفاء والمحور. وهذه العلاقة لم تكن سرا. فبعض الزعماء العرب أجرى خلال الحرب اتصالات مع الحكومة النازية ومع هتلر، وكان الغرض الرئيسي من هذه الاتصالات بقصد الوقوف على مشاريع ألمانيا تجاه العرب، خاصة وأن جيوش رومل كانت تدق أبواب القاهرة، كما نقرأ في مذكرات تشرشل وغيره من القادة والزعماء، وكانت القيادة البريطانية تهيئ نفسها لاحتمال سقوط مصر في يد جيوش المحور. وزودت هذه الاتصالات قيادات عربية بصورة أكثر وضوحاً ودقة عن نظرة هتلر والزعماء النازيين والفاشيين العنصرية تجاه العرب، وعن المزاعم المضللة التي كانت تنشرها الدعاية الفاشية بصورة خاصة عن دعم المحور للأماني القومية للعرب.
إن هذه الاتصالات التي أقامتها قيادات عربية لم تكن تمثل صفحات نيرة من تاريخ العرب الحديث، بل على العكس من ذلك كانت تمثل لحظات سقوط. فبعض القيادات العربية تمسك بالدعوة إلى وقوف الحياد، كما فعلت تركيا، خلال الحرب العالمية الثانية. وانطوت هذه الدعوة إلى الحفاظ على المصالح العربية وتجنيب الوطن العربي ويلات حرب لم يكن للعرب فيها أي دور يذكر. غير أن بعض القيادات العربية ارتكبت خطأ تاريخياً حينما ظنت أنها سوف تنتزع من دول المحور، تأييداً ملموساً للمطالب العربية.
لقد ارتكبت قيادات عربية خطأ كبيراً عندما اعتقدت أن المحور سوف يدعم العرب في معركتهم من أجل التحرر والوحدة، ولكن حجم هذا الخطأ لا يضاهىي، بأي حال من الأحوال، الأخطاء التي ارتكبتها القيادات الصهيونية عندما عرضت على النازيين التعاون من أجل تحقيق الأهداف المشتركة. وفي كافة الأحوال نشر النازي بعد وصوله إلى الحكم مذكرة ينوه فيها بأوجه التشابه بين العقيدة النازية المشبعة بكراهية اليهود واحتقارهم والعزم على إنقاذ أوروبا من شرورهم، وبين العقيدة الصهيونية.
وفي مطلق الأحوال لم تصل العلاقات العربية مع دول المحور إلى مستوى يقرب من بعيد أو قريب، مع مستوى العلاقات بين المانيا النازية وإيطاليا الفاشية، من جهة، والمنظمات الصهيونية، من جهة أخرى.
لقد تجسدت العلاقة بين ألمانيا النازية والمنظمات الصهيونية في معاهدة «التسفير» التي استمرت منذ وصول هتلر إلى السلطة عام 1933 وبداية المحرقة. وتوسع إطار التعاون بحيث لم يشمل تنظيم هجرة اليهود الألمان والأوروبيين إلى الأراضي الفلسطينية فحسب، بل شمل مجالاً أوسع من ذلك تمثل في تنظيم تحرك مشترك ومنسق ضد اليهود الاندماجيين الذي كانوا يشكلون النسبة الأكبر من يهود العالم عندما تولت النازية الحكم في ألمانيا. وبلغ هذا التحرك ذروته عندما اضطلع الصهاينة والنازيون بدور نشيط وفاعل في إحباط النشاط الذي قام به اليهود غير الصهاينة ومناهضو النازية والفاشية في الدول الأطلسية من أجل مقاطعة النظام الهتلري. وكان أحد أهم فصول هذا التعاون النازي-الصهيوني هو الحيلولة دون إصدار المؤتمر الدولي الذي دعت إليه المنظمات اليهودية غير الصهيونية في سويسرا قرارات حاسمة بصدد المقاطعة الاقتصادية لألمانيا النازية.
وخطا الصهاينة خطوات أوسع في التعاون مع إيطاليا وفي الانتصار لها من أقرانهم في ألمانيا. وبفضل الالتصاق بالفاشست والتعاون معهم، سمح الإيطاليون، عام 1934، لمنظمة بيتار اليمينية المتطرفة بإقامة قاعدة في الأراضي الإيطالية لتدريب أعضائها على القيام بأعمال العنف ضد الفلسطينيين وضد المناهضين للحركة الصهيونية. وكان الأب الراعي لهذه القاعدة الزعيم الصهيوني «التنقيحي» (Revisionist) فلاديمير جابوتنسكي أحد أبرز منظري الحركة الصهيونية وقائد الجناح الاكثر تطرفا ودموية فيها. ولم يخف جابوتنسكي إعجابه بموسوليني وطلب لقاءه مراراً، إلا أن الزعيم الإيطالي لم يستجب لهذا الطلب وإن لم يرفضه.
وكما فعلت المنظمات الصهيونية الألمانية عام 1933 عندما عرضت التعاون مع النازيين في خدمة الأهداف المشتركة بين الطرفين، فقد كرر تلامذة جابوتنسكي وعلى رأسهم اسحاق شامير الذي كان من المدرسة التنقيحية والذي أسهم في تأسيس حزب ليكود الحاكم في «إسرائيل» وأصبح رئيساً للحكومة بين عامي 1986 و1995.. حدث ذلك عندما زار فون هنتج مندوب وزارة الخارجية الألمانية بيروت في جولة شرق أوسطية إذ بعثت إليه «المنظمة العسكرية القومية الصهيونية» بعرض بالانضمام إلى دول المحور في الحرب ضد بريطانيا إذا وافقت برلين على دعم فكرة الدولة القومية اليهودية.
إن تاريخ العلاقات الصهيونية مع النازيين والفاشست هو تاريخ أسود يصعب الدفاع عنه. في الحالات الطبيعية فإن المنطق والحكمة السياسيين يقضيان بأن يسعى الزعماء الصهاينة إلى إسدال ستار من النسيان على كل ما يمت إلى هذا التاريخ بصلة، وأن يبتعدوا عن الإشارة ليس فقط إلى تلك العلاقات المشبوهة والمدانة بأي معيار. كذلك تقضي الحكمة العادية الأخذ بالمثل الشعبي الذي يقول «من كان بيته من زجاج فليس له أن يرشق بيوت الآخرين بالحجارة»!
إن بيت نتنياهو، هو بالتأكيد، من زجاج. ليس المقصود هنا بيته الحكومي أو الحزبي بل حتى بيته العائلي حيث إن والده كان من المساعدين الرئيسيين لجابوتنسكي، وكان مندوبه إلى الولايات المتحدة وكان من كبار المؤرخين التنقيحيين الذين دعوا إلى اتباع سياسة الحرب الدائمة ضد العرب. والولد هو، كما يقول الكثيرون من «الإسرائيليين» هو سر أبيه بحيث إنه يصعب فهم الإبن من دون فهم الأب كما يقول زاك بوشامب. إذ يستغرب المرء من أين يأتي نتنياهو بالجرأة، بل بالوقاحة الكافية لمراشقة الزعيم الفلسطيني الراحل، الحاج أمين الحسيني؟ لماذا يغامر بفتح الملفات المغلقة وإعادة ماضي الصهيونية البشع إلى الأذهان؟
من يريد جواباً على هذا السؤال عليه أن يرجع إلى التعتيم الذي يمارسه الممسكون بأعنة الإعلام في العالم الأطلسي على كل سقطات الصهيونية ومزاعم قادتها. في ظل هذا التعتيم والتواطؤ لا نستبعد أن تتحول رواية نتنياهو الخرافية حول دور الحاج أمين الحسيني في تسيير أدولف هتلر، أحد أكبر مجرمي التاريخ، إلى مادة للمناقشة بدلاً من أن ترمى في سلة المهملات. في ظل هذا التعتيم لا نستغرب أن تتحول الإساءة إلى المحرقة وإلى الملايين من ضحاياها إلى أداة إعلامية في يد سياسي «إسرائيلي» قال فيه أحد أقرانه إنه «شرشح الكذب».
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.