بدأت الحكومة أولى خطوات تنفيذ خطة الاقتراض للخروج من مأزق الفجوة التمويلية الكبيرة التي تقدر بنحو 36 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة، وتمكنت الحكومة من الحصول على موافقة البنك الدولي لتقديم قرض لمصر يقدر بمبلغ 3 مليارات دولار، يتم صرفها على مدار 3 سنوات بهدف دعم مشروعات الموازنة العامة للدولة. ويعد هذا القرض فرصة جيدة لمواجهة أزمة نقص الموارد الدولارية التي تبلغ نحو 4 مليارات دولار، وتحتاج الحكومة لتوفير هذا المبلغ قبل نهاية العام الجاري، حيث أعدت خطة للاقتراض تتمثل في الحصول على على مبلغ 1.5 مليار دولار موزعة على البنك الأفريقي للتنمية والبنك الدولي، بالإضافة إلى طرح أراضٍ للمصريين في الخارج تقدر قيمتها بنحو 2.5 مليار دولار، كما تستعد الحكومة لتطبيق عدة إجراءات لسد تلك الفجوة ومعالجة العجز في الموازنة العامة من خلال اتجاه الحكومة لطرح سندات دولارية تصل إلى 10 مليارات دولار في الأسواق الدولية، إلى جانب تعديل آلية الصكوك لطرحها كأداة تمويل إضافية. ويدعم قرض البنك الدولي دعوات اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي كخطوة أفضل من طرح السندات الدولارية، وذلك على الرغم من نجاح الإصدار السابق لتلك السندات بقيمة 1.5 مليار دولار على شريحة واحدة في بورصة لوكسمبورج خلال الأشهر الماضية وتغطيته 4 مرات، إلا أن سعر الفائدة على السندات بلغ 5.87% بآجال 10 سنوات. ويعد الاقتراض الخارجي من صندوق النقد الدولي أفضل البدائل التمويلية في الوقت الحالي، حيث تصل حصة مصر في صندوق النقد إلى نحو 1.5 مليار دولار، ومن حق مصر الحصول على نسبة تصل إلى نحو 600% من قيمة حصتها، وبحجم فائدة منخفض يصل إلى 1.5% فقط، مما يجعل الاقتراض من الصندوق يعد أفضل للغاية من الاقتراض المحلى أيضاً، حيث تمثل الفائدة من البنوك المحلية 10 أضعاف هذه النسبة، بالإضافة إلى أن الصندوق يمنح مصر فترة سماح لسداد القرض تصل إلى 39 شهراً من تاريخ الحصول على القرض، كما تمتد الاستفادة من قرض الصندوق إلى منح مصر شهادة مهمة في الوقت الحالي من أكبر مؤسسة اقتصادية في العالم تؤكد جدارة الاقتصاد المصري، مما يشجع المستثمرين الدوليين وصناديق الاستثمار العالمية على معاودة عملهم في السوق المصرية. يأتي ذلك في ضوء الانفراجة الكبيرة في رؤية صندوق النقد الدولي تجاه أداء الاقتصاد المصري، مما انعكس على المشاورات التي تمت بين الجانبين على هامش مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وجاءت نظرة الصندوق لمعدلات نمو الاقتصاد المصري إيجابية للغاية، مما دفع الحكومة إلى استغلال ذلك بالتفكير للعودة مرة أخرى للتفاوض من أجل الحصول على قرض جديد. وتعتبر وزارة المالية قرار التفاوض مع صندوق النقد قراراً سياسياً لا يملكه وزير المالية، نافياً إجراء مشاورات مع بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت القاهرة منذ عدة أيام حول طلب الحصول على قرض جديد، وأشار إلى أن البعثة قامت بعقد لقاءات مع قيادات وزارة المالية بجانب اجتماعات مع كبار المسئولين التنفيذيين بالوزارات والجهات العامة بالدولة المعنية بملف علاقات مصر والصندوق والبنك الدوليين، للتعرف علي تطورات أداء الاقتصاد المصري، وما يتم تنفيذه حالياً من سياسات وإصلاحات وبرامج مالية لحفز معدلات النمو الاقتصادي واستعادة الاستقرار المالي. وشهدت السنوات الماضية التي أعقبت ثورة 25 يناير جدلاً كبيراً من المفاوضات حول حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي بواقع 3.2 مليار دولار، بدأت مع حكومة الدكتور عصام شرف ومروراً بحقبة الإخوان الذين فشلوا في إقناع مسئولي الصندوق بتحسن الاقتصاد المصري من أجل الحصول على قرض الصندوق، حتى تم غلق هذا الملف بعد سقوط نظام الإخوان، ليبدأ عهد جديد من الإصلاح الاقتصادي نجح في تغيير نظرة صندوق النقد إيجابياً تجاه أداء الاقتصاد المصري.