محاولة جديدة ظهرت لإقصاء التيارات الدينية عن دخولها البرلمان أو معترك الحياة السياسية، بعدما شهدته البلاد من خراب خلال عام 2013، وقتما تمكنت جماعة الإخوان من الحكم عن طريق المعزول "محمد مرسي"، الذي خرج من براثن تنظيم محسوب على التيارات الإسلامية. "لا للأحزاب الدينية" حملة جديدة دشنها عدد من القوى الثورية والسياسية والشخصيات العامة، تهدف إلى حل جميع الأحزاب التي لها خلفية دينية، وإقصاء الدين عن السياسة، بالإضافة إلى جمع استمارات تصل إلى أكثر من 30 مليون للذهاب لاستصدار حكمًا قضائيًا بحل الأحزاب الدينية. خبراء الشأن السياسي والقانوني أكدوا أنها حملة محكوم عليها بالفشل، لأنه لا يوجد في مصر حزب يُعترف بأنه حزب ديني، مؤكدين أن إصدار القضاء لحكم بحل إحد الأحزاب يحتاج إلى إجراءات قانونية عديدة. من جانبه، أكد "محمود كبيش" وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة، أن الحكم القضائي لا يصدر وفقًا للضغوط الشعبية أو القوى الثورية، لافتا إلى أنه لا يحكم إلا بما لديه من أوراق ودلائل، تفتقر إليها تلك الحملة. وأوضح، أن هناك إجراءات قانونية محددة لحل أي حزب سواء كان يقوم على أساس ديني أو سياسي، مشددا على أنه لا بد أن تقدم الطعون إلى لجنة شؤون الأحزب وتطلب حل حزب معين بأسباب منطقية ومقنعة لأعضائها. وقال "في حالة رفض لجنة شؤون الأحزاب الطعن المقدم، فيتم إصدار قرار من الدائرة القانونية المختصة من مجلس الدولة، وهي من تقرر أو تحكم في ذلك الموضوع، و لا يملى عليها بضغوط شعبية، وإذا حدث ذلك فننسى قضية دولة القانون إلى الأبد والتي لن تقم لها قائمة". وأضاف "أن القضاء المصري لا يصح أن يتخطى الآليات القانونية، فذلك الحكم يجب أن يكون قضائي، بأسباب ينص عليها القانون لحل جميع الأحزاب، سواء دينية أو غيره، وليس عدد الاستمارات هو من سيحكم في تلك القضية". وقال حسين عبد الرازق، القيادي بحزب التجمع، إن الدستور القائم حاليا وقانون الأحزاب، يمنع قيام الأحزاب علي أساس ديني ولا يمنع قيام أحزاب بمرجعية دينية، مضيفا أن دستور 1971 كان يمنع قيام أحزاب بمرجعية دينية، لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي، أسقط في الإعلان الدستوري عدم قيام الأحزاب علي مرجعية دينية، وأصبح الأمر مباحا والدستور الجديد أكد المعنى. ورأي أن الحل الوحيد لحل أي حزب ديني، هو إثبات أن الحزب يمارس ممارسة حزب ديني وهو أمر صعب، أو تعديل الدستور وهو أمر في غاية الصعوبة أيضا . وقال "سامح عيد"، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن الحملة فاشلة وتأتي في توقيت غير مناسب تدخل فيه مصر مرحلة نضال سياسي، مشيرا إلي أنهم فشلوا في الحصول علي حكم قضائي ضد أي من الأحزاب الدينية، فقط تم حل حزبي الحرية والعدالة والاستقلال لتورطهما في عمليات عنف. وأوضح أن الأحزاب الإسلامية الأخرى ضعيفة وليس لها تأثير، والحديث يدور فقط حول حزب النور، وخسرو الجولة القضائية ضده، لافتا إلى أن حل حزب النور لا يمنعه من خوض الانتخابات البرلمانية، سواء علي القوائم او المستقلين. وأضاف أن الحملة لن تحقق نتائج وستنتهي إلي لا شيء، وإلا سنفتح المجال أمام العديد من الحملات ويشتعل الشارع المصري. وأختلف معهم "باسم بخيت"، رئيس حركة "محامون ضد الإرهاب" معربًا عن تأييده لحملة "لا للأحزاب الدينية" التي تدعوا إلى حل الأحزاب القائمة على أساس ديني، وأعلن إنضامه لها ، لافتا إلى أن تلك الحملة تتفق مع الدستور. وقال "إن الأحزاب الدينية إذا ما سمحت لهم الفرصة التوغل فى العمل السياسي وإمتلاك الأدوات للإنقلاب على الرئيس والحكومة لفعلوها دون تردد ، وظهروا على وجههم القبيح ، خاصة أن الغالبية العظمى والكاسحة من أعضاء هذه الأحزاب، ينتمون إلى نفس أفكار جماعة الإخوان". وأوضح أن ما صرح به قيادات تلك الأحزاب الدينية ، من عدم تولى طائفة معينة من المصريين لرئاسة تلك الأحزاب الدينية أو المناصب القيادية بها ، يعد تمييز واضح يجعل تلك الأحزاب قائمة على أساس ديني، مما يستوجب إعمالا للدستور، حل هذه الأحزاب. واعتبر بقاء هذه الأحزاب يساهم بشكل أساسى فى عودة الإخوان للمشهد السياسي، ويعد خطراً حقيقياً على المجتمع.