بقلم إيمان إمبابى الخميس , 25 أغسطس 2011 02:57 المشهد كان مثيرا حقا.. فى العام 2008.. دبى.. مؤتمر صحفى كبير, حضره صحفيون من كل صحف ووكالات أنباء العالم.. الحدث كان كبيرا.. لارتباطه بالكثير من الأسماء الكبيرة.. فى مصر والإمارات وقطر والسعودية ولبنان أيضا .. مقتل الفنانة المغمورة «سوزان تميم».. وبنفس الطريقة التى بدأ بها الناس فى مناطق شتى.. يدخلون على الشبكة العنكبوتية, باحثين عن معلومات عن المطربة التى لم تكن معروفة قبل مقتلها.. بدأوا أيضا يبحثون عن معلومات عمن ظهر أثناء هذا المؤتمر الصحفى.. متأففا.. عصبيا.. متجهما.. غير قادر على التعاطى مع الصحفيين.. يصرخ فى أحدهم.. ويعنف آخر.. ولايجيب على أسئلة.. وفى النهاية أنهى المؤتمر الصحفى دون أن يخرج أى من الحضور بما يفيد.. هذا الرجل هو القائد العام لشرطة دبى.. ضاحى خلفان!! أما الذى استدعى الرجل للأحداث, فهو نفسه.. بما يملك من رغبة وقدرة على استفزاز المشاهد له فى خطبة أو ندوة أو مؤتمر صحفى.. أو حتى عبر صورة فوتوغرافية تطالعنا بها الصحف والقنوات الفضائية أحيانا.. الرجل خرج علينا مؤخرا فى ندوة, عقدها نادى دبى للصحافة – وهو بالمناسبة النادى المسئول عن الخمسة عشر ألف دولار قيمة الجائزة – وشارك فيها صحفيون من دول عربية شتى.. انبرى الرجل الذى غطى كل شبر فى دولته بكاميرات تليفزيونية.. تسجل النفس الخارج والداخل إلى الصدور.. ولا تفوتها شاردة ولا واردة فى الهجوم على الثورة المصرية.. وهو لا يملك هذا الحق لاعتبارات كثيرة.. بل واتهمها – أى الثورة المصرية – بأنها مؤامرة صهيونية ضد الرئيس المخلوع.. (وبالطبع هو لم يقل المخلوع).. وأن من قاموا بها حفنة من البلطجية!! الرجل, كما يبدو من صوره.. لا يملك أى قدرة على قراءة تعبيرات وجوه البشر والتواصل معها.. تفسيراته لردود أفعال من يتعامل معهم خاطئة فى معظم الأحوال.. ومن هنا يأتى احتكاكه الذى قد يصل فى أحيان كثيرة إلى التسبب فى أزمة, لا يعتذر عنها!!.. فالرجل عندما بدأ حديثه مهاجما ثورة 25 يناير.. أصاب الحضور دهشة واضحة.. فسرها الرجل تفسيرا معكوسا بأنها إعجاب بما يقول.. أو على الأقل تأييد له.. فصعد الرجل درجة أخرى على سلم الهجوم, فاتهم الثورة السلمية بأنها مؤامرة صهيونية.. ويبدو أنه بعد أن خرجت تلك الكلمة «مؤامرة» من فمه, لم يدر ماذا سوف يقول.. مؤامرة على من إذا كان الشعب هو من صنعها.. وسريعا ما استدرك.. مؤامرة على مبارك – المخلوع جبرا من المصريين – ولكى تصبح التهمة خبرا فى صحف اليوم التالى.. فيجب أن تكون المؤامرة صهيونية!!.. طبعا فغر الحضور أفواههم.. ولكن الرجل قرأ التعبير مرة أخرى قراءة خاطئة.. فصعد درجة أخرى على سلم الهجوم.. فوصف من قاموا بهذه الثورة التى أذهلت العالم – رغما عن جناح البترول – بأنهم حفنة من البلطجية.. هنا كسر حاجز الصمت المخلوط باندهاش, باعتراض بعض الحضور على تلك الاتهامات.. التى أصر عليها الرجل.. صاحب عشرات الآلاف من عدسات الكاميرات التليفزيونية.. المبعثرة يمينا وشمالا وشرقا وغربا فى كل شبر فى دبى.. والتى, بالمناسبة, لا منعت جرائم الاغتيال المتتالية التى جرت على تلك الأرض.. ولا حتى أفلحت فى الوصول إلى مرتكبيها.. ناهيك عن الكثير من الجرائم التى يعتبرها الرجل «القائد» جرائم تافهة.. كاغتصاب الأطفال وسرقات الذهب وغيره!! الرجل الذى أمضى أكثر من 40 من عمره متنقلا فى شرطة دبى.. منها 31 عاما قائدا لتلك الشرطة.. لا يتحرج من الاسترسال فى اللغو.. عندما يقول بكل «إقدام» إن إسرائيل تنتقم من مبارك لأنه قاد حرب 1973 وسبب لها هزيمة نكراء!!.. فظلت تخطط حتى أوقعته فى إبرام عقد تصدير الغاز.. إمعانا منها فى الانتقام منه وتدمير تاريخه!!.. وظلت تخطط طوال 30 عاما للانتقام منه.. حتى قررت الدفع بتلك الثورة المصرية.. بالله عليكم, هل هذا كلام مسئول, يستحق أن يرد عليه؟.. هل هذا عقل يعمل حقا فيخرج بتلك الخزعبلات؟.. قررت الاستخفاف بكل ما قال الرجل.. الذى اندهش كثيرا لكونه قائد شرطة.. لأنه بالفعل أخف من خفيف.. لكننى وقفت عند فكرة التدخل نفسها فى شأن مصرى داخلى.. والإساءة التى حملها كلامه «الخفيف».. والتى لا يمكن أن تعبر هكذا مثلما كانت تعبر أشياء مماثلة فى عهد المخلوع.. وعلى هذا الخلفان أن يعى جيدا.. أنه من حقه أن يخرج ما يريد من لغو.. لكن عليه أن يدفع ثمن هذا اللغو.. وحتى أكون محددة.. فأنا أدعو زملائى الصحفيين المصريين فى مصر وخارجها.. العاملين فى الصحف الحكومية والمعارضة والخاصة.. أن يقاطعوا جائزة نادى دبى للصحافة.. الخمسة عشر ألف دولار.. لكى يتعلم هذا الخلفان درس الثورة.. الذى أشك فى أن يتعلمه.. الثائرون يفكرون, ويتحركون, ويتركون بصمة.. أما البلطجية فيرهبون الناس فى الشوارع.. أو يخيل لهم أنهم يلقون التهم فى المؤتمرات الصحفية والندوات.. أما جائزة دبى التى فضحها أحد أعضاء لجنة التحكيم المستقيل العام الماضى.. فقد حان وقت فتح ملفها المتخم!! [email protected]