منذ قبول محكمة النقض الطعون المقدمة من دفاع المتهمين المدانين في حكم أول درجة بقضية مذبحة بورسعيد, وقبول طعون النيابة على أحكام البراءة وقرارها المترتب على ذلك بإعادة المحاكمة في القضية عبر دائرة جنايات آخرى غير تلك التي أصدرت الحكم , مرت قضية أفدح كارثة رياضية في تاريخ مصر بعدة نقاط مفصلية هامة . فقد شهدت جلسات إعادة المحاكمة فيما يُعرف إعلامياً ب " مذبحة بورسعيد " والتي استمرت لما يقارب الثمانية أشهر منذ أولى جلساتها بتاريخ الثالث والعشرين من أغسطس لعام 2014 مروراً بجلسة التاسع عشر من إبريل الجاري و التي قررت المحكمة إرسال أوراق أحد عشر متهماً لفضيلة المفتى وصولا لجلسة اليوم والتي شهدت النطق بالحكم الكثير من الأحداث الهامة والمحطات و المشاهد المفصلية سنحاول تلخيصها في هذا السرد الزمني. 6 فبراير 2014 محكمة النقض تقضي بقبول طعون 34 متهماً على أحكام الإدانة الصادرة بحقهم , وتقبل في السياق نفسه طعون النيابة العامة على براءة 28 آخرين وتقضي بإعادة محاكمة 62 متهماً أمام دائرة جديدة ليضاف لهؤلاء 11 متهماً آخرين صدر بحقهم أحكام إدانة غيابية وتم القبض عليهم لُتعاد إجراءات محاكمتهم على الاتهامات المسندة اليهم . 23 أغسطس 2014 محكمة جنايات بورسعيد برئاسة المستشار " محمد السعيد الشربيني " تبدأ أولى جلسات إعادة المحاكمة ..النيابة تتلو أمر الإحالة ..المتهمين ينكرون الاتهامات ويصيح أحدهم " مسجونين 30 شهر ظلم " ليطالبه القاضي بالهدوء والتزام آداب المحكمة , وبدأ فريق الدفاع التقدم بطلباته وكان من أبرزها ضم تقارير الأمن الوطني والقومي و تقرير المخابرات العامة حول الأحداث . بالإضافة لطلبها باستدعاء كلاً من مراد موافي " رئيس جهاز المخابرات العامة السابق " و حسن عبد الرحمن " رئيس جهاز أمن الدولة السابق " , فضلاً عن استدعاء لاعب النادي الأهلي " عماد متعب " و الإعلامي الرياضي " أحمد شوبير " إلى جانب القيادي الإخواني " اسامة ياسين " وزير الشباب و الرياضة في عهد مرسي وذلك للاستماع إلى أقوالهم بخصوص الواقعة محلال القضية . 21 سبتمبر 2014 المحكمة تستمع لأقوال مدير استاد المصري وقت الواقعة " محمد يونس " والذي أكد في أهم ما قاله بأن ما حدث كان أحداث شغب غير متوقعة , متابعاً بأن حالة من الهرج والمرج سادت الملعب بعد إطلاق الحكم لصافرته واكبها نزول مشجعي المصري لأرض الملعب بعد المباراة , وأشار الشاهد الى انه ظنهم في البداية يحتفلون كما هو متبع في مثل هذه الظروف قبل ان يفاجئ بتوجههم لمدرجات النادي الأهلي ليبدأ الهجوم. و وصف مدير الاستاد وجود اللجان الشعبية لتأمين المباراة ب " غير القانوني وغير الطبيعي " مضيفاً بأنه وعند تواجده بالمقصورة شاهد مجموعة من الأفراد لم يتبين هويتهم منذ البداية وبسؤالهم اجابوا بأنهم يساعدون الأمن في المباراة . 22 سبتمبر 2014 اللقطة الأكثر استثنائية في هذه الجلسة كانت في إعلان القاضي الصريح بأنه لن يخلي سبيل أي من المتهمين على ذمة القضية وجاء موقف القاضي الحاسم رداً على طلب دفاع المتهمين بهذا الصدد 26 أكتوبر 2014 الحكم الدولي " فهيم عمر " وهو الحكم الذي أدار اللقاء الكارثة يدلي بأقواله أمام المحكمة , بدا واضحاً سخط " عمر " على الأداء الأمني الذي واكب المباراة مشيراً بأن التواجد الشرطي بملعب اللقاء إقتصر على تواجد عساكر الأمن المركزي خلف المرميين ولم يتواجد أي فرد أمن بمدرجات المباراة , مشدداً بأن مباراة مشحونة مثل تلك كانت بحاجة لأمن بالمدرجات يردع اي متجاوز . ولفت عمر إلى أن الجو العام لم يكن يسمح بأن تُلغى المباراة مشيراً إلى أنه خاطب المسئولين الأمنيين بملعب المباراة بعد تجاوز جماهير المصري في الشوط الثاني ليكن ردهم وفق شهادته " إحنا هنسيطر على الموقف يا كابتن ". 28 أكتوبر 2014 أدلى خلال تلك الجلسة عدد من شهود النفي بأقوالهم امام المحكمة , برز من بينها أقوال العقيد "مؤمن السباعي " مدير مكتب مدير أمن بورسعيد والذي أكد خلالها بأن إلغاء المباراة لم تكن فكرة مطروحة بالاجتماع الأمني الذي سبق المباراة رغم التخوفات , مضيفاً بأن " مدير الأمن " وهو المتهم الثاني و الستين في القضية وفق أمر الإحالة وتجاوباً مع تلك المخاوف أمر بزيادة الخدمات الأمنية المكلفة بتأمين المباراة وقرر منع دخول الشماريخ . كما استمعت المحكمة لشهادة اللواء " محمود عبده سيد المر " مدير العلاقات العام والإعلام بمديرية امن بورسعيد وقت الأحداث والذي شدد انه لم يرى ثمة أسلحة مع جماهير المصري يوم المباراة مرجحاً ان يكون سبب وفيات جماهير الأهالي هو " التدافع . وشهدت تلك الجلسة مشادات عنيفة بين عدد من المتهمين في القضية والمتهم " احمد رضا " وذلك على خلفية شهادة نفي في حقه نفت صلته بجماهير المصري وماحدث من إعتداء منهم على جماهير الأهلي والذي أكد الشاهد انه واحداً منهم . 23 نوفمبر 2014 اللواء عصام سمك مدير أمن بورسعيد و المتهم الثاني و الستين في القضية يؤكد للمحكمة بأنه لم يكن هو من حدد موعد المباراة وأن تلك هي مسئولية اتحاد الكرة , نافياً ان يكون قد تم إعلامه من أي جهة أمنية تابعة لوزارة الداخلية بوجود أدلة على إحتمالية وقوع أحداث شغب مميتة بملعب المباراة . وتابع سمك خلال حديثه للمحكمة مشدداً بأن كل ما كان لديه من معلومات هو ما يدور حول " الإحتقان " بين جماهير المصري و الأهلي , معقباً بأن لو الأمن إعتمد على هذا " الإحتقان " ليكون مبرراً لإلغاء اي مباراة لن تقام مباريات في مصر . وبرز في حديث "مدير الأمن " تأكيده انه طالب من اللواء " الغضبان " الحاكم العسكري لبورسعيد وقت الأحداث تأمين المباراة ولكنه رفض مبرراً ذلك – وفق قول سمك – انهم لا يريدون الإحتكاك بالألتراس لكي يحافظوا على العلاقات الطيبة مع المواطنين . وأشار "سمك " الى انه عاين ملعب المباراة قبل اللقاء وأبدى ملاحظاته بخصوص أنخفاض سور الملعب وضعف جودة الأقفال ليؤكد له اللواء " محسن شتا " المدير التنفيذي للنادي المصري بأن الأمور ستكون على ما يرام . 20 ديسمبر 2014 خُصصت تلك الجلسة لمرافعة النيابة العامة بالقضية , ليدلي ممثلها بمرافعة أبكت ذوي الشهداء الذين إغتصت بهم القاعة ليمتد بكائهم ليصل لحتى بعض الإعلاميين المتواجدين بالقاعة . هاجمت النيابة خلال مرافعتها جهاز الشرطة بالمحافظة وقت الأحداث متهمة اياه بالتقصير في إدارة المباراة والتخاذل في وقف عدوان جماهير المصري على جماهير الأهلي مطالبة المحكمة بالضرب ب " يد من حديد " على من تعدوا على حق البشر في الحياة واصفة اياهم ب " المارقين المتعصبين " ,ونفت المرافعة عدم علم مدير الأمن بما يدبره التراس المصري مؤكدة بأنه كان يعلمها مشيرة الى قيام احد المتهمين باتوجه لمديرية الأمن قبل المباراة للإخبار عما يود التراس المصري فعله . 10 يناير – 10 مارس 2015 تواصلت خلال تلك الفترة مرافعات الدفاع عن المتهمن من الأول حتى الحادي والستين وهم "مشجعي النادي المصري وقادرة روابط تشجيعه " المتهمين بقتل جمهور الأهلي مع سبق الإصرار والترصد والتلويح بالعنف بغرض إيذائهم بدنياً ونفسياً فضلاً عن اتهامات السرقة والتعدي على المنشآت العامة المتمثلة في مرافق ستاد المصري ( مسرح الجريمة ) . حاول الدفاع خلال مرافعاته إثبات براءة موكليه بتقديم عدد من الدفوع القانونية والمنطقية كان من أبرزها التأكيد على ان بعض المتهمين قبض عليهم عشوائياً وان القبض كان لتهدئة الرأي العام فضلاً عن دفوع اخرى اكد مقدموها ان موكليهم كانوا ممن ساهم في الدفاع عن جماهير الأهلي بعد الهجوم عليهم , وبدا لافتاً في المرافعات إشارة احد أعضاء فريق الدفاع لإتهامة حركة (6 ابريل ) بالضلوع في الحادث 10 فبراير 2015 استمعت المحكمة في هذه الجلسة لأقوال اللواء " سامي سيدهم " مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن وقت الأحداث والذي أكد في مجملها أن مدير الأمن طالب ونظراً لحساسية المباراة زيادة عدد تشكيلات الأمن المركزي المكلفة بتأمين المباراة لتصل بالفعل ل " 17 تشكيل " , مشيراً الى انه ولو كانت تلك التشكيلات قد وصلت ل " 50 تشكيل " لم تكن لتقدر ان تقف أمام الطوفان وفق تعبيره . وأضاف "سيدهم " مشدداً بأن أي قرار بإلغاء المباراة وخاصة مع تقدم "المصري " فيها كان سيودي لتداعيات أكبر نافياً علمه بتورط اياً من القوى السياسية في الجريمة . وفي نفس الجلسة , إستمعت المحكمة لشهادة "سمير زاهر " رئيس إتحاد الكرة المصري وقت الواقعة الذي نفى ان يكون ورد للإتحاد اي مطالب أمنية بإلغاء المباراة خشية من اي تطورات قائلاً " لو الأمن كان طلب التأجيل كنا أجلنا " , وارجع "زاهر " ما حدث الى "الفرحة " التي إنتابت جماهير المصري بعد الفوز العريض الذي حققوه على النادي الأهلي موضحاً بأن تلك الفرحة ادت لإختراق الكردون الأمني ليحدث ما حدث . 5-8 إبريل 2015 خلال تلك الجلسات الأربع والتي كانت الأخيرة قبل أن تحدد المحكمة جلسة اتمام المداولة واتخاذ القرار استمعت الهيئة لمرافعات المتهمين من الثاني والستين وحتى الأخير وهم قيادات الأمن المتهمة بالقضية ومسئولي النادي المصري ومشرف الإضاءة بالملعب دارت معظم الدفوع في مرافعات الدفاع عن الضباط بالتأكيد على أن الوقائع كانت فجائية ولم يكن موكليهم يعلمون بها وفق ما أسند اليهم مشددين بأن اي تعامل مختلف للشرطة في هذا اليوم كان سيحولها لفاعل أصلي , واكد دفاع مدير الأمن بانه كان الأحرص على ان تمر المباراة بسلام حرصاً على تاريخه الشرطى وانه اتخذ كافة التدابير الازمة لأن تعبر المباراة لبر الأمان متهاً النيابة بأنه سعت لإرضاء الألتراس عبر الزج بموكله في قائمة المتهمين , وفي هذا الصدد أكد دفاع المتهم " عبد العزيز فهمي " مدير الأمن المركزي في بورسعيد انه إقترح في الاجتماع الأمني الذي سبق المباراة الغائها دون أن يتم الاستجابه لاقتراحه . وأكد دفاع دفاع المتهم " توفيق ملكان " المتهم بإطفاء أضواء "استاد النادي المصري " للتسهيل على ارتكاب وقائع " مذبحة بورسعيد " أن ذلك الإجراء كان عفوياً , مشدداً بأن الواقع الثابت من المعاينة ومما لا يدع مجالاً للشك أنه لم تكن هناك أي نية للمشاركة والمساعدة لارتكاب الجرم المنسوب له . وفي خلال تلك الجلسات الأربع الأخيرة ناقشت المحكمة المتهم " محمود فتحي " نائب مدير أمن بورسعيد وقت الحادث والمتهم في القضية والذي أكد أن إغلاق بوابة مدرج النادي الأهلي تم قبل النهاية بخمسة دقائق بأوامر من مدير الأمن بنفسه الذي كان يرى أن بقاءهم بالمدرج ضرورة أمنية حتى ينصرف كل جمهور النادي المصري 19 أبريل 2015 محكمة جنايات بورسعيد برئاسة المستشار " محمد السعيد الشربيني " تقرر إرسال أوراق 11 متهماً لفضيلة المفتي لأخذ الرأي الشرعي وتحدد جلسة الثلاثين من مايو "اليوم " للنطق بالحكم 30 مايو 2015 محكمة جنايات بورسعيد برئاسة المستشار " محمد السعيد الشربيني " تقرر مد أجل الحكم لجلسة التاسع من يونيو للعام ذاته. 9 يونيو 2015 جنايات بورسعيد تقضي بإعدام 11 متهماً ومعاقبة عشرة متهمين بالحبس المشدد خمسة عشر سنة ومعاقبة خمسة عشر متهماً بالحبس عشرة سنوات مشدد , ومعاقبة 11 متهما خمسة سنوات حضوري , ومعاقبة أربعة بالحبس خمسة سنوات ومتهم سنة غيابي , كما قضت بالبراءة ل 21