نقيب المحامين: أي زيادة على الرسوم القضائية يجب أن تتم بصدور قانون    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    رسميًا.. انطلاق سيارات Lynk & Co لأول مرة في مصر - أسعار وتفاصيل    طلب إحاطة بالبرلمان لمحاكمة مافيا سماسرة وشركات الحج    رئيس "القومي للمرأة" تبحث التعاون مع وزيرة الأسرة التونسية    هيونداي إليكسيو الرياضية.. سيارة كهربائية جديدة متعددة الاستخدامات في الصين    الرئيس السوري يكشف لأول مرة عن محادثات غير مباشرة مع إسرائيل    مصر ترحب ب«وقف إطلاق النار في اليمن مع واشنطن»: دفعة لجهود الأمن بالمنطقة    إعلام حكومة غزة: نرفض مخططات الاحتلال إنشاء مخيمات عزل قسري    جيش الاحتلال يكثف مجازره الدموية في غزة.. و"حماس" تعلق    ارتفاع حصيلة ضحايا الضربات الهندية على باكستان إلى 31 قتيلا    قائمة الأهلي - عودة أكرم توفيق أمام المصري.. واستبعاد الساعي    «نصيحة أعادت زيزو إلى الزمالك».. ميدو يكشف تطورات أزمة نجم الأبيض    ميدو: سيتم رفع إيقاف قيد الزمالك خلال الأسبوع المقبل    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    إكرامي: «شريف عمل إنجازات كبيرة.. ولو استمر في الملاعب هيتخطى الحضري»    تحويلات مرورية بدائري السلام بعد تصادم عدد من السيارات ووقوع إصابات (فيديو وصور)    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    الرابع.. بلاغ بتعرض طفل جديد لهتك عرضه على يد "بعرور كفر الدوار"    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    أوكرانيا تخرق هدنة "عيد النصر" بإطلاق مسيرات نحو الأراضي الروسية    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (احسب قبضك)    تحرك جديد من المحامين بشأن أزمة الرسوم القضائية - تفاصيل    بعد انخفاضه في 8 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 8 مايو 2025    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم والأرصاد تُحذر من ظاهرة جوية «مؤثرة»    خريطة العام الدراسى المقبل: يبدأ 20 سبتمبر وينتهي 11 يونيو 2026    تفاصيل اعتداء معلم على تلميذه في مدرسة نبروه وتعليم الدقهلية يتخذ قرارات عاجلة    "أولياء الأمور" يشكون من جداول امتحانات الترم الثاني: تؤثر على نفسية الطلاب    بلاغ للنائب العام يتهم الفنانة جوري بكر بازدراء الأديان    وزير دفاع إسرائيلي أسبق مهاجما حكومة نتنياهو: يجب إغلاق إسرئيل وشلها من أجل إنقاذها    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    «فستانك الأبيض» تحتفظ بصدارة يوتيوب.. ومروان موسى يطيح ب«ويجز» بسبب «الرجل الذي فقد قلبه»    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    ناجي الشهابي: زيارة السيسي لليونان صفحة جديدة في علاقات بلدين يجمعهما التاريخ والمستقبل    سعر الذهب اليوم الخميس 8 مايو محليًا وعالميًا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    قبل الإعلان الرسمي.. لجنة الاستئناف تكتفي باعتبار الأهلي مهزوم أمام الزمالك فقط (خاص)    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    أخبار × 24 ساعة.. التموين: شوادر لتوفير الخراف الحية واللحوم بدءا من 20 مايو    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    بعد تداولها على مواقع التواصل، مصدر يرد على جدل قائمة مصروفات جامعة القاهرة الأهلية    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب : توافقات كامب ديفيد تعطّل تدخلات إيران... فهل تلتزم أميركا؟
نشر في الوفد يوم 21 - 05 - 2015


عبدالوهاب بدرخان
إذا التزمت الولايات المتحدة، ولديها مصلحة أكيدة في ذلك، موقفاً موحداً مع دول مجلس التعاون الخليجي في معارضة أنشطة إيران لزعزعة استقرار المنطقة والتعاون في مواجهتها، كما ورد في البيان الختامي لقمّة كامب ديفيد، فإن من شأن ذلك أن يمكّن الولايات المتحدة، وللمرّة الأولى، من المساهمة في تحقيق
مصلحة خليجية وعربية. لكنها مصلحة مرتبطة بأمرين: الأول تأكيد المظلة الأميركية لأمن الخليج وعدم إخضاعه لأي مساومات مع إيران في سياق الاتفاق النووي أو الترتيبات الأمنية الإقليمية، والآخر أن تأخذ إيران في الاعتبار وجود واقع جديد يوجب وقف تدخلاتها في دول الخليج ومراجعة مشروع «تصدير الثورة» ومجمل السياسات الكارثية التي ارتكبتها في إطاره. في الحالين، تجد دول الخليج أن عليها الكثير من العمل، خصوصاً العمل معاً ومع العرب، لتبديد أي خطر أو تهديد، لأن الضمانات والتطمينات لا تكفي، ولأن توقّع التغيير في سلوك إيران يستند إلى منطق يبدو معدوماً في مرجعها الأيديولوجي.

يُؤمَل بأن يكون باراك اوباما أيقن بأن اندفاعه المستميت إلى «الاتفاق» مع إيران شيء، وأن التهاون مع أمن الخليج والتخريب الإيراني لآخر منطقة عربية مستقرّة شيء آخر. وكان واضحاً أنه عمل على تسويق تهرّبه من توقيع «اتفاق دفاعي» مع قادة الخليج لمصلحة الاتفاق النووي، محاذراً استفزاز إيران أو إغضابها أو إعطاءها ذريعة لتعقيد المفاوضات، ومحاولاً تضييق الهوّة بين ما يريده وبين ما يطلبه الخليجيون لكنه تمسّك ب «الممكن» حريصاً على عدم تجاوزه، ومن هنا جاء إغراق أزمة الثقة بينه وبين قادة الخليج في تفاصيل «شراكة أمنية» بدت ضرورية لإعطاء معنى وعمق للتعهدات الأميركية. ويمكن عزو التفاصيل العسكرية ل «الشراكة» إلى كونها المرّة الأولى التي تهتم فيها الولايات المتحدة ببناء منظومة دفاعية خليجية متكاملة، بعدما استشعرت قلق الخليجيين وتصميمهم وشخّصت جسامة الخطر الذي تتعرّض له دولهم.

يُؤمَل بأن يكون اوباما فهم أخيراً أن إبعاد خطر «قنبلة نووية» غير موجودة بعد لا يعفيه والمجتمع الدولي من تعطيل «قنبلة مذهبية» برهنت أنها أشدّ خطراً، وبأن يكون لمس أخيراً توظيف إيران للإرهاب وتسميمها كل مكان عربي قصدته. فحتى الآن ورغم تغيّر الظروف لا يزال هناك «داعشان»، واحد أنتجه النظامان السوري والإيراني ويواصلان تشغيله في عدد من مناطق سورية، وآخر يقاتله النظامان بعدما خرج عن عصمتهما. وقد برهنت الوقائع أن «الثورة الإيرانية المصدّرة» لم تجلب للسوريين والعراقيين واليمنيين سوى الإذلال والتجويع والتشريد ودمار الوطن وضياع المستقبل، حتى غدا المصير واحداً في سواده سواء كانت السيطرة لإرهابيين توجّههم إيران أو متفلّتين تسيّرهم غريزة القتل.

ولأن الإرهاب كان بين الهموم الرئيسية للمجتمعين في كامب ديفيد، فلا بد أن أنباء اجتياحات «داعش» في الأنبار بلغتهم وقد تكرر فيها بعض عناصر سيناريو الموصل قبل عام تقريباً: انسحاب أو هروب للقوات الحكومية، قوافل لعشرات آلاف النازحين نحو بغداد كملاذ وحيد متاح، ومئات الأسرى من مدنيين وعسكريين وقعوا في أيدي التنظيم وسرعان ما أُعلن ذبح خمسمئة منهم. كان الكل يعلم خطورة الوضع في الأنبار، وحول مدينة الرمادي تحديداً، لكن السلطة لم تعط أولوية لتعزيز دفاعاتها منعاً لسقوطها كلياً.

رغم ما يروّج عن اختلاف بين حكومتي نوري المالكي وحيدر العبادي، فقد تبيّن أنهما ينفّذان مخططاً إيرانياً واحداً قوامه تصنيع «داعش» وترسيخه في المحافظات السنّية، فالمالكي أمضى نحو عامين يضغط على تلك المناطق كي تخضع لذلك التنظيم وتبرر تدخل جيشه «لإنقاذها» ب «إخضاعها»، والعبادي أضاع الشهور الماضية في جدليات عقيمة حول تسليح السكان فكان بدوره يضعهم أمام خيارين: إما البقاء تحت نير «داعش»، أو تتولّى ميليشيات إيران «تحريرهم» ب «إخضاعهم». بل إنه أعطى شرعية قانونية لتلك الميليشيات وأعفى طهران من عبء تمويلها، بل إنه ترك عسكرييه وأمنييه يُنزلون أسوأ أنواع الإذلال بالنازحين داخل بلدهم. وطالما أن ممارسات «الحشد الشعبي» و «داعش» متقاربة، فإن عراقيي نينوى والأنبار وصلاح الدين وجدوا أنهم مدعوون للتخلّي عن الأمل بالخلاص من تنظيم إرهابي لا مستقبل له لمصلحة مستقبل ترسمه لهم إيران من خلال تنظيم آخر يمثّل إرهاباً «مشرعناً» ترعاه دولتهم. أي إرهاب مذهبي يُحارب بإرهاب مذهبي آخر هو تكريس للإرهاب. وأي «تحرير» يُعهد به إلى «الحشد الشعبي» هو إمعان في إنتاج «الدواعش» وإدامتهم.

العراق عينة ذات دلالة، لأنه نموذج لا تزال الولايات المتحدة معنيّة، لكن تقاسمها النفوذ مع إيران رجّح كفّة هذه الأخيرة على نحوٍ قوّض وحدة البلد ومزّق نسيجه الاجتماعي وأدّى إلى تغوّل فئة على فئة كما بينت أخيراً اعتداءات الأعظمية في بغداد. وإذ دعمت قمة كامب ديفيد الحكومة العراقية في محاربتها إرهاب «داعش» فإنها أصبحت تعرف ماذا يعني ذلك عملياً، فإيران هي التي تتحكّم بجهود الحكومة وتديرها. صحيح أن القمة «شجّعت» حكومة العبّادي على إجراء «مصالحة وطنية حقيقية» لكن الجميع يعلم أن إيران لم تحبذ يوماً هذا الاستحقاق الوطني، لذا فهو لم يكن على جدول أعمال الحكومة السابقة أما الحالية فتتعامل معه بالمراوغة. هذا هو الواقع الذي يعترف به جميع من تولّوا ويتولّون الآن ما يسمّى «ملف المصالحة».

ولأن «الالتزام» الأميركي في النموذج العراقي هزيل إلى هذا الحد، ولا يبالي إطلاقاً بالبُعد العربي، أي أن حاله كحال «الالتزام» الأميركي بالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن الخليجيين وسائر العرب المعنيين بسورية واليمن ولبنان ملزمون بالحذر الشديد، لأن هذه الأزمات بلغت ذروتها ولم تبدأ المفاوضات الأميركية - الإيرانية بشأنها بعد. فكما كانت إدارة اوباما في المفاوضات النووية مقبلة على تنازلات ومهجوسة بإرضاء طهران، فلا مؤشر إلى أن أداءها سيختلف في الملفات الإقليمية السياسية، سواء في بلورة أميركا لأهداف استراتيجيتها الجديدة أو في سعيها إلى ترتيب مستقبل علاقتها مع نظام الملالي. أما واجب الحذر فلأن إيران لم تعد بعد المجتمع الدولي، وهذه العودة ليست مؤكدة حتى بعد إنجاز «الاتفاق النووي» كما يتوقّع الأميركيون. ولذلك فإنها ليست/ ولن تكون معنية ب «المبادئ» الثلاثة التي توافق عليها قادة الخليج والرئيس الأميركي.

فمبدأ «احترام سيادة الدولة» ستعتبره إيران «مؤامرة استعمارية - رجعية» على «محور المقاومة»، لأنه يناقض مبدأ «تصدير الثورة» الذي يقود قاسم سليماني وسواه من جنرالاتها إلى الجبهات في سورية والعراق، ويقود علي أكبر ولايتي مستشار المرشد إلى الإشادة بانتهاكات «حزب الله» للسيادة بعد لحظات من لقائه مع رئيس الوزراء اللبناني، ويقود وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان إلى بغداد لحضّها على إنهاء ترددها في إرسال الميليشيات إلى الرمادي. وبالطبع ترفض
طهران المبدأ الثاني القائل بأن «لا حل عسكرياً للنزاعات الأهلية بل بالوسائل السياسية والسلمية»، إذ إن أتباعها سبق أن أنهوا أزمة سياسية باجتياح عسكري لبيروت، ولا يزالون يفضّلون حلاً عسكرياً في سورية معطّلين أي مسعى سياسي جدي ولو بتوافق أميركي - روسي، ويعطّلون حالياً أي حل لا يعترف ب «إنجازاتهم» الميدانية في اليمن. يبقى المبدأ الثالث وهو أن «الحكم يجب أن يشمل الجميع، ويحترم حقوق الإنسان، ويحمي الأقليات»، وقد ترى فيه إيران تدخلاً في شؤونها بالنظر إلى معاملتها للعرب والكرد، أو حتى تدخلاً في شؤون سورية حيث اتّبع النظام الأقلوي نهج الاحتقار لحقوق الغالبية.
ليست لإيران مصلحة في هذه المبادئ السلمية لأنها مناقضة لأيديولوجيتها ولما تعتبره استثماراً ثورياً كلّفها الكثير فيما كانت ترزح تحت العقوبات، لكنه جاء بالنتائج التي توخّتها. وخلافاً لأطراف قمّة كامب ديفيد لا تحترم إيران سوى مصلحة الفئة التي ترعاها، لذلك فهي ستدفع الأميركيين إلى القبول ب «تسويات» تراعي موازين القوى المسلحة. فبهذا المنطق يمكن إيران أن تكسب ما تعتبره «مصالح» لها في سورية أو في اليمن.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.