فى الماضى كان شعار وزارة الصحة: الداخل مستشفيات الحكومة مفقود والخارج منها مولود، وأحيانًا كان المرضى يدخلون المستشفيات فيبرأون من أوجاعهم، اعتمادًا على أن مازال فى العمر بقية وليس نتيجة الرعاية الطبية التى يتلقاها فى المستشفى، فى ذلك الوقت كان الدستور يتحدث عن قضية الصحة على الهامش فدمجها مع كفالة الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية، وتعمل بوجه خاص (هكذا قال الدستور) على توفيرها للقرية فى يسر وانتظام رفعًا لمستواها وضاعت قضية الصحة وسط هذه الارتباك والتضارب، لكن حاليًا بسم الله ما شاء الله، قضية الصحة أفرد لها الدستور مادة مستقلة مكونة من 130 كلمة، أهمها أن الدستور جعل امتناع المستشفيات، أى مستشفى، عن تقديم العلاج بكافة أشكاله المختلفة لكل إنسان، أى إنسان، فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة، بمعنى أن المستشفى، أى مستشفى حكومة، خاص يمتنع عن استقبال حالة طوارئ مثل مصاب فى حادث، أو تسمم أو أى مرض مفاجئ يهدد حياته، فإنه يكون ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون. كما كان الدستور كريمًا فى قضية الصحة، فرفع الانفاق الحكومى على الصحة بالا يقل عن 3٪من الناتج القومى الاجمالى، ويتصاعد هذا الاعتماد تدريجيًا حتى يتفق مع المعدلات العالمية، بمعنى أن المواطن المصرى يتلقى رعاية صحية وعلاجًا مثل المواطن الأمريكى، الدستور وقف مع الغلابة، وجعل لهم تأمينًا صحيًا، جزء منه باشتراك للقادرين، وجزء مجانا للغلابة، كل ذلك كلام حلو، لكن فى الواقع، وفى ظل هذا الدستور الذى جعل لكل مواطن الحق فى الصحة وفقًا لمعايير الجودة، يعنى مش أى كلام، تغير شعار وزارة الصحة الذى كنا نسخر منه عندما كان يدخل المريض إلى مستشفيات الحكومة فلا يجد غير الوجوه المبتسمة التى نسميها ملائكة الرحمة، لكن لا علاج، ولا أدوية،وكان المريض يطالب باحضار الشاش والقطن معه إلى المستشفى، ما هو الشعار الحالى، هو اكرام المريض دفنه على حسابه!! حتى المستشفيات التى كان يدخلها المريض فى الماضى باعتباره مفقودا أصبحت لا تقبل المرضى فى ظل الحقوق الدستورية التى وردت فى المادة 18 من الدستور فى 130 كلمة. فى الوقت الحالى يموت المرضى على أبواب المستشفيات، يقابلون ربهم وفى حلوقهم غصة من الحكومة ومن وزير الصحة ومن أهلهم، لأن لا أحد عمل اللى عليه وترك الباقى على ربنا، لماذا أهلهم، لأنهم يعتقدون أنهم قصروا فى علاجهم لأنهم فشلوا فى ادخالهم المستشفى وعندما تعبوا من اللف على المستشفيات، يلقنون مريضهم الشهادتين حتى يسلم روحه لله. الآلاف يموتون بهذه الطريقة على أبواب المستشفيات ولا أحد يسأل عنهم، لهم الله، وعلى الحكومة اللعنة، وعلى وزير الصحة أن يقدم استقالته لأنه فشل فى تطبيق الدستور، لا أقول إنه ينتحر، لأننى لا أنصحه بذلك لأن الانتحار حرام، وهو لن يفعلها، لأنه لو كان يفكر فى الانتحار لأنه فشل فى تطبيق قرار اتخذه بإلزام المستشفيات باستقبال المرضى فى حالة الطوارئ وعلاجهم لمدة 48 ساعة على حساب الدولة، لكان على الأقل استقال، أو اتخذ قرارات عاجلة، تعلن للرأى العام ضد هذه المستشفيات التى تخرج لسانها للمرضى الفقراء، الذين يموتون على أبوابها، وهم يدعون على الحكومة أن تلقى مصيرهم. أسأل وزير الصحة: هل تقرأ الصحف، لتطلع على المآسى التى تنشر يوميًا لمرضى فقدوا حياتهم لرفض المستشفيات استقبالهم فى حالة الطوارئ بعضهم مصاب فى حادث، ذهبوا إلى المستشفيات ينزفون، وبعد اللف على أكثر من مستشفى أسلموا أرواحهم إلى خالقها. كل ما فعلته وزارة الصحة أنها نشرت أرقام تليفونات ليتصل بها المرضى للشكوى من المستشفيات التى ترفض استقبالهم مع نصيحة من الوزير للمريض ألا تترك حقك، لو كان عندك وقت يا سيادة الوزير فندلك على مئات الحالات التى ترفض المستشفيات استقبالها يوميًا، فمنهم من يموت على أبواب المستشفيات، ومنهم من يموت على فراشه فى منزله، وتليفوناتك لا ترد عليهم لإنقاذهم وإذا ردت تتم زحلقتهم!! اتقوا الله فى هذا الشعب الذى خرج من حفرة فوقع فى دحديرة، واحذروا دعوة المظلوم.