في اتوبيس خط 173 تذكرت الدكتور عادل عز وزير البحث العلمي ووزير التربية والتعليم بعض الوقت، كان قد أصدر قرارا جريئاً بحظر التدخين في الوزارة وجميع المصالح التابعة لها، واثار هذا القرار الذي تمسك بتطبيقه حرصا علي الصحة العامة، واحتراما لأماكن العمل اهتمام الرأي العام، وعضب المدخنين، وتوجهت الي مكتب الدكتور عادل عز في وزارة البحث العلمي بشارع قصر العيني لأحاوره حول هذا القرار، وفوجئت به ثائرا وأنا أدخل مكتبه، وأمامه شخص يشعل سيجارة، وعرفني به بأنه رئيس مدينة مبارك العلمية وفرض عليه الدكتور عادل عز غرامة فورية قدرها خمسون جنيها لصالح صندوق العاملين بالوزارة دفعها رئيس المدينة معتذرا. نجحت فكرة الدكتور عادل عز حتي خروجه من الوزارة، وفشلت الوزارات الأخري وباقي المصالح الحكومية في تقليده، واستفادت لجنة الصحة بمجلس الشعب من فكرة الدكتور عادل عز وتبني الدكتور حمدي السيد مشروع قانون يحظر التدخين عن طريق منع بيعه ولم يستطع تنفيذه، وأقنع مجلس الشعب والحكومة بكتابة تحذير علي علبة السجائر المحلية «التدخين ضار بالصحة، ثم تطورت إلي «التدخين يسبب الوفاة»، وتضمنت المواد الأخري لمشروع القانون حظر التدخين في وسائل المواصلات العامة والأماكن المغلقة، وفرض القانون غرامة علي المخالفين لهذا القانون. تذكرت كل ذلك وأنا في أتوبيس خط 173 بعد أن كادت تقع مجزرة داخله بسبب التدخين بعد أن انتهي تقريبا التدخين داخل أتوبيسات النقل العام، الغريب فيما حدث أن جميع ركاب الأتوبيس فشوا غلهم في الحكومة خلال الخناقة التي حدثت بين الكمساري وأحد الركاب، الشتائم والسباب التي وجهها الركاب رجالاً وسيدات للحكومة لا أستطيع ذكرها في هذا المكان لأنها كلام قبيح، الستات تصوت، والفتيات يتوسلن بالسائق الوقوف للنزول والبعض قال احنا نروح القسم، السائق توقف علي جانب، ورجع إلي نهاية الأتوبيس ولكنه فشل في فض الخناق، وأقنع الكمساري بأن يتجه معه الي مقدمة الأتوبيس حيث كرسي القيادة لاستئناف السير، ومر الاثنان امام الركاب، وكان الكمساري يشعل السيجارة، ويوزع أنفاسه علي الركاب، كنت أعتقد أن الراكب هو الذي كان يدخن ومنعه الكمساري، وطالبه باحترام القانون، والتعليمات الموزعة علي الأتوبيسات، ولكن تبين العكس، إن الكمساري هو الذي كان يدخن، وحاول الراكب منعه لأنه يعاني من مرض في جهازه التنفسي ولا يتحمل دخان السجائر، فنشبت المعركة بين كل الأطراف، وكل واحد أفرغ طاقته السبابية في الحكومة. الكمساري قال وهو يجلس علي كرسي احتياطي صغير بجوار السائق بعد شد نفس طويل من سيجارته، انه كان يستطيع ركن الأتوبيس في الموقف ويدخن السجائر ويشرب الشاي براحته، ولكنه يخاف من أن تتعطل مصالح الناس وهو لا يري غرابة في أن يدخن داخل الأتوبيس، بعض الركاب أيده، والبعض الآخر قال له تطبيق القانون واجب عليك أنت الأول، والبعض استمر في شتم الحكومة والنظام والدولة والشعب خاصة الستات. قال الكمساري عندما اقترب الأتوبيس من قسم امبابة، حاولت تطبيق القانون أكثر من مرة، ونزلنا ركاباً عند القسم، وكان ينتهي الموضوع بالتصالح. الكمساري انتهي من تدخين السيجارة وهدأت الثورة والصراخ داخل الأتوبيس، ووقف رجل وقور يسأل الركاب ايه مش عاجبكم في الحكومة؟ رد عليه أحدهم قائلا قول لنا انت حاجة عاجباك، وقف أحد الركاب وقال دي حكومة.... غلت علينا السجاير. ردت عليه احدي الستات بنبرة عالية شديدة اللهجة شوف الراجل طاب قول غلت اللحمة، رد الراكب عليها: لا اللحمة ماعرفهاش ده حتي الحكومة مطروح عليها مشروع لتقنين تجارة الحشيش وزراعته. نزلت من الأتوبيس قبل نهاية الخط شاهدت «توك توك» تنطلق منه أغنية فنان الشعب: «أنا شارب سيجارة بني»، قلت فينك يا أحمد عيد كان عندك حق عندما قلت هابطل السجاير واشرب بانجو!.