قال الكاتب الفنان ألبرتو موراڤيا: الفنان يبكي لأن العالم من حوله، كله، مخطئ! أقول ذلك حيث تذكرت الفنان عادل إمام عندما ظهر يوما في التليفزيون قبل ثورة 25 يناير لينحي باللائمة علي الشعب لأنه يريد أن يحيل كل شيء علي الحكومة دون أن يعمل هو.. والمثير في الأمر أن رأي الفنان هذ قد جاء إبان كانت السلطة الحاكمة منشغلة في سرقة الشعب وسلب حقوقه لتوزيعها علي بعضهم كما ظهر ذلك أعقاب الثورة، خلال احتكارها لسوق الأعمال في كل مناحي الحركة الاقتصادية دون أن تعطي أدني فرصة للشباب العاطل، بل تخطط لتوريث ابن الجالس علي عرش الفساد والعبث، وتقوم بتزوير الانتخابات وتكميم الأفواه وتلفيق التهم للأثرياء كما حدث مع خالد سعيد بالإسكندرية.. وبما أدي كله لصورة وانفجار 25 يناير. وكان عجبا أن يقف الفنان الكبير عادل إمام الذي نحبه جميعا ليخطئ خطأ آخر فيقول: المظاهرات دي قلة أدب! بدلا من أن يفيق من خطئه يوم انحاز للسلطة الجشعة ضد الشعب العاطل المحروم! ومنذ عدة أيام صرح الفنان بأن واجب الفن هو توجيه المجتمع اتساقا مع الفكر اليساري بأن الفن للحياة، والحقيقة الخالصة بأن الفن للفن - كما علمنا استاذنا الكبير عباس العقاد - وحتي يتحقق بذلك إنتاج آيات رائعة من الفن تنطق بالإبداع أو تصبو للإعجاز.. وعندما يصبح الفن للفن ذاته فهو بالتالي يؤدي خدمته تلقاء للحياة حتي يجعل منها جنة من الفنون الفردوسية.. أما توجيه المجتمع فهو مكفول برعاية المفكرين والمثقفين والمصلحين عامة، وينصب دور الفنان في مدي نجاحه بالأداء التشخيصي للفكرة التي يصبو إليها المفكر الخالق حتي تصل رائعة مكتملة الي وجدان المتلقي.. إلا باستثناء لو تدخل طموح فنان عظيم بأن يؤلف بنفسه دورا ويقوم بصياغته فكريا، أو أن يعمد إلي اختيار عمل يناسبه يمكنه من تحقيق رسالة اجتماعية يؤمن بها فلا مانع أن يدخل به عملا متكاملا من كمالات الفن، وذلك تجاوزا.. من باب الفن للحياة! أعجب للفنان عادل إمام أنه استطاع بالفعل أن يقدم لنا مسرحيات إنسانية هادفة معتمدا علي أداء تشخيصه التلقائي الباهر علي خشبة المسرح، بينما يخرج علينا بشخصية أخري علي مسرح الحياة تختلف تماما عما جاء بأقواله وآرائه! حقا إن الفلسفات السيكولوجية تقرر بأن للإنسان عدة شخوص داخله، لكن أيمكن للمرء أن يترك شخوصه بلا ضابط حتي تتناقض مع بعضها فيبدو بصورة غير سوية.. أو موضع نقد يظلم نفسه فيه! كما أتمني من قلبي أن يقف الممثل الفنان عادل إمام مع الكاتب الفنان ألبرتو موراڤيا في خندق واحد، حتي يبكيا - فلسفيا - لأن العالم، من حولنا، كله مخطئ؟! وسبحانه الأعلم بما لا نعلم. توفيق أبوعلم