منذ عدة أيام وقع سمعي على صوت اذاعة راديو مصر تقول: «يقولون في الأمثال أن العبد في التفكير والرب في التدبير» لكني شايفة أن الواحد لو سلم عقله لله.. ويكف كده عن التفكير والتدبير معاً ولا يفعل شيئاً بالمرة فسوف يحل الله له كل شىء بلطفه وسوف يرى الدنيا جميلة، واستطردت حديثها الحواري ضاحكة: لن تكون هنا مشاكل أبداً.. يعني.. أيوه!!» والمذيعة الجامعية تتصور أنه بالغائها لشخصيتها تماما ودعوتها المستمعين لأن يفعلوا مثلها انما تدعوهم لأن يتبوأوا درجة عالية من الايمان دونما تدري أن ريفية أمية لا يمكنها أن تخرج مثل هذا الكلمات الفارغة جداً والمملوءة كلية بكل مظاهر التخلف الثقافي والحضاري، والتي تبث في طياتها سموماً قاتلة تودي بعقول الكافة من العامة الى الدمار، والذي يودي بدوره - مع تكرار مثيلاته - بالمجتمع الى القهقرى بل العدم..!؟ بما يجعلنا إزاء كارثة فجة! - ولو أننا قد نحينا جانباً الفلسفات الدينية والفكرية والوجودية، وافترضنا وهما أن دعوة الاعلامية الجامعية صحيحة فما هى حجة المنطق في حكم الله سبحانه على مخلوقاته بالصواب أو الخطأ أي بالثواب والعقاب.. لأنه إذا وصلنا الي مجتمع لا يفكر أو يعمل أو يتحرك أي قوما جامدون لا يفعلون شيئا لأنهم لم يفطنوا بأن هناك فارقاً كبيراً جداً بين التوكل والتواكل وبأن هناك مسافة كبيرة من الفعل الإيجابي من مجموع إطراء التقدم والرقي الذي أدى الى الحضارة الانسانية التي وصلنا اليها، والتي جاءت ثمرة الفكر الانساني والاهتمامات البشرية والهمة العالية. - إن هناك وظائف محددة بمصالح رسمية يؤثر شاغلوها في عشرات الأشخاص، لكن هناك وظائف يؤثر شاغلوها في الملايين مثل ما يحدث بالجهاز الاعلامي، وربما يستوجب استبعاد المحسوبيات فيه أو المجاملات بل اجراء اختبارات صعبة حتى لا يتميز شخص عن آخر الا بالكفاءة والشخصية معاً، مع عقد دورات تدريبية فنية باجازة ثقافية تسمح بالتعامل مع الميكروفون. - واسأل كمسئول سابق بأجهزة الثقافة والاعلام: أين كان الاعداد والمونتاج والاخراج في هذا البرنامج أو الفقرة التي أعطت فرصة لمثل هذه الاعلامية الجامعية لتبث سمومها على الهواء «ولا غرابة أن اكررها ثانية» في آذان الملايين من الناطقين بالضاد داخل مصر وخارجها. - وأؤكد أن مثل هذا الخطأ الجسيم في أي بلد في العالم كاف بمساءلة مدير الاذاعة واعفائه من منصبه، وبنقل هذه المذيعة الى مصلحة ريفية ليكون تعاملها مع عدد محدود أو ليمكن لريفية أمية أن تعلمها كيف تفكر أو كيف تحسب الكلمات قبل أن تقذفها من فمها؟! وسبحانه الأعلم بما لا نعلم.