لقد بين لنا الله في القرآن أن المؤمن لا يقتل مؤمناً أبداً إلا ما كان على وجه الخطأ. قال الله تعالى:(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئا)أي لا يستحل قتله لأن العمدية المطلقة من كل وجه لا تتصور إلا من الكافر لأن القتل من الكفر العملي. وقد ساوى الإسلام بين الناس في الحقوق الشخصية حيث قَالَ رَبُّنا تَبارَكَ وَتَعَالَى: { وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ }. وَفِي حَدِيثِ النبي " يا أَيُّها النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَباكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى"[أَخْرَجَهُ أَحمدُ مِنْ حديثِ جابرٍ - رضي الله عنه -]. كما نبهنا الإسلام على خطورة الاعتداء على المسلم, ولو أردنا أن نقف على عِظم قتل المسلم, فلنستمع إلى هذا البيان النبوي العظيم, حيث يقول رسولنا - صلى الله عليه وسلم - : " لَزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ".. وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار " رواه الترمذي وصححه الألباني. ولنعلم أن باب التوبة الواسع يضيق على الإنسان إذا أراق دمًا معصومًا ففي صحيح البخاري, عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فيِ فُسْحَةٍ - أَيْ سَعَةٍ - مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً "[أَخْرَجَهُ البخاريُّ]. ولنعلم أيضاً أن قضية القتل مؤجلة حتى ينظر الله فيها يوم القيامة فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا؟ قَالَ: {جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ، مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا نَزَلَ وَحْيٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا، ثُمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ: وَأَنَّى لَهُ بِالتَّوْبَةِ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ: رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذًا قَاتِلَهُ بِيَمِينِهِ، أَوْ بِيَسَارِهِ، وَآخِذًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ، أَوْ بِشِمَالِهِ، تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا فِي قُبُلِ الْعَرْشِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ عَبْدَكَ فِيمَ قَتَلَنِي؟ وفي رواية حتى يُدنيَه ( أي يدني المقتول ) من العرش " ( الأوداج: العروق المحيطة بالعنق, وتَشْخُب: أي تسيل ). وللحديث بقية في اليوم التالي.... إمام وخطيب مسجد السيدة زينب