تحل غداً "الأحد" الذكرى السابعة والخمسون لإعلان دولة الوحدة المصرية السورية, وهو حدث قومي عربي مجيد, في وقت يواجه فيه العالم العربي الآن تحديات جديدة ومغايرة لما كانت عليه الحال في زمن الوحدة المصرية السورية. تأتي ذكرى الوحدة المصرية السورية في ظل دعوات لصحوة عربية جديدة تستند على نظام عربي جديد وتسهم أيضا في ترسيخه, في الوقت الذي يتوغل فيه الإرهاب في سوريا ويهدد وجودها كدولة بعد أن ألحق بها خسائر فادحة بتراثها الثقافي وشواهد حضارتها الإنسانية المتسامحة كما لا يتردد في ذبح بشر ابرياء هنا وهناك امام الكاميرات. تدعو ضرورات الأمن القومي العربي أن يكون النظام العربي الجديد قادراً على التصدي لأي طرف محسوب على الأمة العربية لدى قيامه بالأقوال والأفعال بمساندة الارهاب, والتورط في مستنقع الإرهاب الذي يشكل خطراً داهماً على هذه الأمة. وهناك اتفاق عام ومحسوس بقوة في الشارع العربي على انه لم يعد من المقبول أن يستمر طرف ينسب نفسه للأمة العربية في حروبه الإعلامية التي لا تخدم سوى أعداء هذه الأمة وفي وقت تسعى فيه بعض القوى الإقليمية غير العربية لاحتكار الحديث باسم الإقليم كله بما فيه العرب، فضلا عن احتكار أدوات القوة غير التقليدية. وإذا كانت مصر شكلت القاعدة الراسخة للقومية العربية في سنوات الخمسينات والستينات من القرن العشرين, ولم تتردد في تلبية المطلب السوري بإقامة دولة الوحدة, فإن مصر أرض الكنانة اليوم تشكل الدرع والسيف للأمة العربية في مواجهة مخاطر الإرهاب, ويبادر جيشها العظيم بالرد على جريمة شنعاء ارتكبتها عصابة إرهابية عندما ذبحت مواطنين أبرياء. ومن دواعي الفخر القومي للمصريين أن مصر نأت بنفسها عن أي عمل عسكري لفرض استمرار دولة الوحدة التي عرفت بالجمهورية العربية المتحدة بعد الانقلاب الذي دبرته مجموعة إنفصالية في سوريا عام 1961, كما أن مصر لم تقم أبدا بأي عمل عسكري بقصد التدخل في شئون أي دولة عربية أخرى. وأكد الرئيس "عبدالفتاح السيسي" في لقاء أمس الأول "الخميس" مع عدد من رؤساء تحرير الصحف الرئيسية في دول حوض النيل والجنوب الإفريقي على أنه يجب التصدي لمن يبررون القتل باسم الدين ويصنفونه في إطار الجهاد. وأوضح الرئيس "السيسي" في هذا اللقاء أن الضربة الجوية المصرية لمعاقل التنظيم الإرهابي في ليبيا كانت مركزة واستهدفت العناصر الإرهابية فقط, لافتا إلى انه على الرغم مما هو معروف عن حجم وقوة الجيش المصري الا أنه لم يقدم على غزو أي دولة طمعا في مواردها أو ثرواتها, ولكنه يدافع عن الوطن ويحمي مصالحه ويسهم في القضاء على مصادر تهديد الأمن القومي المصري وفي مقدمتها الإرهاب. وأوضح سامح شكري، وزير الخارجية، في الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي أخيرا حول الأوضاع في ليبيا أن الحل السياسي في ليبيا ضرورة لا غنى عنها ولكنه لن يغني عن مواجهة الإرهاب عسكرياً. وأشار "شكري" إلى خطورة المشهد الراهن في ليبيا مؤكدا أن هناك أطرافاً مسلحة وممولة من أنظمة وقوى إقليمية ودولية. وقال "شكري" إن مصر تستشعر تهاوناً من المجتمع الدولي حيال الميلشيات المسلحة في ليبيا بكل ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لأمن المنطقة والبشرية كله.. وأوضح "شكري" أن أهداف النظام العربي الإقليمي الجديد هو مواجهة تحديات العصر وتحقيق التنمية. كما أن هناك دعوات يطلقها مثقفون مصريون وعرب لفرض تدابير عقابية عربية على أي طرف عربي أو إقليمي يدعم الإرهاب بأي صورة من الصور, بما في ذلك التورط في مخططات قوى غير عربية لإسقاط الدول في العالم العربي او إعادة رسم خارطة المنطقة على نحو يحقق مصالح هذه القوى. ويعتبر المثقفون العرب أن الإرهاب بتنظيماته وجماعاته مثل تنظيم داعش مجرد لعبة تستخدمها القوى المعادية للأمة العربية لاستنزافها وتحقيق المزيد من تفتيتها.