الحال الفلسطينية تجري حوار مع الزميل محمد عادل العجمي حاوره- علي الأغا: الاربعاء , 10 أغسطس 2011 13:55 اختتم مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت-مكتب غزة أواخر الشهر الماضي "دورة الصحافة الاقتصادية" ضمن مشروع "قادرات" والذي ينفذه المركز في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالشراكة مع منظمة اليونسكو، حيث يهدف المشروع إلى تحقيق تمثيل أفضل للصحفيات في وسائل الإعلام الفلسطينية. وقد قام بالتدريب الصحفي محمد عادل العجمي نائب رئيس القسم في صحيفة الوفد المصرية والحائز على المركز الأول في التفوق الصحفي بنقابة الصحفيين المصريين عن الصحافة الاقتصادية لعام 2008. وبعد عودته إلى القاهرة أجرت صحيفة "الحال" الفلسطينية هذا الحوار معه: *كيف وجدت الصحافة الاقتصادية في فلسطين من خلال متابعتك لها خلال الفترة الماضية؟ -لا يوجد اهتمام بالصحافة الاقتصادية، بالمعني المتعارف عليه، فالنواحي السياسية والاجتماعية طاغية بشكل كبير على الصحافة. *أين تكمن مواطن الضعف والخلل في الصحافة الاقتصادية الفلسطينية؟ -مواطن الضعف في عدم اهتمام وسائل الإعلام المختلفة بالصحافة الاقتصادية، والتركيز على الشأن السياسي، على اعتبار أن القارئ يهتم أكثر بالسياسة، وأنا لست مع هذه النظرية لان لكل صفحة في الجريدة من يفضلها مثل الرياضة، الأدب، الفن والحوادث وغيرها، وكذلك تخصيص صفحات اقتصادية سيكون لها جمهور، وبالتأكد هذا فيما يخص الصحف المطبوعة، أما وسائل الإعلام فلابد ان تركز على الشأن الاقتصادي. وأنا لمست بأن هناك وجهات نظر أخري تقول إن قطاع غزة ليس به اقتصاد وهذا من بعض الإعلاميين بالقطاع وهذه نظرة ضيقة لأنه بكل تأكيد هناك اقتصاد، وإيرادات ومصروفات حكومية، قطاع خاص يعمل، وزراعة وصناعة وعقارات واقتصاديات المستهلك وغيرها. ومن مواطن الضعف أيضا ندرة الدورات التدريبية الخاصة بالصحافة الاقتصادية، وكانت مبادرة جيدة من مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت الذي وضع الصحافة الاقتصادية في الاعتبار، لأن الاقتصاد هو المحرك للسياسة. ومن مواطن الضعف عدم الاهتمام الحكومي بالتواصل مع الصحافة، خاصة فيما يخص بالشأن الاقتصادي. *كيف يمكن تنشيط الصحافة الاقتصادية خصوصا أن الاقتصاد الفلسطيني "اقتصاد حرب"؟ -قلت إن الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد حرب، جملة تلخص مدي أهمية التركيز على الصحافة الاقتصادية، بحيث تصبح أهم من الشأن السياسي، وذلك لن يأتي إلا من خلال اهتمام أقسام الإعلام بتدريس تخصص الصحافة الاقتصادية، وهناك دور علي الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الأعمال ونقابة الصحفيين في توجيه نظر الصحفيين للصحافة الاقتصادية وهذا لن يأتي الا من خلال تخصيص صفحات او برامج تهتم بالاقتصاد الفلسطيني، وهذا سيدفع الصحفيين إلي الاهتمام بهذا التخصص. *أثار انتباهك مسألة السلع الإسرائيلية في أسواق غزة –وأنت من المطالبين بمقاطعتها-وهناك من يرد بعدم وجود البديل أو أن السلع الإسرائيلية هي "الأجود"؟ - نعم لا يوجد مبرر لاستخدام السلع الإسرائيلية حتى إذا كانت هي الأجود، أو الأرخص أو غيرها من المبررات، لأنني أنا بمنتهى البساطة أدعم اقتصاد الاحتلال حتى يتمكن من شراء السلاح لقتلي، حتي ولو كان المبلغ بسيطا، كما انني ادعم الصانع والمزارع الصهيوني الذي اغتصب ارضي أو مصنعي وقتل أخي، وعندما كنت في غزة اشتريت "شامبو" وفوجئت بأنه "إسرائيلي"، وأخذته إلي بيتي، فوجدت رفضا قاطعا من زوجتي في مصر، وقلت لأخوتها فكان نفس الرفض. هذا يعطي لي مؤشر ايجابي، ان هناك حسا عاليا في مصر بأهمية المقاطعة للسلع والمنتجات الإسرائيلية، فكيف لا يكون هذا الحس في فلسطين، وهذا يتطلب أيضا ضرورة نشر ثقافة المقاطعة بين جميع أبناء غزة وهذا لا تقوم به الحكومة إنما مؤسسات المجتمع المدني وأهالي غزة، فعلي مدي سنوات طويلة حاول النظام المصري السابق التطبيع مع إسرائيل ولكنه فشل، لماذا؟ لأن الشعب هو الذي رفض هذا التطبيع. *ما هو تقييمك للمحاولات الفلسطينية للاكتفاء الذاتي في بعض السلع؟ -هذا رائع وجهد مشكور ويجب ان يتم الاستمرار فيه، لأننا في ظل اقتصاد مقاوم، ويجب ان تعمل جميع الوزارات علي هذا الأساس فلابد أن يكون لدينا صناعة مقاومة، وزراعة مقاومة ونسعى إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي بقدر الإمكان، ويجب إن يسعى الإعلام إلي دعم كل المحاولات التي تسعي إلي الاكتفاء الذاتي. *ما هو الانطباع الذي خرجت به بعد تدريبك لدورة الصحافة الاقتصادية في غزة؟ - كانت بداية الدورة توحي بعدم الجدوى من الدورة، لأن الصحافة السياسية متأصلة في قطاع غزة، ولكن بعد يومين كان هناك تجاوب كبير، وشعور من الصحفيات بأهمية الصحافة الاقتصادية، وهذا يعطي أملا كبيرا في ان هذه الدورة ستكون البداية الحقيقية لوضع أسس متينة للصحافة الاقتصادية بفلسطين، وهذا يحتاج إلي التواصل دائما مع الصحفيين فيما يخص الصحافة الاقتصادية، وتشجيعهم علي الدخول في هذه التخصص وعقد مزيد من الدورات التدريبية المتخصصة في الصحافة الاقتصادية، مع إتاحة وقت أكثر للتدريب العملي، ويمكن إصدار جريدة اقتصادية خلال فترة الدورة وإنشاء موقع الكتروني متخصص في الصحافة الاقتصادية، إلي جانب عمل مؤتمر موسع للصحافة الاقتصادية. *كيف يمكن رفع قيمة التبادل التجاري بين مصر وفلسطين والانتقال إلى حركة تجارة طبيعية من فوق الأرض وليس عبر الإنفاق؟ - هذا يتوقف في البداية على المصالحة الفلسطينية، فهذا سوف يشجع على زيادة حركة الأفراد إلي جانب الدخول في حركة تجارة طبيعية فوق الأرض، قد يحتاج الآمر إلي تجاهل بعض الاتفاقيات التي وقعها الجانب الفلسطيني مع إسرائيل، ولكن بلا شك مصر وفلسطين سوف تستفيدان من إقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين، بالإضافة إلي ان الجانب المصري مطالب بتشجيع إقامة منطقة تجارة حرة بين قطاع غزة ومصر، لأنه سوف يستفيد بأكثر من 5 مليارات دولار سنويا. *يتعرض الصحفي الاقتصادي للكثير من محاولات الضغط والابتزاز والرشاوي للتوقف عن طرح قضايا تتعلق بالفساد المالي سواء من الحكومة أو من شركات أو بنوك، من خلال تجربتك الشخصية كيف يتصدى الصحفي الاقتصادي لهذه الضغوط؟ -الصحفي الاقتصادي معرض للابتزاز والرشاوي ولكي يقوم ذلك لابد أن تكون لديه قناعة داخلية بأنه أقوي من أي مصدر يقابله، حتى إذا كان رئيس الحكومة أو الدولة أو أغنى رجل أعمال في العالم، يجب أن تكون لديه عزة نفس لا تقبل ان تهان من أي شخصية، او مصدر، لابد أن يعلم بأنه قبل العمل بمهنة الصحافة، ووافق على الراتب الذي يحصل عليه، وهذا لا يبرر أي عمل غير مشروع له وبأن الراتب منخفض لأنه قبل ذلك. ويجب ان يعلم أولا وأخيرا بأن الرزق بيد الخالق عز وجل وسوف يأتيه، فلا داعي للتحايل او قبول الرشاوى او غير ذلك. كل هذا سوف يحصنه مبدئيا من الضغط والابتزاز. اما مسألة إخبار الإدارة فهذا يتوقف على نوعية الابتزاز، فإذا كان قادر على صده بمفرده، فلا داعي لإقحام الإدارة ، خاصة انه ربما يتواطأ احد من الإدارة مع مصدر الابتزاز أو الضغط، أما إذا كان الابتزاز سيصل إلي تهديد حياته فلابد أن يخبر الإدارة بكل التفاصيل. من جهة ثانية، هناك إشكالية فيما يخص الهدايا التي تهدى للصحفيين، هناك جرائد ووكالات دولية ترفضها تماما، وهناك من يقبلها إذا كانت لا تزيد على 25 دولارا. وأيا كان الاختيار الأول أو الثاني، فلا يجب أن يؤثر شيء على طريقة تقديم المادة الصحفية، ويجب أن ننحاز للحقيقة فقط، دون الخضوع للابتزاز او الضغط او غيرها. وأنا شخصيا عرض عليّ مؤخرا التعيين في احد البنوك براتب مغري، يصل إلي 100 ألف جنيه شهريا، وذلك بأثر رجعي منذ تخرجي لوقف حملة فساد في القطاع المصرفي، وطبعا رفضت ولذلك على الصحفي الاقتصادي "الحذر الشديد".